حتى يكون تعافي لبنان ممكناً

حتى يكون تعافي لبنان ممكناً!

حتى يكون تعافي لبنان ممكناً!

 لبنان اليوم -

حتى يكون تعافي لبنان ممكناً

بقلم:حنا صالح

تاريخية هي قرارات حصر السلاح بيد الدولة وبسط السيادة بواسطة القوى الشرعية. والسير بها أولوية حتى النهاية على أن ترفق بتفكيك البنى العسكرية الميليشياوية؛ لأن في ذلك مصلحة وطنية عامة يُحتمها التزام الدستور وخطاب القسم والبيان الوزاري، ليكون ممكناً استعادة الدولة القادرة التي تحتكر قرار الحرب والسلم. وهنا لافت تأكيد رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام: «قرار حصر السلاح بيد الدولة قد اتُّخذ، ومن دون ذلك لا أمن ولا استقرار، ومن دون أمن واستقرار لا استثمار يأتي ولا اقتصاد ينمو».

ولا مكان لمزاعم يجري الترويج لها بأن «اتفاق الطائف» نص على جمع سلاح ميليشيات الحرب الأهلية، وليس «السلاح المقاوم». إنه افتراء على «وثيقة الوفاق الوطني»، التي عدَّت كل سلاح خارج الشرعية مانعاً لقيام الدولة واستعادة هيبتها، ويعزز «الكنتنة» ودور قوى الأمر الواقع لتمارس التسلط والاستئثار. وتجربة «حزب الله» تؤكد ما تقدم مع إضافة جوهرية عن المسؤولية عن مناخ الفتنة الداخلية والاغتيالات إلى أدوار أخرى مباشرة في المنهبة وفي تغطية شركائه في المنظومة السياسية، وتثبيت «قانون الإفلات من العقاب»!

ليس سهلاً هذا المسار؛ فـ«حزب الله» يواصل تمرده وتنمره، ويوزّع تهم التخوين ويهدد بالمواجهة لإسقاط الحكومة لاتخاذها أول القرارات الوطنية منذ فرّط «اتفاق القاهرة» بالسيادة. وتحصين هذه التدابير يفترض الاقتران بخطوات إصلاحية لبسط السيادة المالية والاقتصادية، مع ما يقتضيه ذلك من شفافية في المساءلة والمحاسبة. على أن تستند العملية الإصلاحية إلى العدالة لحماية الحقوق وإعادة المنهوب، ليخلق ذلك «تسونامي» شعبياً داعماً للسلطة يمكنها من وضع قراراتها في التنفيذ وتجاوز عراقيل المتضررين الأقوياء.

تفترض حاجة اللبنانيين كما ضرورات تعافي البلد، تزاوج المسارين السيادي والإصلاحي، وعدم الاستخفاف بالتحديات: عملية جمع السلاح اللاشرعي يعيقها رفض «الحزب» التعاون، وضآلة المعلومات عن ترسانته الباقية وأمكنة التخزين. والأخطر يكمن في وجود أجيال غُسلت أدمغتها لا تدين بالولاء للدولة. يقابل هذه المعيقات أداء مقلق في مسائل الإصلاح والمحاسبة، وضمان إعادة الحقوق المنهوبة. هنا يكفي التوقف عند بعض الأمثلة لرصد مخاطر الخلل في الأداء الرسمي الذي يهدد فرصة تعافي البلد واستكمال تحريره.

قبل أيام نُشر «قانون إصلاح المصارف» فتبين أنه مُعدٌّ لبلد آخر، وليس للبنان الذي عرف أخطر منهبة طالت الودائع وهي جني أعمار الناس. غابت عنه كلمة محاسبة، ولم يعِد بتدقيق جنائي، ولا يشير إلى المسؤولية عن الانهيار المالي، ويتجاهل إعادة الودائع، والحديث هنا يطول 800 ألف حساب، أي 800 ألف أسرة. لكنه يركز على إعادة رسملة غير مشروطة للمصارف إياها، فيقدم إنقاذها على إنقاذ المجتمع.

لعقود شكل التعليم قيمة لبنانية مضافة، وتفترض التطورات السلبية التي طالته إعلان حالة طوارئ لإنقاذ القطاع الذي منح اللبنانيين ميزات تفاضلية. والحصيلة إعلان مخيب بجعل أسبوع الدراسة 4 أيام لأسباب مالية، وهو أمر لم يحصل زمن الحرب الأهلية. لقد كان المنتظر ورشة تحديث البرامج وإلزاميتها، لإزالة ما ترسب في بعض الأدمغة، من تلوث طائفي وعنفي، نتيجة سيطرة قوى مذهبية بعينها على التعليم وابتداعها لمناهج وظيفتها الإعداد للالتحاق بالخارج... فكان مخيباً ما حدث!

بعدما أسقط «شورى الدولة»، الضريبة الجائرة على المحروقات، مبيناً مخاطرها إزاء تواضع المداخيل والقفز فوق دور البرلمان صاحب الحق في التشريعٍ الضريبي، عاد وزير المال ياسين جابر على جاري عادة الحكومات السابقة يتمسك بفرضها قافزاً فوق التداعيات المتأتية عنها لجهة تكلفة نقل الأفراد والسلع كما تكلفة الفاتورة الغذائية. والأخطر تمثل بربطه تعويضات العسكريين المتقاعدين بها ما قد يفضي إلى صدام أهلي!

مؤخراً، أعاد الرئيس جوزيف عون التأكيد بأن البلد مسروق. لكن بعد 8 أشهر على بدء الولاية لم يعد مقبولاً الاكتفاء بالتوصيف. فقرارات بسط السيادة وحصر السلاح بيد الدولة، يكون استكمالها بإجراءات تفتح باب محاسبة الكارتل السياسي المصرفي الميليشياوي الناهب، الذي تحاصص البلد وتساكن مع السلاح اللاشرعي في سرير حكومي واحد. والمنطلق الذي سيلقى الاحتضان الشعبي يكون في استيفاء حقوق الدولة؛ فيطوى التعسف في الضرائب، ويحيى التعليم، وتؤمّن أموال المتقاعدين كما الأجور، وتتطور الخدمات الصحية من دون حاجة إلى الاستدانة. وكمثال، في 4 أشهر ارتفعت جباية الجمارك إلى 457 مليون دولار والمتوقع سنوياً مليار و400 مليون دولار، أي 165 في المائة مقارنة مع العام الماضي، وهذا ليس كل شيء. ومطلوب تحصيل حقوق الخزينة من قطاع الأسمنت والمقالع البالغة 3 مليارات و700 مليون دولار أوقفت تحصيلها وزيرة البيئة تمارا الزين بقرار تعسفي. ولتاريخه لا تجني الخزينة المليارات المستحقة من الأملاك البحرية والنهرية، ولا شفافية في عائدات الدوائر العقارية والهاتف وغيرها... لكن رغم الانهيار تموّل الخزينة دكاكين التعليم بـ340 مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ كفيل بمنع انهيار التعليم الرسمي!

ثنائية السيادة والإصلاح شرط شارط للتقدم باستعادة الدولة موقعها بصفتها مرجعاً وحيداً للمواطنين وممراً إلزامياً لتعافي البلد!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حتى يكون تعافي لبنان ممكناً حتى يكون تعافي لبنان ممكناً



GMT 22:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

سنوات الهباء

GMT 21:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

حضرموت ومنطق الدولة

GMT 20:52 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!

GMT 20:50 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح»

GMT 20:49 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان

GMT 20:48 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

بدور نسجت تاريخها

GMT 20:45 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

على وزن المطار السري

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم
 لبنان اليوم - الجزر وفيتامين A عنصران أساسيان لصحة العين وتحسين الرؤية

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية

GMT 16:36 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة يستعير لاعب الترجي التونسي شاونا

GMT 12:17 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

بوتين والسيسي يترأسان أول قمة روسية إفريقية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon