حل الدولتين لئلا تقوم «جمهورية حيفا»

حل الدولتين... لئلا تقوم «جمهورية حيفا»

حل الدولتين... لئلا تقوم «جمهورية حيفا»

 لبنان اليوم -

حل الدولتين لئلا تقوم «جمهورية حيفا»

بقلم : فهد سليمان الشقيران

لو تأملنا بشهادة كل من شارك في لبّ تبويب فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لوجدنا أن التسويف هو أسّ المعضلة؛ نعم عامل تضييع «الوقت» هو الأكثر فتكاً.

سبب ذلك أن العروض التي تُنتَزع من الإسرائيليين محدودٌ زمنها، وطاقات الزعماء في العالم لن تصرف كلها من أجل قضيةٍ واحدة يعتبرها بعض الرؤساء الغربيين ليست بذات أولوية، وآية كل ذلك أن القضيّة تتراجع قوّة العروض فيها مع تقادم الزمن.

إن هذه الأزمة المعيشة حالياً سببها مركّب من قادة القضيّة بتسويفهم المريب، ومن قوّة إسرائيل وبطشها العنيف، وليس انتهاءً بمغامرات الحركات والأحزاب داخل وخارج فلسطين والتي تجرّ على المدنيين الأبرياء الويلات من دون أي مكاسب على الأرض.

لقد طرح الملك فهد في «فاس» مبادرةً كلُّ من قرأ بنودها رأى فيها الإنصاف حدّ الانتصار للفلسطينيين، ومن بعد قمة «فاس» بعقدين طرح الملك عبد الله «المبادرة العربية للسلام»، وهي امتدادٌ لإرادة الإنصاف للشعب المنكوب، ولكن للأسف ما من مجيب، وكل وقتٍ يمرّ من دون استجابةٍ لعرض يعني منح إسرائيل فرصة للتغوّل والتمدد، وتغيير الخرائط، وهذا ما لم ينتبه له بعض المسؤولين عن القضية.

لم يقع الإسرائيليون في حربٍ أهليّة داخلية، وإنما يتعاركون بقواعد الصيغة الديمقراطية، وضمن مؤسسات الدولة، وفي النائبات نراهم يستبسلون عسكرياً ونظرياً ضد الخصوم.

على المستوى النظري فإن الفلاسفة الإسرائيليين يطوّرون يومياً نظريتهم حول الدولة الإسرائيلية، وذلك عبر تبيئتها مفهومياً ضمن الهويّة اليهودية، حتى بعض العلمانيين والملاحدة من الإسرائيليين يعتبرون دولتهم يهودية بوصفها انتماء هوياتياً وليس بالشرط أن يؤمن بالعقيدة اليهودية، وهذا واضح ومشهود.

إن أولئك يبحثون ويؤسسون لنظرية الدولة باستمرار ضمن عدة مفهومية وسياسية وتشريعية، وينافحون عن مفهومهم بقوّة علميّة كبيرة، بينما يواجه الطرف الآخر كل ذلك بالكلام الإنشائي والعراك المعتاد.

على سبيل المثال، «حلّ الدولتين» الذي دعم عربياً ودولياً يحاول المنظّرون الإسرائيليون سحقه وجعله من الماضي.

مثلاً الفيلسوف الإسرائيلي عمري بوم، صاحب كتاب «مستقبل لإسرائيل»، وهو باعث فكرة «جمهورية حيفا»، يقول: «لا نهاية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا بالمساواة في الحقوق بينهم بعيداً عن حل الدولتين الفاشل».

لكن ماذا يعني بـ«جمهورية حيفا»؟!

يجيب عمري بوم في حوارٍ نُشر بمجلة «قنطرة»، قائلاً: «تعود فكرة (جمهورية حيفا) إلى خطة الحكم الذاتي الموضوعة من قِبَل مناحيم بيغن، والتي تم قبولها في الكنيست عام 1977 في مرحلة التحضير لاتِّفاقية السلام الإسرائيلية - المصرية. صحيح أنَّها تنص على عدم قيام دولة فلسطينية - مناحيم بيغن كان يرفض قيام دولة فلسطينية رفضاً قاطعاً - ولكنها كانت تتيح حقَّ تقرير المصير الوطني للفلسطينيين، وتتضمَّن على الأقل أيضاً حقاً محدوداً في عودة اللاجئين الفلسطينيين. والأهم من ذلك أنَّ جميع الفلسطينيين كان من المفترض منحهم الفرصة ليصبحوا مواطنين إسرائيليين. هذه الخطة لم يتم تنفيذها قطّ. ولكن سيكون من المفيد الاهتمام مرة أخرى بجوهرها، خاصة أنَّها قد تم اقتراحها من قِبَل شخص مثل مناحيم بيغِن، ولذلك من الصعب جداً رفضها واعتبارها «معادية للصهيونية».

وأعلّق بأن هذه الفكرة ربما تكون هي الوجهة الإسرائيلية الحاليّة. فمن دون انتباهٍ ووعي، وإسراعٍ لاقتناص ما تبقى من فرص فإن حل الدولتين وهو آخر ما يمكن الظفر به سيكون من الماضي، ولكن ثمة من لا يأخذ الوقت ولا الزمن على محمل الجد.

الخلاصة أن طرح «جمهورية حيفا» يعني سحق حل الدولتين؛ ثمة ضغط أميركي على إدارة نتنياهو بغية وقف إطلاق النار والبدء بالتفاوض، لكن إسرائيل قبل سنة ليست كما هي الآن، إن إسرائيل أكبر مستثمر بالوقت على عكس خصومها، إنها فعلياً تعتبر اليوم هو الغد الذي كانت تنتظره بالأمس.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حل الدولتين لئلا تقوم «جمهورية حيفا» حل الدولتين لئلا تقوم «جمهورية حيفا»



GMT 20:07 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرية أردنية.. أكبر قضية تستغرق 24 ساعة ثم تختفي!

GMT 20:06 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

الكتاب اليتيم

GMT 20:05 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

ترمب و«الإخوان»... الداء والدواء

GMT 20:04 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

تراخٍ أميركي وتشدد أوروبي لإنهاء الحرب في أوكرانيا!

GMT 20:03 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

السودان... ماذا بقي من «ثورة ديسمبر»؟

GMT 20:02 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

العربية مشكلة سياسية

GMT 20:01 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

مُكْرَه أخاك في كييف... لا بطل

GMT 20:00 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

عانى منها أستاذ شهير

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:38 2020 الخميس ,23 إبريل / نيسان

بريشة: هارون

GMT 05:41 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

كابيكا يكشف سر "رحلة الجنون"إلى أوروبا معلقا بعجلات طائرة

GMT 13:08 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

المريسل يوجه رسالة هامة لجماهير أهلي جدة

GMT 08:29 2020 السبت ,16 أيار / مايو

ومضات

GMT 18:59 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

نفوق "توبي" أكبر وحيد قرن أبيض في العالم

GMT 17:18 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أزياء مبهجة تألقي بها في شم النسيم

GMT 14:47 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

أخطاء في الحياة الزوجية يجب تجنبها

GMT 13:19 2013 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ممارسة الجنس المنتظم يجعلك تبدو أصغر عمرًا

GMT 10:54 2021 الأحد ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

معلم مصري يضرب طالباً بوحشية ويُثير موجة غضب

GMT 11:56 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس مرسي يوقع مرسوم تنفيذ الدستور الجديد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon