هجوم سيدني الإرهاب ليس بحالةِ أفول

هجوم سيدني... الإرهاب ليس بحالةِ أفول

هجوم سيدني... الإرهاب ليس بحالةِ أفول

 لبنان اليوم -

هجوم سيدني الإرهاب ليس بحالةِ أفول

بقلم : فهد سليمان الشقيران

حتى الآن يروّج البعض مقولاتٍ عن نهاية الإرهاب؛ يقولون إن الأصولية في حالة أفول وهذا قولٌ فظيع تنكره الوقائع والأحداث المتتابعة.

لقد أثبتت واقعة سيدني الدموية أن الإرهاب متجذّر وفعّال ولم يكن مفاجئاً أن يستهدف تنظيم «داعش» دولةً مسالمة واعتيادية مثل أستراليا وبخاصةٍ في موقعٍ احتفاليّ ديني.

صحيحٌ أن أستراليا جرّمت «الحرس الثوري» ودخلت جزئياً في تحييد الإرهاب، بيد أنها لم تكن رأس حربةٍ قويّة على غرار أميركا أو الدول الإقليمية التي أخذت على عاتقها تجريم وسحق الإرهاب.

لطالما بقيت بعض الدول مترددةً بشأن الإرهاب وتوصيفه. بعضهم يحيّد «الإخوان المسلمين» الذين هم أساس تكوّن كل هذه المنظمات الإرهابية. بل إن بعض الدول اعتبرت «الإخوان» جماعة مدنيّة تطالب بالحقوق والعدل!

إن هذه الأزمات الإرهابية والعمليات المجرمة مردّها النظريّ كله إلى بيئة وماكينة «الإخوان» المسلمين النظرية.

إن هجوم «سيدني» يعبّر عن تحدٍّ شديد من الإرهابيين وخلاصته في نقطتين اثنتين؛ الأولى: أنهم يتّجهون للمناطق الرخوة والآمنة بغية إيصال رسائلهم السياسية عبر التنفيذ الإرهابي بغية إثبات صلابة وجودهم في كل مكان، وآية ذلك أن الهجوم الذي تحقق به السلطات الأسترالية الآن ليس عابراً وإنما ربما يشكّل سلسلةً قد تتكرر في أماكن عدة ليس لها علاقة بمكافحة الإرهاب ولا مطاردة الإرهابيين وذلك نكايةً بالدول التي تحاربهم وتسحقهم. الثانية: أنهم يريدون تعميم الفوضى، فهم حينما يكونون فوضويين في إداراتهم السياسية، إنما يريدون ترسيخ هذا النموذج على بقية المسلمين والعالم، وما كان الهجوم الهمجي اعتباطياً، وإنما له أساسه النظري الإرهابي الذي قلتُ إن جذره الفكر الإخواني المتأصّل والمؤصّل للجماعات الإرهابية في العالم؛ لقد تربّى أسامة بن لادن والظواهري وحسن الترابي وأبو بكر البغدادي على النظريّة السياسية الإخوانية.

لطالما سعى الإرهابيون إلى تبويب وجودهم في المجال العام عبر استخدام مفهوم «الدولة» أو حتى العولمة؛ بل إن بعض المحللين اعتبروا الجماعات حالة اعتيادية أتت ضمن فضاء العولمة الذي ساد في الثلث الأخير من القرن العشرين، وبخاصةٍ من المفسّرين اليساريين لحالة الإسلام السياسي.

إن التفسير العولمي لموضوع الإرهاب كان مغرياً للإسلاميين وللإرهابيين بوصفه اختراقاً معرفياً لتبرئة ساحتهم من الإدانة والمسؤولية، ولتحميل الغرب والإمبراطورية الأميركية عبء نشوء «القاعدة» بوصفها جريرة أفغانستان، و«حماس» لكونها نتيجة تعثّر موضوع فلسطين، و«حزب الله» لأنها حركة مقاومة تقوم بحماية المدنيين من بغي إسرائيل.

في مقالةٍ للأستاذ مشاري الذايدي عنوانها: «تعايشوا مع الإرهاب» نُشرت بهذه الجريدة كتب مقولاتٍ مهمةً خلاصتها الآتي: «مشكلة الإرهاب الديني أنه يستند، في الأساس، إلى خطاب مغلق نافٍ للآخر، خطاب واثق، مصمت، مجروح، غاضب، هائج، لن يقر له قرار حتى يهدم المعبد على من فيه. خطاب يعتقد أن الكمال مفقود، والمشروعية غائبة... لا يمكن القضاء على ولادة جندي إرهابي إلا بالقضاء على المناخ الثقافي والاجتماعي الذي يسهل عملية ولادته، ولا يمكن القضاء على هذا المناخ إلا بمواجهة قاسية مع علل الذات. ليس في هذا نكران للهوية، ولا هجاء لحضارتنا، بل دفاع عنها وعمن يسوقنا كلنا إلى انتحار جماعي كالحيتان المجنونة».

الخلاصة أن العمليات المنفّذة حديثاً وربما تنفّذ وبخاصةٍ أن العالم في مواسم مقبلة على الأعياد تنذر بخطرٍ محدق كما حدث في عمليّة إسطنبول الجهنمية؛ الفكرة أن القضاء الأمني المؤقت على الإرهاب ضروري وطبيعي، ولكن الأساس يكمن في التجريم القانوني الحاسم ضد هذه الجماعات كلها سنيةً أو شيعية.

إن هجوم «سيدني» يمثّل تهديداً كبيراً للعالم، وحلّه سهلٌ وواضح؛ أن يتم تجريم جذر هذه الجماعات الإرهابية وأعني به تنظيم «الإخوان المسلمين».

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هجوم سيدني الإرهاب ليس بحالةِ أفول هجوم سيدني الإرهاب ليس بحالةِ أفول



GMT 20:07 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

نظرية أردنية.. أكبر قضية تستغرق 24 ساعة ثم تختفي!

GMT 20:06 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

الكتاب اليتيم

GMT 20:05 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

ترمب و«الإخوان»... الداء والدواء

GMT 20:04 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

تراخٍ أميركي وتشدد أوروبي لإنهاء الحرب في أوكرانيا!

GMT 20:03 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

السودان... ماذا بقي من «ثورة ديسمبر»؟

GMT 20:02 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

العربية مشكلة سياسية

GMT 20:01 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

مُكْرَه أخاك في كييف... لا بطل

GMT 20:00 2025 الخميس ,18 كانون الأول / ديسمبر

عانى منها أستاذ شهير

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:38 2020 الخميس ,23 إبريل / نيسان

بريشة: هارون

GMT 05:41 2021 الإثنين ,04 كانون الثاني / يناير

كابيكا يكشف سر "رحلة الجنون"إلى أوروبا معلقا بعجلات طائرة

GMT 13:08 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

المريسل يوجه رسالة هامة لجماهير أهلي جدة

GMT 08:29 2020 السبت ,16 أيار / مايو

ومضات

GMT 18:59 2021 الثلاثاء ,12 تشرين الأول / أكتوبر

نفوق "توبي" أكبر وحيد قرن أبيض في العالم

GMT 17:18 2023 الإثنين ,10 إبريل / نيسان

أزياء مبهجة تألقي بها في شم النسيم

GMT 14:47 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

أخطاء في الحياة الزوجية يجب تجنبها

GMT 13:19 2013 الجمعة ,05 تموز / يوليو

ممارسة الجنس المنتظم يجعلك تبدو أصغر عمرًا

GMT 10:54 2021 الأحد ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

معلم مصري يضرب طالباً بوحشية ويُثير موجة غضب

GMT 11:56 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس مرسي يوقع مرسوم تنفيذ الدستور الجديد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon