عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري

عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري

عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري

 لبنان اليوم -

عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري

بقلم : فهد سليمان الشقيران

من المعلوم أن الأصولية تعتمد على مجالين اثنين؛ عملي ونظري، والقضاء على المجال العملي والحركي قانونياً وعسكرياً وسياسياً ضروري وقائم، بيد أن الصعوبة تكمن في رسم مسارٍ منتظم بغية هدم الأفكار والنظريات، فهي أساس الانبعاث ومنبع الديمومة وهي مغناطيس الحشد والتجنيد على المدى القريب والبعيد.

قد يخفت هذا التنظيم أو تُهزم تلك الجماعة، ولكن التحدّي الرئيسي يكمن في ضمان عدم انتشار الفكرة الجهنمية، وتفكيك النظرية التحريضية. من هنا تأتي أهمية التكامل بين العمل الميداني وتزامنه مع النقد الفكري والتفنيد النظري.

والتكامل الذي أشرتُ إليه مهمة مراكز صناعة الأفكار، وآخر ما قرأتُ حول ذلك كتابٌ نشر قبل أيام بعنوان: «تفكيك مناهج حزب الله التعليمية: مدارس المهدي والمصطفى»، الصادر عن «مركز المسبار للدراسات والبحوث». من الصعب الإحاطة بكل الفصول ولكن لفتني على سبيل المثال ما قدمه الباحث طارق خليل؛ إذ طرح قراءة مُكثّفة حول التعليم الديني في لبنان، والتأثير التربوي والاجتماعي والسياسي، منذ القرن السابع عشر الميلادي، حتى بروز الكتاتيب والمدارس المسيحية ومدرسة «عين ورقة» العلمانية في القرن التاسع عشر، مروراً بتطور النظام التربوي مع إعلان الجمهورية في 1914، وأثره على تعليم المسلمين السُّنَّة، والشيعة، والدروز، وما تمخَّض عنه من تعليم تقليدي انشق عنه آخر ثوري، خرج به من تعليم دينيّ فنّي مغلق إلى حقل اجتماعي، واستطرد في درس الأساليب التعليمية حينها وتطور الكتب المدرسية، وما رافقها من صحافة دينية، وأفرد الباحث تلخيصاً لإنتاج المؤلفات الدينية، قبل أن يشير إلى التمرد الطلابي، وأزمات المجتمع. عكست القراءة حدود الحيوية للتعليم الديني، الذي ما خرج إلى الستينات عن إطاره المجتمعي والوطني، إلا قليلاً.

وبغية كشف أثر ثورة الخميني في التعبئة التربوية داخل مدارس «حزب الله»، أفرد الباحث محمد بركات دراسته للحديث عن وثيقة التحول البنيوي للتربية والتعليم، التي أقرّها المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران سنة 2011، فيشير إلى تحول مرجعية التوجيه التعليمي الشيعي من المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، إلى المجلس الأعلى للثورة الثقافية في إيران بوصفه مرجعيةً فكرية وتأطيرية بعد 1979. يتطرق بركات إلى انتشار مدارس المهدي في الجغرافيا اللبنانية، وكيف جرى إعداد المعلمين والطلاب في هذه المدارس وفقاً لمضامين الوثيقة الإيرانية، مما انعكس في المناهج التربوية بغرس ولاءات عقائدية واضحة. يناقش الباحث تبعات هذا النهج على الهُويّة الوطنية اللبنانية والعيش المشترك ومفهوم المواطنة، مؤكّداً أن التعليم الديني في مدارس المهدي أضحى أداة لإنتاج أجيال مرتبطة آيديولوجيّاً بمشروع ولاية الفقيه على حساب اندماجها في الدولة الوطنية.

أما في رصد نماذج التربية الدينية في مدارس المهدي والمصطفى، عبر قراءة مساقاتها وتحليل تأثيرها في وعي الطلبة، فتناول الكتاب هذا التعليم منذ المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، حيث حلّلت الباحثة إيمان سلامة منهاج التربية الدينية في المرحلة الابتدائية، وقَدَّمت قراءة نقدية لمساقات التعليم وتأثيرها في عناصر الهوية الوطنية، والولاء السياسي، وبناء الشخصية لدى الأطفال من الناحيتين النفسية والاجتماعية.

الخلاصة: إن مثل هذا التفكيك النظري للأفكار الأصوليّة أساسي من أجل ضمان عدم انتشار التمرّد والعنف، وبالتزامن مع الوعي السياسي للعنف وأذرعه لا بد أن نركّز نظرياً على هذه المنظومات ذات التركيبة المعقّدة. يمكن سحق التنظيم الإرهابي أياً كان على المستوى العسكري، ولكن قد يعود من جديد بعد بضع سنوات. الهياكل الحركية والإرهابية لديها قدرة على إعادة بناء نفسها من جديد وبكلّ سكونٍ وصمت ومكر.

ما لم نركّز على المجالات النظرية والمنطلقات الفكرية فإن أي حربٍ على التنظيم ستكون ناقصة، ولهذا اخترت عرض بعض أفكار هذا الكتاب الراهن والمهم، إذ يأتي في مرحلةٍ غاية في التشابك، ومشحونة بالتحديات.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري عن «حزب الله» وتفكيك الإطار النظري



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon