الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية

الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية

الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية

 لبنان اليوم -

الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية

بقلم: جبريل العبيدي

إدارة الحشود التي ليست من بلد واحد ولا تنتمي لثقافة واحدة ولا تتكلم لغة واحدة سوى أنها تردد جملة واحدة «لبيك اللهم لبيك... لبيك لا شريك لك لبيك» تعتبر معجزة في عالم إدارة وتأمين الحشود، من دون حدوث مخاطر وكوارث أدناها انتشار الأوبئة؛ ما كان لها أن تتحقق في مواسم الحج من دون سنوات من العمل والتطوير ومسيرة نجاح غير مسبوق في إدارة الحشود بنتيجة صفر مخاطر بشتى أنواعها وأشكالها.

رعاية قرابة مليوني حاج يتحركون ضمن مساحة محدودة وفي توقيت واحد من التفويج إلى النفرة تعتبر عملاً عظيماً غير مسبوق في دقة وجاهزية عالية تؤمن نقل وراحة الحجيج، في حين تعجز دول كبرى، وتسمى عظمى، في تأمين مباراة كرة قدم يحضرها بضعة آلاف من المتفرجين الجالسين، بينما المملكة العربية السعودية تؤمن رحلة حج بمناسكها المتعددة، بل تجمع ثلاثة ملايين حاج في جبل عرفة يقفون في وقت واحد محدد، سواء أكان في زمن الوصول أو زمن المغادرة.

المملكة العربية السعودية تقوم بتأمين سلامة الحجاج وخدمتهم، وهذا ليس بالجديد، بل موجود منذ تأسيس المملكة قبل 90 عاماً، وهي في خدمة ضيوف الرحمن، وتلقى الأولوية عند ملوك السعودية الذين تسموا بلقب «خادم الحرمين الشريفين»، وشرف خدمة بيت الله الحرام وحماية سدنة الكعبة، كما قال رسول الله: «خالدة تالدة لا يظلمكموه إلا كافر»، وفي قول آخر «لا ينزعها منكم إلا ظالم»، كما حاول البعض منازعة المملكة العربية السعودية في حقها الأصيل والسيادي في إدارة شؤون الحج.

خدمة بيت الله الحرام خالدة تالدة، وهي شرف منذ إعلان الملك عبد العزيز زعيم الجزيرة العربية قيام المملكة، فكان الحج قبل قيام المملكة في زمانه صعباً وتعباً وذا مشقة وخطراً أيضاً؛ فكان الحاج يودع أهله ويوصي من بعده إن لم يرجع، سواء من مخاطر الطريق أو مشقة مناسك الحج والطواف على الحصى التي تدمي أقدامه والحر الشديد، والتدافع على الجمرات؛ ولكن هذا كله تم تذليل مصاعبه، فأصبح الطواف في صحن المسجد الحرام على أفخم أنواع الرخام المزود بتقنية التبريد، وبني جسر الجمرات، وتمت عشرات التوسعات في صحن المسجد.

وطورت المملكة من مراكز الإسعاف، وجهزت عربات قطارات حديثة للنقل من مشعر عرفات إلى مزدلفة، حيث يبيت الحجاج ليلتهم وهي عملية تفويج ونقل يطلق عليها نفرة الحجيج، وهي ليست بالعملية السهلة كما يظن البعض، حيث تأمين حركة الجموع في مكان واحد وساعة واحدة؛ الأمر الذي يعتبر معجزة، بل تنجح في منع التدافع بين الحجيج أمام ضخامة العدد الذي يغلب عليه كبار السن والمرضى، بل إن أغلبهم غرباء عن المكان مما يصعب عمليات التفويج لحجاج ليس لسانهم واحد اللغة، ولكنهم يلبون ويرددون الكلام نفسه «لبيك اللهم لبيك»، في طمأنينة تامة بعد توفير أفضل وسائل الحماية والسلامة داخل المسجد وباقي المشاعر.

طوبى للمملكة العربية السعودية التي تمكنت بنجاح من تأمين حجاج بيت الله في طواف قدومهم، والوقوف في عرفات، والمبيت في مزدلفة في زمن قياسي، وأغلبهم من كبار السن، بينما تعجز بلدان متقدمة عن تأمين بضعة آلاف جالسين في مدرجات ملاعب كرة القدم أغلبهم من الشباب ومن البلد نفسه، ويعرفون مسالكها ولا فخر في تأمين تنقلهم، مقارنة مع تأمين الحجيج وتفويج مليوني حاج لا يتكلمون لغة واحدة وأغلبهم ليسوا من البلد، ولا يعرفون مسالكها وطرقها، وجلهم من كبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة، مما يتطلب جاهزية لا مثيل لها.

في السعودية ظاهرة تنظيم الحج تعتبر نموذجاً سعودياً عالمياً تقدمه للعالم، كان خلفه همة رجال وكفاح أجداد يتكرر كل موسم حج سخرت فيه السعودية كافة إمكاناتها البشرية والمادية في إدارة الحشود وضمان الأمن والسلامة في كل مراحل الحج، وأثبتت حالة من الجاهزية التامة حتى من وسائل الإنقاذ والإسعاف والخدمات الصحية التي لا تتوفر في بلدان توصف بالكبرى والمتقدمة، حيث عجزت عن تقديم الخدمة في أدنى درجة لبضعة مهاجرين غير نظاميين رمى بهم حظهم العاثر على شواطئ أوروبا.

المملكة العربية السعودية جهزت جيوشاً من الحرس، ورجال المرور، والمسعفين والمنقذين والمرشدين وعمال النظافة؛ جميعهم يتحركون بشكل متناغم، وتحت رقابة بتكنولوجيا عالية وظفتها السعودية لخدمة وراحة الحجاج، الذين صدق من تسمى بـ«خادم الحرمين الشريفين» في أقواله وأفعاله لهم؛ فالحج عرفة، وخدمته ورعايته سعودية، لا ينازعهم فيها إلا ظالم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية الحج عرفة وخدمته ورعايته سعودية



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon