حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة!

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة!

 لبنان اليوم -

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة

بقلم : محمد الرميحي

الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني له عدد من المقابلات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، لفتني مؤخراً حديثه عن ذكرياته مع النظام السياسي المصري بعد 2011 أي عندما تولى الأخوان المسلمون الحكم في مصر ، وترؤس المرحوم محمد مرسي للجمهورية.

يذكر الرجل، وكان وقتها في داخل الحجرة السياسية العربية، أن وفداً أميركياً أراد أن يستطلع رأي النظام الجديد في عدد من القضايا، فعقد اجتماعاً بين وفد أميركي ووفد مصري في الدوحة، وبحضور الشيخ حمد. في تلك المقابلة تذكر حمد بن جاسم أنه كان متألماً من مستوى التمثيل للوفد المصري في ذلك اللقاء!

هذه النقطة بالذات هي علة ومرض السياسة العربية منذ زمن طويل، وكثير منها مستمر ،أي أن يقوم النظام بالاستعانة بما يسميهم "أهل الموالاة" بدلاً من أهل الكفاءة، فيخسر .

في التجربة الناصرية لنا مثالان متميزان في حال استخدام الكفاءة وحال استخدام المولاة؛ فقد قام الضباط المصريون بعد 1952 بالاستعانة في الشؤون الخارجية برجل له خبرة طويلة وغير عسكري، هو الدكتور محمود فوزي، الذي كان ممارساً للعمل الخارجي قبل ثورة 52. استعان به عبد الناصر بدلاً من أي ضابط، ولفترة طويلة بين عامين 1952 حتى 1964. بعدها عين نائباً لرئيس الجمهورية للشؤون الخارجية لحاجة عبد الناصر إلى مشورته، أي أنه خدم لمدة 12 عاماً، بعد بداية الثورة المصرية، وقد بنى محمود فوزي الواجهة الديبلوماسية لمصر في سنوات التحول الكبرى، بعد الإطاحة بالملك فاروق، وكان نشطاً في اعتراف النظام الدولي بمصر مستقلة. دخل معركة الجلاء، ومعركة قناة السويس، وكان صوت مصر في معركة تأميم القناة في عام 1956، كما ساهم في تأسيس دور مصر القيادي في العالم العربي، مع انخراطها في القضايا الفلسطينية والجزائرية واليمنية، وأيضاً أفريقياً، ثم شارك بفاعلية في مؤتمر باندونغ 1955 وأيضاً مؤتمر بلغراد 1961. عرف بمهنيته، ودقته الديبلوماسية، واعتمد عليه عبد الناصر كي يوازن بين خطابه الثوري، وبين الخطاب الديبلوماسي الرشيد أمام العالم. وقد استطاع الرجل تعويم السياسات المصرية رغم صعوبتها في ذلك الوقت دولياً، وبقي في منصبه لفترة طويلة.

المثال السلبي ما فعلته القيادة المصرية في الجانب العسكري حيث ولت ما يعرف بـ"رجال الموالاة" الشؤون العسكرية، وكانت نتيجة ذلك طامة كبرى، يشرحها لنا أحد الكتاب المتخصصين في كتاب المحلل العسكري الأميركي كينيث بولاك، وصدر في عام 2019 بعنوان "جيوش الرمال" بأن المشكلة التي واجهت الجيوش العربية في عام 67 هي أن الضباط، أو معظمهم حصلوا على رتبهم العسكرية بسبب الموالاة، وليس بسبب الكفاءة، أو القدرة على اتخاذ القرار، فلم تكن المبادرة والاستجابة للتغيرات في المعركة إلا محدودة جداً لدى الجيوش العربية، ونقص ثقة الضباط بقياداتهم العليا، عاملاً أساسياً في الهزيمة، و التدخل السياسي في ترقية ونقل غير الاكفاء، والتخلص من المشكوك بولائهم، في تنظيم وتدريب الجيش، والولاءات المختلفة في داخل الجيش نفسه للقيادات مختلفة ،أضعف الانضباط والتجانس في التدريب وفي التنفيذ.

يرى الكاتب أنه مع امتلاك الجيوش العربية وقتها لعتاد متطور من ناحية السلاح والمواد، كان هناك ضعف في التنسيق بين القوات البرية والبحرية، بناء على الالتزام المفرط بقواعد اشتباك غير مرنة وسرعة الحركة لدى إسرائيل، وقوة الاستخبارات، وبناء جيش مهني، هو الذي جعلها تتفوق في في حرب 67، والتي لا زالت تأثيراتها السلبية قائمة حتى اليوم.

في بناء الدولة السعودية الحديثة استخدم المرحوم الملك عبد العزيز ومن بعده الملك فيصل عدداً من الكفاءات العربية، لم تكن مهمة خلفيتها المذهبية، فؤاد حمزة، حافظ وهبة، عبد الله الدملوجي، يوسف ياسين، خير الدين الزركلي، وعدد من الكفاءات الأخرى، حيث تحتاج الدولة إلى كفاءات. الروحانية السياسية (أي استخدام الدين والمذهب في السياسة) والقبلية السياسية، أو الزبائنية، وأمثالها تورث ضعف الأداء للدولة.

اليوم في إيران معظم المناصب في الإدارة العليا هي "زبائنية" الولاء قبل الكفاءة والقرابة قبل الإنجاز، ما سبب الوهن للدولة، بالضبط كما كان الاتحاد السوفياتي في سنواته الأخيرة؛ المسؤول الموالي يحمي نفسه بالزعيم، فيستغل السلطة بلا خوف من المساءلة، وينتج ضعف الثقة الشعبية في الإدارة. في آخر أيام السلطة العثمانية، كان تعيين الولاة بالرشوة، أما في الأزمات فإن النتائج كارثية، كما وصفها حمد بن جاسم مع الوفد المصري (الموالي)، أما تعيين القيادة العسكرية بناء على قربها من القيادة السياسية فهو وصفة للهزيمة.

لقد سقط نظام بن علي ومحمد مرسي ومبارك والقذافي وصدام حسين، وقبلهم شاه إيران وأخيراً بشار الأسد، لأنهم جميعاً احتضنوا الولاء لهم، وأبعدوا الكفاءة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة حمد بن جاسم الكفاءة والموالاة



GMT 18:25 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نهاية حزينة لشارع الحمرا…

GMT 18:24 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

القلعة الجوفاء: بعدما هدأ غبار الهجوم على إيران

GMT 18:23 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أيضاً

GMT 18:22 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الحدود ومواعيد نتنياهو

GMT 18:21 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

هل «الموديل» الغربي مُقدّس؟

GMT 18:19 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:16 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:15 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

لبنان وغزة... إدارة النزاع بدل إنهائه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني

GMT 17:29 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - تسلا تواجه انتقادات بعد وفيات ناجمة عن أعطال أبواب السيارات

GMT 17:50 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية
 لبنان اليوم - نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

سندس القطان بإطلالات مقلمة ناعمة ورائعة على انستقرام

GMT 17:43 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

لاعب كونغولي يخطف الأنظار في مونديال اليد

GMT 01:35 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

وفاة 4 لاعبين ورئيس ناد بطريقة مأساوية في البرازيل

GMT 17:45 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تنشر مشاهد لجمال لبنان وتعلق"خلينا ما بقى نسكت"

GMT 02:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

7 حيل تجعل عطركِ يدوم طويلًا مهما كان نوعه

GMT 01:56 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النساء يحقّقن اختراقات في انتخابات الكونغرس الأميركي

GMT 15:26 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

مقتل 3 أطفال وإصابة 4 بانفجار قارورة غاز في الهرمل

GMT 14:02 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قصة جديدة لفئة اليافعين بعنوان "لغز في المدينة"

GMT 18:16 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

أناقة زين مالك بعد أنفصاله عن جيجي حديد

GMT 14:09 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

رائدة ناسا "كيت روبينز" تحصد الفجل المزروع في الفضاء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon