الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية

الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية

الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية

 لبنان اليوم -

الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية

بقلم:جمعة بوكليب

على عكس قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطينية في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، والذي وصفه الرئيس الأميركي ترمب بأنه غير مقلق، أثار قرار رئيس الحكومة البريطانية السير كير ستارمر، يوم الثلاثاء الماضي، بالاعتراف بدولة فلسطينية، الكثير من الجدل في الإعلام البريطاني وما يزال.

أيام قليلة فصلت بين القرارين الفرنسي والبريطاني، وفي المسافة الفاصلة بين القرارين التقى السير ستارمر الرئيس الأميركي في اسكوتلندا، وكان موضوع تردي الوضع الإنساني في غزّة ضمن المواضيع التي نُوقشت في اللقاء. بعدها التقى ستارمر أعضاء حكومته في اجتماع استثنائي، واتخذ قرار الاعتراف.

على عكس القرار الفرنسي، جاء القرار البريطاني مثقلاً بشروط وُصفت من عديد من المعلقين، في الشرق والغرب، بأنها تعجيزية، ولن تجد لها قبولاً في إسرائيل، إلا إذا تغيّرت الحكومة الحالية قبل شهر سبتمبر، الأمر الذي يفضي بنا إلى الاستنتاج بأن بريطانيا، اتساقاً مع المنطق، ستعترف بدولة فلسطين في الشهر المقبل، آخذين في الاعتبار حقائق تاريخية بارزة، أهمها العلاقة التاريخية البريطانية – الفلسطينية ممثلة في الانتداب البريطاني على أرض فلسطين، مضافاً إليها أن وعد بلفور في مايو (أيار) 1917 بمنح وطن قومي لليهود في فلسطين، كان قراراً صادراً عن حكومة بريطانيا العظمى وليس فرنسياً؛ لذلك يعتقد البعض أن تصحيح الخطأ التاريخي البريطاني قد تأخر كثيراً، وحان أوانه.

من المهم التذكير بأن مجلس العموم البريطاني قد صوّت منذ 11 عاماً مضت على حلّ الدولتين، مما يعني الإقرار من أعلى سلطة تشريعية بريطانية بقيام دولة فلسطينية في غزّة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن الحكومات البريطانية المتعاقبة ظلت حريصة على المطالبة بتحقيق هذا الحلّ. وإقدام رئيس الحكومة على هذه الخطوة جاء بعد تردد، وتحت ضغوطات شعبية وبرلمانية كبيرة. اللافت في صدور القرار البريطاني بالاعتراف أنّه قوبل بصمت من قبل الرئيس الأميركي ترمب! صمت الرئيس ترمب لا يعني الرضا أو الموافقة، إلا أنّه يفتح الباب أمام التساؤل عن سببه، وما إذا تمّ الأمر بعلمه لدى وجوده في اسكوتلندا.

سيناريوهات الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية لا علاقة لها بسيناريوهات الحرب. في الأولى يقوم المخرج وطاقمه الفني بتنفيذ اللقطات المعدّة سلفاً، لكن في سيناريوهات الحرب يتولى الجنرالات العسكريون تصميم المسارات. ومع بدء الحرب تأخذ الأمور في العادة مجرى آخر لا علاقة له بالخطط الموضوعة؛ لأن للحروب منطقها الخاص.

السيناريو العسكري الإسرائيلي، على ما يبدو، بسبب حجم وقوة الترسانة العسكرية الإسرائيلية، لم يضع في حسبانه أن تستمر الحرب في غزة قرابة عامين من دون تحقيق أهدافها، أو احتمال أن ينعكس اتجاه الريح سياسياً ويسبب إرباكاً للخطط والأهداف المصممة.

من دون شك، فاجأ قرار بريطانيا وفرنسا بالاعتراف بدولة فلسطين القيادات الإسرائيلية السياسية والعسكرية. الاعتراف لا يعني أن دولة فلسطينية سوف تظهر إلى الوجود فعلياً على خريطة العالم في شهر سبتمبر المقبل، وأن الائتلاف الإسرائيلي الحاكم سيرحب بها، لكنه سيؤدي بالتأكيد إلى تضييق الهامش السياسي الدولي أمام حكومة إسرائيل في المناورة، بتشجيعه دولاً أخرى على الاعتراف بدولة فلسطين. كندا على سبيل المثال أعلنت على لسان رئيس حكومتها عن نيّتها الاعتراف بدولة فلسطينية في الشهر المقبل. ومثل القرار البريطاني، جاء القرار الكندي محمّلاً بشروط ثقيلة. وعلى عكس القرارين الفرنسي والبريطاني، أثار قرار كندا غضب الرئيس الأميركي، وهدد برفع رسوم التعريفات الجمركية ضد بضائعها المصدّرة إلى أميركا في حالة قدومها على تنفيذ القرار!

قرار الاعتراف البريطاني أدَّى إلى حملة إعلامية مضادة قادتها صحف وقنوات تلفزيونية معروفة بمناصرتها لإسرائيل. كما أدى إلى قيام عدد 40 عضواً في مجلس اللوردات من خبراء القانون، بتوقيع رسالة يحذرون فيها رئيس الحكومة من مغبة تنفيذ قرار الاعتراف؛ كونه، كما أكدوا، يشكل خرقاً لاتفاقية مونتفيديو الدولية لعام 1938. يبقى مهماً التوضيح أن أغلب الموقعين على الرسالة من غلاة مناصري إسرائيل في بريطانيا.

وإذا كان القراران الفرنسي والبريطاني بالاعتراف بدولة فلسطين ما زالا لم يفعَّلا بعد، فلماذا إذاً ارتفعت عاليةً أصوات المنددين من جهات عديدة؟ ولماذا هدَّد الرئيس ترمب بمعاقبة كندا برفع الرسوم الجمركية إذا نفّذت وعدها بالاعتراف؟ ولكن مهما طال الوقت ستجد إسرائيل نفسها مضطرة لتقاسم هذه الأرض مع الفلسطينيين؛ إذ لا أمن ولا أمان لها إلا بهذا، ولا سبيل إلى صم آذانها عن مطالب دول العالم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية الاعتراف بدولة فلسطين يصم الأذنَ الإسرائيلية



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon