الفرنسيون «هل فشلنا»

الفرنسيون: «هل فشلنا؟»

الفرنسيون: «هل فشلنا؟»

 لبنان اليوم -

الفرنسيون «هل فشلنا»

بقلم:سوسن الأبطح

تستقبل المطارات الأوروبية 600 طائرة شحن كل يوم، محملة بالبضائع التي يطلبها أفراد من منصات صينية شهيرة، مثل «شي إن» و«تيمو» و«وش». التقديرات تقول إن 145 طرداً محمّلاً بالمشتريات الصينية تصل إلى أوروبا كل ثانية. وإذا كانت الملابس الرخيصة إغراء يصعب ردّه، فإن شراء الإلكترونيات من هذه المواقع يسجل ارتفاعاً منقطع النظير. وقبل أن تتمكن أوروبا من ابتلاع الصدمة، افتتحت منصة «شي إن» قبل أيام أول متجر غير افتراضي لها في العالم، في قلب باريس عاصمة الموضة والأناقة، وفي واحد من أرقى المراكز التجارية المرموقة «بي إتش في». كما أنها تستعد لافتتاح خمسة فروع أخرى.

القضية للفرنسيين أشبه باعتداء على الكرامة الوطنية، تناقش على أعلى مستوى في مجلسَي الوزراء والنواب، وموضوع برامج حوارية سياسية في ساعات الذروة، وأعمدة الرأي في الصحف.

بضائع «شي إن» تتعرض لهجوم غير مسبوق، وحملات تحريض، ومحاولات رسمية لإقناع جمهور الناس بأنها غير مطابقة للمواصفات، مصنوعة من مواد سامة، مؤذية للصحة، حتى الحلي غير مأمونة، والألعاب خطر داهم على الأطفال، طلاء الأظافر يصادره وزير الاقتصاد شخصياً. فرق خاصة جنّدت في مطار شارل ديغول لتفتيش المستوردات، وتسجيل المخالفات.

ومع أن التقارير تؤكد تعاون الجهات الصينية لإزالة أي مخالفة، غير أن الاتهامات تتنامى، خصوصاً بعد عرض لعب على شكل أطفال لأغراض جنسية. ومعلوم أن المنصة هي موقع تتشاركه شركات، مما يصعّب التدقيق الصيني.

التركيز الآن على تعليق عمل المنصة، فيما المتجر، رغم كل ما تُرمى به «شي إن» والاحتجاجات على أبوابه، يضيف بكثرة الزبائن، حتى أحصي 10 آلاف كل يوم، غير آبهين بالتحذيرات ورميهم بأقذع التهم. ثمة مَن يعتبر شراء بضائع يصفونها بأنها «بالية» و«وضيعة» و«ذات استخدام واحد»، ضعفاً في الشعور الوطني، وتخلياً عن دعم الصناعة الفرنسية، حيث خسر مجال الملابس وحده 300 ألف وظيفة في عشر سنوات.

مشكلة الغرب أنه يقول شيئاً ويبطن غيره. فمن يدعو إلى شراء ألبسة بصناعة فرنسية يعرف أنها غير موجودة، وأن الغالبية الساحقة مما في الأسواق صيني بصرف النظر عن جنسية المتجر واسمه. فلماذا تكون البضائع الصينية محبوبة حين تأتي باسم أوروبي، وتصبح شعاراً لانتهاك حقوق الإنسان، واستعباد العمال، ووضاعة الأجور، حين يصبح صاحب المتجر «شي إن» أو «علي بابا».

ثم إن أوروبا تخلت طوعاً عن دورها التصنيعي للصين، وحين كبر التنين وصار قادراً على المنافسة، باتت تشتكي من سرعة إنتاجه، وانتهاكه للقيم والمعايير بسبب استخدامه للذكاء الاصطناعي لفهم ميول الزبائن واستغلال رغباتهم، وكانت «أمازون» في هذا رائدة وسبّاقة، ولم تمنع أو تكبح.

الصين تنتج بسرعة مخيفة، وبكميات تغرق الأسواق، وبأسعار تصعب مقاومتها من أناس فقدوا قدرتهم الشرائية. ومتجر «بي إتش في» شريك «شي إن» الفرنسي، لم يخفِ أنه أمام خيارين، إما الإفلاس والإغلاق وإما قبول الشراكة.

هذه ليست سوى بداية شراكات مع الصين، تدخلها فرنسا صاغرة، تصرخ ألماً، لكنها تعرف أنها الكيّ الذي لا بد منه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرنسيون «هل فشلنا» الفرنسيون «هل فشلنا»



GMT 22:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

سنوات الهباء

GMT 21:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

حضرموت ومنطق الدولة

GMT 20:52 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!

GMT 20:50 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح»

GMT 20:49 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان

GMT 20:48 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

بدور نسجت تاريخها

GMT 20:45 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

على وزن المطار السري

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم
 لبنان اليوم - الجزر وفيتامين A عنصران أساسيان لصحة العين وتحسين الرؤية

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية

GMT 16:36 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

النجمة يستعير لاعب الترجي التونسي شاونا

GMT 12:17 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

بوتين والسيسي يترأسان أول قمة روسية إفريقية

GMT 11:37 2017 الخميس ,05 تشرين الأول / أكتوبر

إنفوغراف 21
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon