محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

 لبنان اليوم -

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين

عبد الرحمن الراشد

آلاف المسيحيين العراقيين ارتحلوا من مدينتهم الموصل إلى المناطق السنية الكردية شمالا، بعد أن هددهم تنظيم داعش بالقتل والتدمير، إن لم يعتنقوا الإسلام أو يدفعوا الجزية. وشرع المتطرفون بتنفيذ تهديداتهم فحرقوا الكنيسة المطرانية في المدينة، ليبدأ فصل جديد من الكراهية والإرهاب!
وهنا تأتي مسألتان، دينية وسياسية، في فهم الوضع والتعاطي معه، ولا أقول معالجته، لأن الفاعلين جماعات فوضوية وإرهابية خارجة عن السلطة وتلاحق في أنحاء العالم. دينيا، نتوقع من كل المراجع والمؤسسات الدينية أن تستنكر وتدين وتواجه هذا الغلو المتزايد، الذي يهدد اليوم النسيج الاجتماعي، والتعايش الديني في المنطقة. فـ«داعش» ومثيلاتها، من التنظيمات المتطرفة السنية والشيعية، تهاجم أولا أتباع طوائفها، وذلك قبل أصحاب العقائد الأخرى، ثم الأديان الأخرى. وقد قامت «داعش» في العراق بهدم مقامات دينية للصوفية السنية، والأضرحة الشيعية، وكفرت وقتلت السنة الذين لا يبايعونها. وسبق لها في سوريا أن خطفت راهبات معلولا، ولم تطلق سراحهن إلا بفدية مالية كبيرة. وهي تعيث شرا بشكل أكبر في المناطق السنية التي تعتبرها أهدافها الرئيسة، من أجل إقامة سلطتها.
أما الشق السياسي في الأزمة، فيتمثل في اختراق وتوجيه هذه الجماعات المتطرفة، وتتكاثر البراهين على أنها تستخدم لخلط الأوراق. والعراق ليس إلا الجزء الثاني من الرواية، ومن المبكر الادعاء حول كيف وإلى أين تتمدد هذه الجماعات المشبوهة في العراق، نحو بغداد أم الأردن والسعودية. أما في سوريا، فإن تنظيم داعش، وكذلك جبهة النصرة، تشكل منذ عام ونصف من مجاميع هربت من سجون «القاعدة» في العراق وسوريا، وارتبطت بالجماعات المتطرفة التي كانت تدار من قبل النظام السوري إبان الاحتلال الأميركي للعراق، بعثية و«قاعدة».
ولا تهمنا قصة ولادة هذه الجماعات التي نجحت فقط في ضرب الثورة السورية، والآن تقوم بتخريب انتفاضة المحافظات الثلاث في العراق ضد ممارسات المالكي، فالأهم محاصرتها فكريا، ومحاربتها ميدانيا. ولا يعني ملاحقة «داعش» تغيير معادلة المواجهات، إن كان هذا هو سبب ظهورها، بتصحيح الوضع في العراق وهو مطلب شعبي كبير، وتغيير نظام الأسد في سوريا سار مسافة طويلة لا يمكن العودة بعدها. هنا، الفراغ والفوضى والحرب، وعدم وجود سلطة مركزية، كما هو الحال في سوريا، أو إضعافها في العراق، سيطيل عمر التنظيمات المتطرفة، ومعها جماعات ترتكب مجازر بحق المدنيين في العراق وسوريا مثل عصائب الحق وقوات بدر المماثلة لـ«داعش» على الضفة الشيعية.
إن استطاع العراقيون خلال الأيام المقبلة تشكيل حكومة جديدة مقبولة، وتسمية الرئاسات الثلاث، تمثل الحد الأدنى المأمول، فإننا نستطيع القول إن العراق، سيتعافى، وستتوحد القوى العراقية لمقاتلة المتطرفين. ويبقى المشكل السوري؛ حيث إن ترميم النظام أمر شبه مستحيل، وستمضي الحرب إلى نهايتها. والحرب، ككل الحروب، تفرز أقبح ما في البشر. ما يواجهه المسيحيون العرب، هو جزء مما يعصف بالمنطقة من فوضى عارمة لا تستهدفهم وحدهم، بل تهدد كل السكان والأديان والسلم الاجتماعي الذي استغرق زمنا طويلا لتحقيقه بين مكونات العالم العربي المتشكلة من عشرات الأديان والمذاهب والطوائف والأعراق.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين محنة المسيحيين مع متطرفي المسلمين



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon