من هارودز إلى الأهرامات

من هارودز إلى الأهرامات!

من هارودز إلى الأهرامات!

 لبنان اليوم -

من هارودز إلى الأهرامات

عبدالرحمن الراشد
راج أن القطريين يريدون شراء الأهرامات من المصريين، وقبلها قيل إنهم قدموا عرضا لرجل الأعمال ونائب المرشد العام الإخواني، خيرت الشاطر، لشراء قناة السويس. ومع أنها نفيت، وقيل هي مجرد إشاعات، فالأكيد أن حكومة الإخوان في ضائقة مالية إلى درجة صارت تفتش في ملفاتها عن كل دولار يمكن أن تحصل عليه، بما في ذلك التصالح مع رجال الأعمال الملاحقين والمسجونين بتهم الفساد وغيرها. من حيث المبدأ لا يبدو الأمر غريبا في عالم العولمة؛ هذا هارودز، أهم متجر في أوروبا، وتاريخيا من رموز العاصمة البريطانية، اشتراه رجل الأعمال المصري محمد الفايد، وأداره لربع قرن، ثم باعه قبل ثلاث سنوات لقطر بنحو مليار ونصف جنيه إسترليني. فما المشكلة إن باع المصريون قناة السويس أو الأهرامات للقطريين الذين يملكون من الدولارات ما يكفي لحل العجز في خزينة حكومة الإخوان؟! الحقيقة الأسهل أن نتصور مدينة نيويورك تبيع رمزها تمثال الحرية، أو حتى يؤجر الفرنسيون قصر الإليزيه الرئاسي، لكن من المستحيل أن نتخيل المصريين يرضون ببيع أبو الهول أو أثر تاريخي. فمصر دولة في مرحلة انتقال سياسي، فيها الكثير من الصراعات بين القوى المحلية، إضافة إلى أن المصريين حساسون جدا حيال الملكية الأجنبية، ويجب ألا ننسى أن المعارضة المصرية جعلت حياة الحكومة في عهد مبارك جحيما لأنها قررت بيع متجر عمر أفندي لشركة غذائية سعودية! حتى الإخوان الذين كانوا في المعارضة آنذاك اتهموا مبارك، رغم أنه متجر وحسب وشركة تجارية خاسرة! الآن الإخوان متهمون بأنهم أسوأ من مبارك ويعرضون في المزاد التجاري كنوز مصر التاريخية وقلاعها الاستراتيجية. قناة السويس التي يقال إنها عرضت للبيع على القطريين، تمثل تاريخ الصراع على حكم مصر، والسيطرة على مقدراتها. ومن الطبيعي أن يخالج المصريين الشك والغضب من الفكرة نفسها، مع أننا في عصر العولمة حيث لم تعد هناك تجاريا ملكيات مقدسة. قناة السويس كانت مشروع مهندس فرنسي في القرن الثامن عشر لنابليون بونابرت، الذي أراد اختصار المسافات والتحكم في الملاحة البحرية التي كانت عمود النشاط الاستعماري الأوروبي في العالم. المشروع كان أيضا عملا سياسيا فرنسيا ضد الإنجليز، ولم ينجز حفر القناة إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في صفقة يملك الفرنسيون بموجبها السويس لتسعة وتسعين عاما، وكان شق القناة، وافتتاحها في عام 1869 من أعظم الأحداث التي غيرت موازين التجارة والتاريخ المعاصر. وبسبب الديون اضطر المصريون لاحقا لبيع أسهمهم في القناة للبريطانيين، وبعدها بدأ الصراع العسكري على الممر المائي، وجلب المستعمر البريطاني قواته للتحكم في مداخلها. وازداد الوضع تعقيدا بعد قيام دولة إسرائيل في 1948 ورفض مصر السماح للإسرائيليين باستخدام القناة. وبعدها بثماني سنوات هاجمت إسرائيل وبريطانيا وفرنسا مصر بذريعة أن مصر رفعت رسوم المرور عبر القناة، وأنها تتحكم سياسيا في الملاحة، فردت مصر بإغراق أربعين سفينة في القناة وأغلقتها. وللقصة بقية معروفة، وبالتالي من الصعوبة أن نتخيل أن قطر تستطيع أن تدير قناة السويس، فالقناة ليست دكان هارودز، وقطر ليست بالشريك السياسي البريء، فهي على خلاف مع 80%من دول المنطقة تقريبا، ولا تملك أيضا تجربة دبي التي تدير بنجاح الكثير من موانئ العالم. ومع أن بيع الأهرامات، وتأجير قناة السويس، مجرد أفكار أو إشاعات، فهو يعبر حقيقة عن المشكلة الأعظم التي ستواجه الإخوان في حكم مصر؛ الأزمة الاقتصادية الكبرى. إن إطعام ثمانين مليون إنسان يوميا مهمة عسيرة مهما كان لون الحزب الحاكم. الإخوان جاءوا من السجون والمعارضة في الشارع، ولا يعرفون كثيرا في الاقتصاد أو إدارة الدولة، لهذا لا ندري كيف ينوون إدارة دولة مثقلة بالالتزامات مثل مصر، وهم على خلاف مع شركاء الثورة، ويظهر عليهم جوع واضح تجاه السلطة؛ يريدون السيطرة على الرئاسة والحكومة والمجلسين النيابيين والقضاء!
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هارودز إلى الأهرامات من هارودز إلى الأهرامات



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon