حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها

حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها

حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها

 لبنان اليوم -

حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها

طارق الحميد
مصر وتونس هما أبرز دول الربيع العربي، وتحظيان بتغطية إعلامية موسعة، ومتابعة عربية ودولية مختلفة، وواقع الأحداث يقول إن أداء حكومتي هاتين الدولتين هو أسوأ من أداء الحكومات السابقة والمحسوبة على الأنظمة التي أسقطت، وتردي أدائهما ليس بسبب الظروف، بل هو استمرار للتردي السياسي أساسا بالأنظمة البديلة. أبسط مثال الأحداث الأخيرة بتونس بعد اغتيال شكري بلعيد؛ فعلى أثر تلك الجريمة السياسية، أراد رئيس الوزراء المستقيل حمادي الجبالي الارتقاء لمستوى الحدث، مقدرا خطورته وأبعاده، حيث خلع العباءة الحزبية ليتصرف كرجل دولة مدرك لخطورة الأحداث، لكن حزبه الأم النهضة، الإخواني، وبقيادة السيد راشد الغنوشي، تصدى له، وأحبط محاولته لتشكيل حكومة كفاءات كان يسعى من خلالها الجبالي لتجاوز تداعيات الزلزال السياسي المتمثل باغتيال بلعيد، ولم تكن هذه وحدها المفاجأة، بل إن المفاجأة الأكبر كانت بتكليف وزير الداخلية، المنتقَدة وزارته أساسا بعد اغتيال بلعيد، لتشكيل الحكومة، وهو ما يمثل قمة الاستفزاز، وكذلك الإمعان بتعميق الأزمة التونسية. والوضع في مصر بالطبع لا يقل سوءا، بل هو أخطر؛ فأزمات مصر لا تُجابه بحلول حقيقية، بل بمحاولات التفاف مفضوحة على مطالب الشارع، والقوى السياسية، علما بأن حد الخلافات قد طال حتى حلفاء الإخوان المسلمين بالحكم، وهم السلفيون، والخلافات مستمرة بالطبع مع القضاء، والإعلام، والتكنوقراط، والنقابات، وحتى بعض المحافظات المصرية، أي أن الجميع في حالة اشتباك، وهو الأمر الذي انعكس على الاقتصاد والأمن، وبالتالي استقرار البلاد ككل وكيانها السياسي، وهذا ما يحذر منه الجيش المصري. يحدث كل ذلك وليس بالأفق أي تصور، أو جهد حقيقي لوحدة الصف وجمع الفرقاء، على أساس الشراكة الوطنية، وعدم استقواء الأكثرية على الأقلية، أو اختزال البلاد بتيار واحد. وما سبق لم يحدث بهذا السوء في الأنظمة القديمة، بتونس ومصر، ومهما بلغ سوء تلك الأنظمة وحكوماتها، فعلى الأقل لم تقع حالة صدام بين جميع مكونات المجتمع، كما هو الآن، ولم تكن محاولات الخروج من الأزمات قائمة على افتعال أزمات أخرى، أي الاستمرار بالحفر، والمثل يقول: إذا كنت بحفرة فتجنب مزيدا من الحفر، بل كانت هناك محاولات دائمة لتنفيس الاحتقان، وعلى الرغم مما يقع من تزوير في الانتخابات، وتغول من الأمن، فإن شعرة معاوية لم تقطع إلا بعد زمان؛ مصريا استغرق الأمر 3 عقود هي عمر نظام مبارك، بينما اشتعل حريق الأنظمة الإخوانية في مصر وتونس من الدقيقة الأولى، وليس بفعل فاعل، بل بسبب الرعونة السياسية، والإقصاء. واللافت أن تجد إعلاميين ومثقفين عربا يحرضون الأنظمة الجديدة على مزيد من المراوغة، وليس الحلول. أحد الصحافيين المروجين لـ«الإخوان» قال مدعيا إن ما حدث بين الجبالي والغنوشي مجرد مناورة لامتصاص غضبة التوانسة، ويأمل أن يحذو إخوان مصر حذوهم، وهذه قراءة خاطئة، حيث أثبت الجبالي أنه رجل دولة! وعليه، فمثلما أن أنظمة الربيع العربي أسوأ مما قبلها، فبالتأكيد أن مثقفي هذه الأنظمة أسوأ أيضا من مثقفي سالفتها.
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها حكومات الربيع أسوأ من سابقاتها



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon