قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله»

قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله»

قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله»

 لبنان اليوم -

قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله»

حازم صاغيّة
يذهب البعض من نقّاد «حزب الله» إلى أنّه نقل بندقيّته من مواجهة إسرائيل جنوباً إلى مواجهة الشعب السوريّ شمالاً، على ما بات واضحاً جدّاً في الأيّام القليلة الماضية انطلاقاً من معارك مدينة القصير. وهذا تقدير، على رغم حسن النيّات لدى أصحابه، خاطئ ومضلّل. فـ «حزب الله» حين كان يقاتل إسرائيل إنّما كان يقاتل دفاعاً عن المنظومة التي يشكّل النظامان السوريّ والإيرانيّ موقعها القياديّ. وهذا ما لم يكن خافياً إلاّ على الذين أرادوا ألاّ يروه وألاّ يروا خدماته المسداة للتركيب الامبراطوريّ والتوسّعيّ في المشرق. بغير هذا التأويل يستحيل أن نفسّر إقدام الحزب، في الثمانينات، على تصفية قوى أخرى شاءت أن تقاتل إسرائيل من دون أن تنضبط تمام الانضباط بالإملاءات الاستراتيجيّة الإيرانيّة والسوريّة. لقد تولّى الحزب آنذاك تنظيم الملاءمة بين الغاية والوسيلة، بحيث لا تخرج الثانية عن طاعة الأولى ولا تجد الأولى نفسها قليلة الحيلة. ثمّ في 2000، مع الانسحاب الإسرائيليّ من طرف واحد، لم يكن «حزب الله» مرتاحاً للتحرير، فساهم، مع نظام الوصاية السوريّ، في اختراع مزارع شبعا بوصفها مبرّراً كافياً لاستئناف الصراع وإبقاء البلد في أتون الحروب القاتلة. وغنيّ عن القول إنّ السبب الرئيس للموقف هذا لا يعدو الخوف من أن يمهّد الانسحاب الإسرائيليّ للمطالبة بانسحاب سوريّ، على ما حصل فعلاً في لقاء قرنة شهوان وما تلاه وصولاً إلى الانشقاق الحريريّ عن العباءة السوريّة. صحيح أنّ «حزب الله» هو الذي اضطلع بمهمّة التحرير وبدفع أكلافها. لكنّ ذلك، وعلى ما تبيّن مع حصول ذاك التحرير في 2000، لم يكن محكوماً بأيّ هدف وطنيّ لبنانيّ، خصوصاً أنّ نظريّة الانسحاب من طرف واحد كما طرحها إيهود باراك لم تكن على الطاولة قبلذاك. فحين قال باراك بهذه النظريّة وقع قوله وقع المفاجأة اللعينة التي ضاعفها تنفيذ الانسحاب فعليّاً. وتلك التجارب إنّما تُستعاد اليوم على ضوء معارك القصير الضارية والتي تحدّد ببلاغة ما بعدها بلاغة أنّ «التناقض الرئيسيّ»، في عرف «حزب الله»، إنّما يتعلّق بسلامة النظام السوريّ وأمنه، وطبعاً النظام الإيرانيّ وأمنه، وليس بالصراع مع إسرائيل. فالصراع المذكور ليس، في آخر المطاف، سوى الشرط الضروريّ لاشتغال ذاك النظام ضدّ شعبه وشعوب المنطقة، واشتغال عدّته الإيديولوجيّة والإعلاميّة استطراداً. فإذا صحّ هذا التقدير صارت المشاركة في معارك القصير مجرّد تطوّر تقنيّ في سياق سابق عليه. ذاك أنّ الحزب، قبل القصير وبعدها، يخوض حروب النظام السوريّ ويؤمّن شروط اشتغاله. وفي المعنى هذا، يلوح بائساً وزائفاً ذاك الوعي الذي صدّق ما يقال عن أولويّة الصراع مع إسرائيل التي لم تكن عند أيّ من الأطراف، ولا في أيّة مرحلة من المراحل، أولويّة. والحال أنّ «حزب الله» ما كان ليستطيع تصدير روايته هذه وحمل قطاعات واسعة، لبنانيّة وعربيّة، على تصديقها إلاّ لأنّ الداخل السوريّ كان معطّلاً ومؤجّلاً، فيما كان النظام السوريّ مرتاحاً إلى داخله المعطّل والمؤجّل هذا. فعندما اختلف الأمر بنتيجة الثورة، فُرض على الحزب أن يخوض معركته الفعليّة من دون مداراة أو تزويق. نقلاً عن جريدة "الحياة"
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله» قراءة متأخّرة لحروب «حزب الله»



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 17:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال
 لبنان اليوم - الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 20:53 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

المسرح الوطني اللبناني يحتفي باليوم العربي للمسرح

GMT 08:43 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

المغربي حكيم زياش يُطالب غلطة سراي بمستحقاته المالية

GMT 23:07 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

البياوي يبدأ مهمته في القادسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon