2014  2015 الواقع أكثر خيالًا

2014 - 2015: الواقع أكثر خيالًا

2014 - 2015: الواقع أكثر خيالًا

 لبنان اليوم -

2014  2015 الواقع أكثر خيالًا

حازم صاغية

هذه المرّة أُصيب التكهّن بالكساد. أشكاله جميعاً لم تُعطَ الفرصة التي كانت تُعطاها مع انتقالات سابقة من عام إلى عام. التنجيم لم يحتلّ الرقعة التي كان يحتلّها في التداول. الخيال العلميّ لم يظهر له أثر. الخيال الإبداعيّ المبنيّ على وقائع صلبة ضمر بدوره.

الواقع كان، هذه المرّة، أقوى من الخيال. الكارثة كارثيّة بما لا يحوجها إلى أدبها أو إلى علمها أو إلى خرافتها. الرؤيويّ الذي تستدرجه إلى حياتنا مناسبة رأس السنة بات يقيم في حياتنا إيّاها، طارداً الخيال، بل طارداً الرؤيويّة.

بلدان ومجتمعات طارت، أو أنّها في مهبّ الطيران، كما في روايات «الواقعيّة السحريّة». سوريّة، العراق، اليمن، ليبيا... إنّها تعود القهقرى إلى ما قبل النشأة والتشكّل، بعد الانتدابات ثمّ بعد الاستقلالات. و «داعش» الذي هو عميل هذا التحوّل التاريخيّ يجرح نرجسيّتنا بما يكفي.

الدين، وهو ما ربطه مؤرّخون ومستشرقون، بـ «الشرق»، ليست أحواله كما كانت لعقود مديدة. هناك افتراقات غير مسبوقة في فهمه وفي تصوير دوره. وهي وإن لم تتحوّل بعد إلى نظريّات متماسكة، فإنّها باتت تتّسع لزفرات حادّة، ولشكوك وطعون لا تزال حبيسة التواصل الاجتماعيّ ووسائطه.

النفط الذي تشكّلت بموجبه، منذ أربعين عاماً، اقتصادات المنطقة، والكثير من سياستها وثقافتها، وأغلب إعلامها، ربّما بدأ زمنه يأفل.

وثمّة «تفاصيل» في السياسة لا تقلّ إدهاشاً شهدها العام 2014 وستعيش معنا في العام الجديد. فإيران، على ما يبدو، لم تعد «دولة مارقة». إنّها دولة قلبها سحر «الساحر» دولة محترمة. وهي، ومعها سوريّة الأسد، صارتا حصنين لـ «مكافحة الإرهاب»! تركيّا، كذلك، لم تعد البلد المختبر للزواج العتيد بين الإسلام والديموقراطيّة. رئيس جمهوريّتها رجب طيّب أردوغان ينأى بها، بخطى كبرى، عن محاولة عقيمة كهذه.

لكنْ ربّما كان الأهمّ على المدى البعيد تلك الهجرات الضخمة، لا سيّما في سوريّة والعراق، التي تسبّبت بها قسوة الاستبداد والاحتراب الأهليّ. المشهد مؤلم بطبيعة الحال، لكنّ المشرّدين، هذه المرّة، يختلفون عن قوافل سابقة عرفها التهجير والاقتلاع في منطقتنا. فهم يفيضون بالملايين داخل بلدانهم وفي بلدان الجوار. لقد خسروا كلّ شيء في المكان الذي كانوا فيه ولم يكسبوا في الأمكنة التي أتوا إليها سوى العدائيّة والاضطهاد والاصطدام بوقائع معقّدة لا تقلّ عن تعقيد الوقائع في البلدان التي صدروا عنها. لقد خسروا في زمن لم يعد يوجد فيه من يملك شيئاً يعطيهم إيّاه.

النازح العراقيّ متمرّس بالنزوح. فالكرديّ سبق أن تعرّض لهذه التجربة، وكذلك الشيعيّ، وقبلهما المسيحيّ الأشوريّ. أمّا اليوم فباتت التجربة شاملة. وهي، في سوريّة، تضرب السنّة العرب أساساً من دون أن تستثني أحداً... لقد عُمّمت الحالة الفلسطينيّة وضُخّمت، هي التي بدت لنا ذات مرّة استثنائيّة لا تتكرّر، أو أنّ الغرباء الآتين من خلف البحار هم وحدهم الذين يرتكبونها.

هذه الموجة الهائلة قد تفضي إلى فوضى عارمة، وقد تؤدّي إلى خلطات سكّانيّة جديدة ليس هناك اليوم من يملك صورة عنها. لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه، فيما يواجهنا هذا التحوّل الهيوليّ: لماذا استطاعت إسرائيل التي تشكّلَ سكّانها من أطراف الأرض الواسعة، هم الذين ينقسمون إلى خمسة أخماس متمايزة، أن تتجنّب هذا الخيار المُرّ؟

لنتواضع قليلاً، ونحاول الإجابة عن هذا السؤال الحارق.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

2014  2015 الواقع أكثر خيالًا 2014  2015 الواقع أكثر خيالًا



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon