إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة

إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة

إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة

 لبنان اليوم -

إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة

حازم صاغية

تُطبق إيران على العالم ذي القيادة السنّيّة من اليمن ومن العراق، وتتحدّاه في البحرين ولبنان. وبدورها تنخر «داعش» قلب العالم ذي القيادة السنّيّة تقليديّاً، في سوريّة وفي العراق وفي أمكنة أخرى.

صحيح أنّ هذا الصراع ليس سنّيّاً – شيعيّاً بمعنى بسيط يختزل المعاني الأخرى، وطنيّةً كانت أم طبقيّة أم فكريّة أم غير ذلك. بيد أنّ هذه المعاني على كثرتها لا تجد اليوم صياغتها، بل لا تعي ذاتها، إلاّ من خلال التناقض الحاكم على نطاق إقليميّ عريض، أي ذاك السنّيّ – الشيعيّ.

وفي هذه الحدود، ليس من التجنّي على التاريخ أن يُقال إنّ السنّيّة الرسميّة، سنّيّة المؤسّسات الحاكمة، هي التي هندست المنطقة وصاغتها، عقداً بعد عقد، بل قرناً بعد قرن. والآن تبدو المؤسّسة المذكورة كأنّها تخوض معركة فاصلة ومركّبة لا يمكن إلاّ أن تكون مسؤولة حيالها: فإذا تراخت أمام التحدّي الإيرانيّ، كسبت «داعش» عواطف السنّة المحبَطين. وإذا تراخت أمام التحدّي «الداعشيّ»، كسبت إيران عواطف الكارهين للسنّة أو الخائفين منهم.

ونادراً ما كانت مسؤوليّة السنّيّة الرسميّة كبيرة كما هي اليوم، سيّما وأنّ ما تفعله، وما لا تفعله، يرتّبان تحالفات دوليّة كتقريب الغرب من إيران أو إبعاده عنها. وربّما كان «الملفّ النوويّ» صياغة مجازيّة لما يتعدّاه إلى صورة المنطقة ودوائر النفوذ فيها.

لهذا تعلو الأصوات في بيت السنّيّة الرسميّة، وإن كانت الجلبة والفوضى لا تزالان، حتّى اللحظة، أقوى هذه الأصوات. هكذا، مثلاً، نسمع من القاهرة كلاماً كثيراً عن «قوّة عربيّة مشتركة لمكافحة الإرهاب»، ونسمع من عواصم كثيرة أحاديث وتكهّنات عن مصالحة تركيّة – مصريّة ترعاها السعوديّة. ويلوح، أيضاً، كأنّ ثمّة استعداداً عند الآباء للعفو عن الابن «الإخوانيّ» الضالّ واستعادته إلى الحظيرة.

كائناً ما كان الأمر، فإنّ الصراع المركّب مع إيران ومع «داعش» يستدعي من السنّيّة الرسميّة تحوّلات ذاتيّة لم تكن من قبل مدعوّة إليها.

فالتصدّي لإيران يتطلّب، فضلاً عن الاستعداد العسكريّ الجدّيّ، ثقافة قتال لا تستفيد منها «داعش». في هذا المعنى، فإن شحن أجواء المنطقة بالعداء للشيعة و»الفرس» و»الروافض» لن يفيد إلاّ «داعش». وبلغة أخرى، يلوح أنّ التحدّي المطروح يكمن في الجمع بين الديناميّة الإيرانيّة ونموذج غير «داعشيّ» في مقاتلة إيران. فإذا تطرّف الإيرانيّون في الشيعيّة كان الردّ في عدم التطرّف في السنّيّة. ذاك أنّ مقاتلة «داعش»، في المقابل، تتطلّب، فضلاً عن القوّة العسكريّة، قوّة في النموذج الذي لا يزال، حتّى اللحظة، ينمّ عن ضعف وقلّة في الجاذبيّة ملحوظين.

وربّما جاز، في هذا المعنى، الحديث عن روح تونس، وعن استعارة هذه الروح في تلك المعركة المزدوجة، بوصفها حالة نجاح نسبيّ في التغيير، وفي الوقت نفسه، في تجنّب الزلازل الإقليميّة وعوارض التعصّب القاتل.

فالتحدّيان اليوم هما، بمعنى ما، يضعان تاريخ المنطقة في قفص الاتّهام، مثلما يضعان من هندسوا المنطقة أمام مسؤوليّاتهم، وأوّل تلك المسؤوليّات الإنقلاب على الذات.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة إيران و «داعش» تحدّيا السنّيّة الرسميّة



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon