تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ

تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ

تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ

 لبنان اليوم -

تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ

حازم صاغية

كثيرة هي العناوين التي يجري استخدامها في وصف التطوّر التركيّ الأخير، بعد عمليّة سوروج الإرهابيّة، وكلّ واحد منها قد يغطّي جزءاً من واقع الحال، كما ينقل المشهد من زاوية نظر بعينها. فهناك احتمال إجراء انتخابات نيابيّة عامّة في تركيّا يتوخّى منها رجب طيّب أردوغان أن تؤمّن له الأكثريّة التي لم تؤمّنها الانتخابات السابقة، وللسياسات الخارجيّة تأثير كبير عليها. وهناك توافق مستجدّ بين الولايات المتّحدة وتركيّا عبّر عنه قبول أنقرة استخدام قوّات التحالف قاعدة أنجرليك الجوّيّة. وثمّة من يتحدّث عن رغبة أردوغان في حسم مسألة «الدولة الكرديّة» جنوب بلاده، كي لا يتكرّر هناك السيناريو الذي عرفه شمال العراق، ولو أدّى ذلك إلى تجدّد الحرب مع «حزب العمّال الكردستانيّ» وانقطاع الحوار مع قائده الأسير عبد الله أوجلان. وثمّة، في المقابل، من يتحدّث عن رهان «العمّال الكردستانيّ» على إيران ما بعد الاتّفاق النوويّ وتعويله على استثمار ذاك الرهان تركيّاً. ودائماً هناك بطانة إيديولوجيّة للكلام، إذ يرى البعض أنّ وراء العقل «الاخوانيّ» لـ «حزب العدالة والتنمية» تقيم أزمة العلاقة بين «الإخوان» والسياسة ذاتها. هكذا يتّجه أردوغان لأن يأخذ الدنيا غلاباً، ضدّاً على بشّار الأسد و «داعش» والأكراد دفعة واحدة، من دون تقدير كافٍ لأكلاف هذه المغامرة المثلّثة الأضلاع.

لكنّ هذه العناوين يمكن إدراجها جميعاً تحت عنوان أكبر وأشمل هو خريطة النفوذ الإقليميّ بعد الاتّفاق النوويّ الأميركيّ – الإيرانيّ، وهذا مع العلم بأنّ كلّ خريطة نفوذ مرشّحة تعريفاً لأن تلد خرائطَ دول، أو لأن تصيرها.

فالترحيب التركيّ بالاتّفاق النوويّ لا يلغي الرغبة في التكيّف مع ظروف ما بعد الاتّفاق، بقدر ما يشي بها وبالميل إلى استدراج قوّة تضيفها أنقرة إلى قوّتها، وبها تناظر القوّة المستجدّة التي قد تحرزها طهران. هكذا يغدو ملحّاً أن توسّع تركيّا نفوذها جنوباً على حساب الأسد والأكراد و «داعش» معاً، وأن تعيد تنظيم علاقاتها بالولايات المتّحدة فتستثمر الشقّ غير المتّفَق عليه بين واشنطن وطهران، مقابل استثمار الأخيرة الشقّ المتّفق عليه مع واشنطن.

وإذا كان المولعون بالواقع يجدون في حرب اليمن مصداقاً على خلط أوراق وخلط نفوذ يجريان في عموم المنطقة، فالمولعون بالتاريخ قد يرجعون القهقرى إلى مطالع القرن السادس عشر، حين ولد التنازع الإيرانيّ – التركيّ، الإثنيّ والمذهبيّ ثمّ الدولتيّ، بوصفه ثابتاً من ثوابت الشرق الأوسط. عهدذاك، وعلى يد مؤسّسها اسماعيل، قهرت السلالة الصفويّة التيموريّين، ثمّ استولت على إيران وعمّمت المذهب الشيعيّ تجسيداً لتمايزها عن العثمانيّين. وربّما كان السلام الوحيد والمديد نسبيّاً الذي عرفته العلاقات التركيّة – الإيرانيّة مذّاك هو ما شهدته حقبة الحرب الباردة حين اصطفّ الطرفان، الخائفان من جارهما السوفياتيّ في الشمال، وراء الولايات المتّحدة. أمّا الأكراد فكانوا ويبقون أصفى مرايا التنازع هذا، إذ هم، منذ 1514، ضحايا التحالف مع هذا ضدّ ذاك، أو مع ذاك ضدّ هذا، وإن تمكّنوا بين فينة وأخرى من إقامة بضع إمارات لهم في جبال كردستان.

لكنْ إذا صحّت افتراضات كهذه، أفلا يجوز لنا أن نتوقّع من إسرائيل عملاً عدوانيّاً ما، في لبنان أو في سوريّة، خصوصاً أنّ إيران، من خلال «حزب الله»، تقيم على حدودها أيضاً وتحضّها على التكيّف مع توازنات ما بعد الاتّفاق النوويّ؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ تركيّا وإيران والنفوذ الإقليميّ



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 22:52 2020 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 16:07 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ضربة إيرانية تغلق جميع منشآت التكرير في حيفا

GMT 23:14 2019 الثلاثاء ,12 آذار/ مارس

يوسف عنبر مدربًا للمنتخب السعودي

GMT 15:00 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

إتحاد الفروسية يختتم بطولة لبنان لموسم ٢٠٢١

GMT 13:22 2022 الأحد ,13 شباط / فبراير

مكياج خفيف وناعم للمناسبات في المنزل

GMT 23:36 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جنبلاط بحث مع شينكر في المستجدات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon