نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة

نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة

نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة

 لبنان اليوم -

نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة

خيرالله خيرالله

ما لا يقوله عبدالملك بدرالدين الحوثي، زعيم «انصار الله« في اليمن، يقوله قياديون ينتمون إلى المكتب السياسي للحركة. كلام الحوثي في غاية الخطورة، خصوصا عندما يتحدّث، بعد السيطرة على صنعاء، عن «ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر« التي ألغت «ثورة السادس والعشرين من سبتمبر« (اعلان الجمهورية).

ولكن الأخطر من ذلك كلّه، أن هناك من يكشف بصراحة اكبر هدف «انصار الله« المتمثّل بالاستيلاء على اليمن، أقلّه على أكبر مساحة منه. الدليل على ذلك أن احد أعضاء المكتب السياسي صرّح أخيرا بأنّ الحوثيين حلّوا مكان الدولة «مستندين إلى الشرعية الثورية«. قال بالحرف الواحد: «عندما تتخلّى الدولة عن مسؤولياتها، من حقّ الشعب البحث عن وسائل أخرى لتنظيم نفسه بنفسه وحماية نفسه. اللجان الشعبية (الميليشيا الحوثية) تقوم بهذا الدور مستندة إلى شرعيتها الثورية. على المتباكين على الدولة، وقف صراخهم (...) إنّ اللجان الشعبية وُجدت نتيجة غياب الدولة».

باسم «الشرعية الثورية»، وهي تعني عمليا الغاء للدولة اليمنية التي عرفناها، وقيام دولة على القياس الحوثي، يتقدّم «انصار الله» في كلّ الإتجاهات. إنّهم يسعون بكل بساطة إلى ملء الفراغ الناجم عن انهيار الدولة وما كان يسمّى الشرعية الدستورية.

ينطبق على «انصار الله» في اليمن، مثل فرنسي مشهور يقول: «إن الشهية تأتي وانت تأكل». شهية الحوثيين في اليمن، كبرت فيما هم يتقدّمون ببطء، نسبيا، ولكن بثبات وصولا إلى صنعاء. بعد صنعاء كانت الحديدة، الميناء اليمني الأكبر على البحر الأحمر المؤدي جنوبا إلى باب المندب. اتجهوا في الوقت ذاته نحو الوسط الشافعي، أي نحو البيضاء وإب ومشارف تعز وهي أكبر مدينة يمنية.

كان متوقّعا أن يركّز الحوثيون على محافظة حجّة وميناء ميدي الواقع على شاطئها، وذلك بعد سيطرتهم على صنعاء. ولكن عندما وجدوا سهولة في التقدّم في اتجاه تطويق العاصمة ووضعها في الجيب، صارت حجّة ساقطة عسكريا. صارت حجّة وراءهم لا أكثر، علما أنّها رمز اساسي من رموز الزيدية نظرا إلى أن معظم العائلات الهاشمية الكبيرة، مثل آل حميد الدين وآل المتوكّل منها.

كانت سيطرة الحوثيين على مدينة عمران مطلع تمّوز الماضي بمثابة بداية الرحلة الطويلة التي ليس معروفا اين يمكن أن تتوقف. فمعركة عمران التي سبقها استيلاء الحوثيين على مناطق كانت تعتبر من معاقل آل الأحمر، زعماء قبيلة حاشد، كانت نقطة تحوّل.

لم يكن سقوط عمران سقوطا لآل الأحمر الذين كانوا شركاء في السلطة والثروة، عبر الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله)، فحسب، بل كانت أيضا سقوطا للقوة العسكرية المتحالفة معهم. على رأس تلك القوّة العسكرية كان اللواء علي محسن صالح الأحمر، المحسوب على الإخوان المسلمين، والذي عمل كلّ ما يستطيع ابتداء من العام من أجل التخلّص من ابن قريته علي عبدالله صالح وحكمه الذي استمرّ ثلاثة وثلاثين عاما، عن طريق المشاركة في انقلاب عليه.

ما حسم معركة عمران، هزيمة اللواء الذي كان يُعتبر من بين أقوى الوية الجيش اليمني واكثرها عديدا، أقلّه على الورق. كان ذلك اللواء، الذي يمتلك كمّيات كبيرة من الأسلحة التي استولى عليها الحوثيون، يحتل مواقع استراتيجية في المحافظة. كانت تلك المواقع تشكّل افضل حماية لصنعاء.

لم تكن هزيمة اللواء بقيادة العميد حميد القشيبي، الذي أصرّ الحوثيون على قتله، أمرا عاديا. فتحت تلك الهزيمة الطريق إلى صنعاء التي اصبحت بالنسبة إلى «انصار الله» بمثابة لقمة سائغة. بعد ذلك، راحت شهيّة «انصار الله»، الذين تقف وراءهم ايران تزداد، خصوصا أنّهم اكتشفوا أنّ لا وجود لقوات حكومية مستعدة للتصدي لهم في العاصمة ومحيطها.

الأكيد أن الحوثيين لم يتوقعوا أن تكون معركة صنعاء بهذه السهولة. الواقع أنّ القوات التي لا تزال موالية للرئيس السابق محيّدة. ليس معروفا الآن كم حجم هذه القوات وما الذي تستطيع عمله. الأمر الثابت أن الرئيس الإنتقالي عبد ربّه منصور هادي لم يعد يمتلك أيّ قوة تذكر بعدما خسر رهانه، الذي كان ايضا رهان المحيطين به. كان رهانه يقوم على حساب في غاية البساطة، حتّى لا نقول السذاجة.

كان الحساب يستند إلى أنّ الحوثيين سيستنزفون اللواء في عمران وأن هذا اللواء الموالي لعلي محسن صالح الأحمر وللإخوان المسلمين سيستنزفهم.

هنا، خسر الرئيس الإنتقالي رهانه بعدما استطاع «انصار الله» القضاء على اللواء، الذي كان مفترضا به أن يصمد وأن يوقع هزيمة بالحوثيين تجعلهم يرتدون في اتجاه صعدة.

فقد الرئيس الإنتقالي القدرة على أن يتحوّل الى حكم. سقطت صنعاء فسقط معها. ما يدلّ الى سقوطه عجزه عن تعيين رئيس للوزراء واضطراره في نهاية المطاف إلى اختيار اسم من بين ثلاثة اسماء قدّمها له «انصار الله».هل يستطيع عبد ربّه استعادة المبادرة في حال احتاج الحوثيون اليه اثر المغامرة التي خاضوها في الوسط الشافعي؟.

ليس عبد ربّه منصور من سيضع حدّا لشهية الحوثيين. السؤال الآن هل في استطاعتهم الوصول إلى باب المندب، الذي لديه أهميّة استراتيجية على الصعيد الدولي؟

ما يمكن أن يضع حدّا لشهية الحوثيين هو تركيبة المجتمع اليمني. تقدّم الحوثيون بسهولة في البيضاء. لكنّهم اضطروا إلى خوض مواجهات في إب. كان عليهم الإنكفاء، وإن موقتا، عند مشارف تعز. شيئا فشيئا ترتدي الهجمة الحوثية طابعا مذهبيا في بلد كانت فيه هذه الظاهرة بعيدة عن التداول اليومي كما صارت عليه الحال الآن.

يمتلك الحوثيون ما يكفي من القوّة والتحالفات بما يسمح لهم بالسيطرة على الشمال اليمني، أقلّه على جزء كبير منه. امامهم حاليا امتحان حاسم. هذا الإمتحان هو مناطق الوسط الشافعية التي تحول دون التواصل المباشر مع الجنوب حيث «الحراك» الذي فيه جناح على ارتباط بهم. ما حدث في إب، وحتى في البيضاء، يؤكّد أنّ نزهة «انصار الله» التي بدأت بالسيطرة على عمران، ثمّ صنعاء والحديدة، لم تعد نزهة.

عاجلا أم آجلا، سيترتب على الحوثيين، المدعومين ايرانيا، التعاطي مع الواقع اليمني المعقّد. هل استعجل «انصار الله» الإبتعاد كثيرا عن صنعاء وعن المناطق ذات الكثافة الزيدية؟. من الباكر اعطاء رأي نهائي في هذا الشأن، خصوصا أنّ لديهم اختراقاتهم في مناطق الوسط، بما في ذلك إب وتعز وجوارهما.

الأمر الوحيد الأكيد أن السيطرة على اليمن وتطويعه ليس بالسهولة التي تعتقدها ايران والتي عبر عنها غير مسؤول في طهران، آخرهم علي اكبر ولايتي.

من يعرف طباع اليمنيين وتقلباتهم يستطيع القول بكلّ راحة ضمير إنّه كلما اعتقد المرء أنّه يعرف اليمن، كلّما اكتشف كم أنه يجهله... ويبدو أنّ هذه المقولة لا تنطبق على غير اليمنيين فقط، بل على عدد لا بأس به من اليمنيين أنفسهم وعلى قوى سياسية تظنّ أنّ في استطاعتها تفكيك الغاز هذا البلد ذي الحضارة العريقة وأحجيته.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة نزهة «أنصار الله» في اليمن لم تعد نزهة



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon