حماس والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي

"حماس" والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي!

"حماس" والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي!

 لبنان اليوم -

حماس والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي

خير الله خير الله
بقلم - خيرالله خيرالله

الأكيد أن “حماس” في مأزق تسبب به “طوفان الأقصى”، وهو هجوم شنته على مستوطنات غلاف غزّة من دون أفق سياسي. لا يدل على عمق هذا المأزق أكثر من اضطرارها إلى إعدام ست رهائن إسرائيليين خشية وصول الجيش الإسرائيلي إليهم تمهيدا لتحريرهم. بين الرهائن إسرائيلي يحمل أيضا الجنسية الأميركية. حمل ذلك الرئيس جو بايدن على التحدث عن هذا العمل الشنيع علنا. حمل ذلك أيضا نائبة الرئيس كمالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة، على إصدار بيان هاجمت فيه “حماس” بعنف لفظي ليس بعده عنف بصفة كونها، من المنظور الأميركي، منظمة “إرهابيّة”. تبدو تلك إشارة واضحة إلى منافسة بين المرشحة الديمقراطية للرئاسة وبين المرشح الجمهوري دونالد ترامب في مجال استرضاء إسرائيل التي هي قوّة احتلال ليس إلّا.

الأكيد أيضا أنّ السلطة الوطنيّة في مأزق تعبّر عنه استفاقة رئيس السلطة محمود عبّاس (أبومازن)، بعد 19 عاما على الانسحاب الإسرائيلي من كلّ غزة، على ضرورة العودة إليها. لا تعني هذه الاستفاقة شيئا بمقدار ما تعني إفلاسا حقيقيا على كلّ الصعد في ضوء العجز عن ممارسة أيّ ضغط على إسرائيل من أجل وقف الحرب التي تشنها على غزة. يخشى من تحوّل الضفّة الغربيّة امتدادا لحرب غزّة، خصوصا في ضوء ما يجري في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين. يبدو أنّ إسرائيل مصرّة على التخلّص من هذا المخيّم من دون التساؤل عن سبب وجوده أصلا. هناك رفض إسرائيلي للتعاطي مع واقع يتمثل في أنّ الدولة العبريّة مسؤولة أصلا عن تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين منذ قيامها في العام 1948. يشمل ذلك المقيمين في مخيم جنين…

ما يبدو أكيدا أكثر من ذلك كلّه، أنّ إسرائيل نفسها في مأزق، بل تعاني من أزمة وجودية تسبّب بها “طوفان الأقصى” الذي كشف عدم امتلاك اليمين الإسرائيلي غير مشروع مستحيل هو تصفية القضيّة الفلسطينيّة. هذه القضيّة هي قضيّة شعب موجود، في قسم منه، على أرض فلسطين، شعب لا يمكن إنكار وجوده بأيّ شكل.

ردّت إسرائيل على “طوفان الأقصى” بالسعي إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة من دون امتلاك أيّ خيار سياسي كان مفترضا أن يترافق مع هجومها على غزّة والانتقال حاليا إلى ما يمكن وصفه ببداية حملة واسعة على الضفّة الغربيّة. مثلما لم يكن من أفق سياسي لـ”طوفان الأقصى”، لا وجود لأيّ أفق سياسي لكلّ ما تقوم به إسرائيل التي تحولت رهينة للمستقبل السياسي لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وضعت إسرائيل، بفضل حكومة نتنياهو، نفسها في موقع لا تحسد عليه وذلك على الرغم من كلّ الدعم الأميركي المتوافر لها.

هل تستطيع الحكومة اليمينيّة الموجودة حاليا في إسرائيل تصفية القضيّة الفلسطينيّة؟ الجواب أنّ مثل هذه المهمّة مستحيلة. هذا ما استوعبه باكرا إسحق رابين الذي وقّع اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، في خريف العام 1993 في حديقة البيت الأبيض. بغض النظر عن كلّ ما يمكن قوله عن اتفاق أوسلو المليء بالفجوات، يظلّ أنّه تضمن اعترافا متبادلا بين حكومة إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينيّة. أدرك رابين، الذي ما لبث أن اغتيل في تشرين الثاني – نوفمبر 1995، على يد يميني متطرف، أنّه لا يمكن إلغاء الشعب الفلسطيني وأن لا مجال لضمّ الضفة الغربيّة إلى ما نهاية. بكلام أوضح، لا مستقبل لإسرائيل، في حال كانت تريد البقاء دولة ذات أكثريّة يهودية من دون انفصال عن الفلسطينيين الذين سيكون عليهم بناء دولة خاصة بهم بدل أن يكونوا مواطنين إسرائيليين!

في مرحلة ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، كان ياسر عرفات يعاني من حال ضعف كبيرة بعدما وقف مع صدّام حسين لدى احتلاله الكويت. كان يعاني من عزلة عربيّة ودوليّة شبه شاملة. على الرغم من ذلك، وُجد في العالم من يعيد تأهيله من أجل المشاركة في مؤتمر مدريد في إطار “وفد مشترك” مع الأردن. بعد ذلك، ما لبث أن انفصل الفلسطينيون، بقيادة “أبوعمار” ومشيئته، عن “الوفد المشترك” وساروا في اتجاه أوسلو. لم يكن ياسر عرفات قادرا على ذلك لولا وجود ثقل للقضيّة الفلسطينيّة لا تستطيع إسرائيل تجاهله في حال كانت تريد بالفعل العيش في المنطقة.

حشرت إسرائيل نفسها في خيار لا علاقة له بالواقع والمنطق. حسنا، استطاعت إلغاء غزّة من الوجود وحوّلتها إلى أرض طاردة لأهلها. ماذا ستفعل غدا بالضفّة الغربية التي يصرّ اليمين الإسرائيلي على بقائها تحت الاحتلال؟ الواضح أنّ اليمين الإسرائيلي لا يفكّر بأيّ حلول مستقبلية بمقدار ما يفكّر بهواجس مبنية على خرافات ذات طابع ديني يؤمن بها أمثال الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. الأخير لا يعترف بوجود شعب فلسطيني.

يظلّ أخطر ما في الأمر أنّ إسرائيل التي تنوي شن حرب على الضفّة الغربية بحجة الانتهاء من القضيّة الفلسطينيّة ومن الفلسطينيين، تعد نفسها لحروب أخرى في وقت باتت جبهة لبنان مفتوحة على كلّ الاحتمالات. هل يمكن خوض كلّ هذه الحروب من دون خيارات سياسيّة واضحة المعالم ومن دون القوة البشرية القادرة على القتال باستمرار… وطوال سنوات؟ الجواب لا وألف لا مهما بلغ الدعم الأميركي من جهة ومهما امتلكت الدولة العبريّة من تفوق تكنولوجي من جهة أخرى. المأزق الإسرائيلي أكبر بكثير مما يعتقد بقيت “حماس” أو انتهت، وهي انتهت كونها لا تدري أنّ غزة، التي هي حاضنتها، لم تعد موجودة.

يبقى سؤال أخير مرتبط بالداخل الإسرائيلي: هل توجد قوة شعبية تستطيع وقف الحروب التي يشنها بنيامين نتنياهو وهي حروب معروف كيف بدأت وليس معروفا كيف ستنتهي في غياب الخيارات السياسية؟

نقلا عن "المصري اليوم"

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي حماس والسلطة في مأزق… لكن المأزق الأكبر إسرائيلي



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon