الامتحان الحقيقي في سوريا

الامتحان الحقيقي في سوريا...

الامتحان الحقيقي في سوريا...

 لبنان اليوم -

الامتحان الحقيقي في سوريا

بقلم: خير الله خير الله

لابدّ من العودة إلى السؤال الأوّل والأهم. إنّّه السؤال المتعلق بنجاح أحمد الشرع، في داخل سوريا وليس الاكتفاء بالنجاحات الخارجية، وهي نجاحات لابدّ من الاعتراف بأنّها مرموقة. كان الانتهاء من «قانون قيصر» آخر النجاحات التي تحققت على الصعيد السوري. لم تعد سوريا تحت عقوبات أميركيّة وتستطيع بذلك إعادة بناء علاقتها مع العالم، العالم الغربي خصوصاً من دون عقد. لكنّ المهمّ ما حجم التغيير في الداخل السوري الذي سعى نظام الأسد إلى تدميره؟ هل تعود سوريا دولة طبيعية، دولة مساواة بين مواطنيها كما وعد أحمد الشرع...؟

بكلام أوضح، هل تستطيع سوريا التصالح مع نفسها بدءاً بالتخلي عن شعارات من نوع تصديق أنّّها «قلب العروبة النابض» في منطقة لا يحتاج فيها أي بلد إلى دروس في الوطنية من بلد آخر؟

في هذه الأيّام، تمرّ الذكرى الأولى لفرار بشّار الأسد إلى موسكو. لم يكن الأمر مجرّد فرار لديكتاتور دموي كان يعتقد أنّ في استطاعته توريث سوريا لنجله كما حدث مع والده حافظ الأسد، لدى وفاته في العام 2000. يتعلّق لأمر بتغيير كبير على الصعيد الإقليمي.

ما تبين بعد سنة على تخلّص سوريا من نظام أقلّوي، تحكّم بالسوريين، بين 1970 ونهاية 2024 أنّ ليس في الإمكان الاستخفاف بالتحديات التي تواجه النظام الجديد في سوريا، بما في ذلك مستقبل أبناء الطائفة العلويّة ومنطقة الساحل السوري. توجد مشكلة علويّة في سوريا. هذا واقع لا مفرّ من الاعتراف به. لكن هل في استطاعة بقايا النظام السابق تحويل المشكلة العلويّة إلى قضيّة علويّة؟ من الواضح أنّ بقايا النظام تسعى إلى ذلك عن طريق إسرائيل التي حمت النظام الأسدي منذ قام. لم ترفع الغطاء عنه إلّا بعدما ارتكب بشّار الأسد في أواخر العام 2024 غلطة العمر المتمثلة في السماح بنقل أسلحة متطورة إلى «حزب الله» عن طريق الموانئ السوريّة.

إلى أي حدّ يمكن أن تذهب إسرائيل في دعم المجموعات التي تعمل من أجل خلق قضيّة علويّة؟ من الصعب الإجابة عن مثل هذا السؤال. لكن الأكيد أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب، تقف أقلّه في المدى المنظور، حاجزاً في وجه إسرائيل ولديها مصلحة في المحافظة على وحدة سوريا. عند هذه النقطة تلتقي الإدارة الأميركيّة مع تركيا التي تدعم بدورها النظام الذي على رأسه أحمد الشرع.

سيتعمد الكثير في المستقبل على قدرة النظام السوري الجديد على أن يكون مختلفاً. لا يكون ذلك سوى بالابتعاد عن ممارسات حافظ وبشّار الأسد، خصوصاً لجهة كيفية التعاطي مع الأقلّيات بدءاً بالدروز وانتهاء بالعلويين مروراً بالأكراد. من واجب النظام السوري الجديد قطع الطريق على إسرائيل المستعدّة للربط مع بعض الجهات العلوية والمساعدة في تحويل مشكلة هذه الجهات إلى قضيّة.

لا يمكن تجاهل وجود آلاف الضباط والعسكريين العلويين في بيوتهم. ليس أسهل من لجوء إسرائيل في دعم هؤلاء في غياب استيعابهم بطريقة أو بأخرى. لا يمكن تحميل كلّ العلويين مسؤولية ارتكابات حافظ وبشّار الأسد وجعل المواطن العلوي، الذي عانى بدوره من ممارستهما، يدفع الثمن. من الضروري التذكير بأنّ حافظ الأسد، بعقله الجهنمي، أفقر عن سابق تصوّر المناطق العلوية كي بجبر أبناء هذه المناطق على الالتحاق بالجيش والأجهزة الأمنيّة التي كانت العمود الفقري لنظامه.

لا شكّ أن هناك علويين من نوع ماهر الأسد ورامي خلف وكمال حسن، آخر مدير للمخابرات الجويّة، يتآمرون على سوريا ويحلمون باليوم الذي يصبح فيه العالم يتحدّث عن قضيّة علوية. لكن مما لا شك فيه أيضاً أن على النظام الجديد في سوريا واجبات تجاه كلّ مواطن سوري بغض النظر عن دينه أو مذهبه أو قوميته. لن يكون الغطاء الأميركي والتركي وحتّى العربي كافياً في المدى الطويل من أجل حماية سوريا من المخاطر التي تتهدّدها في الجنوب والساحل والمناطق التي يوجد فيها الأكراد. لا يحمي سوريا ووحدتها في نهاية المطاف غير المساواة بين المواطنين.

يبقى أنّ العبارة الأهمّ التي تصلح شعاراً قابلاً للتحقيق في المرحلة المقبلة، هي عبارة تصالح سوريا مع نفسها. الإنجازات التي تحققت في الخارج مهمّة جدّاً، لكن لا قيمة لها في حال غياب التغيير الداخلي على كلّ صعيد. يشمل ذلك في طبيعة الحال تفادي قيام طبقة أو مجموعة متميزة على حساب مصالح الشعب السوري بكل فئاته بغض النظر عن الطائفة والمذهب والقوميّة. ذلك هو الامتحان الحقيقي أمام النظام السوري الجديد في ظلّ معطيات إقليميّة مختلفة جذريا عن الماضي القريب.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الامتحان الحقيقي في سوريا الامتحان الحقيقي في سوريا



GMT 19:39 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 19:38 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 19:36 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 19:35 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عن توقيت المعارك

GMT 19:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السردية الإسرائيلية التي دحضها أحمد الأحمد

GMT 19:33 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

التجاهل والتعامي بوصفهما حرفةً

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon