المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن

المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن

المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن

 لبنان اليوم -

المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن

خيرالله خيرالله

المشروع الإيراني مخيف. ولا يمكن لهذا المشروع إلا أن يسقط ولكن بعد أن يكلف المنطقة الكثير من الدمار والدم.

الهجمة الإيرانية مستمرة في كلّ مكان، خصوصا في اليمن. هناك مناورات عسكرية في محافظة صعدة يقوم بها الحوثيون، أي “أنصار الله”. الرسالة موجّهة مباشرة إلى المملكة العربية السعودية التي لديها حدود مع هذه المحافظة الشمالية.

فوق ذلك، يقول الحوثيون إنّ هذه المناورات، التي تقتصر حتّى الآن، على تحريك دبابات وآليات أخرى استولى عليها الحوثيون، هي من النوع المشترك، أي بين “اللجان الشعبية”، وهي ميليشيات تابعة للحوثيين، وقوات من الجيش اليمني. إنّها رسالة فحواها أنّهم صاروا الدولة اليمنية من جهة وأنّ مؤسسات تلك الدولة، أو ما بقي منها، باتت تحت تصرّفهم وفي إمرتهم من جهة أخرى.

لعلّ أخطر ما في الأمر ما وزّعه الناطق باسم “أنصار الله” عن اتفاقات وقّعها الحوثيون باسم “الجمهورية اليمنية”، مع الجمهورية الإسلامية في إيران. قال الناطق بعد زيارة وفد يمني لطهران إنّه “تمّ التوقيع على إطار تفاهم للشراكة الاقتصادية الشاملة بين الجمهورية اليمنية والجمهورية الإسلامية. شمل الاتفاق الاحتياجات الأساسية في مجال الكهرباء والنفط والتبادل التجاري والاقتصادي وتعزيز التعاون الثنائي والاستفادة من الخبرات والإمكانات الإيرانية في كلّ المجالات”.

من هو الوفد اليمني الذي وقّع “إطار التفاهم”؟ من أين يستمدّ شرعيته؟ من سمح له بذلك؟ هل يكفي أن يكون عبدالملك الحوثي، زعيم “أنصار الله”، أعلن عن قيام نظام جديد تحت مسمّى “ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر”، تاريخ وضع الحوثيين يدهم على كلّ صنعاء في سبتمبر من العام الماضي، حتّى يسلّم العالم ومعه مجلس التعاون لدول الخليج العربية بقيام نظام جديد في اليمن؟

هل هذا كاف كي يكون هناك اعتراف بهذا النظام وبأنّ إيران صارت جزءا لا يتجزّأ من المعادلة اليمنية؟

المطلوب، في ما يبدو، الاعتراف أكثر من أيّ شيء آخر، بأنّ إيران صارت، في أقلّ تقدير، جزءا من هذه المعادلة. وهذا ما يفسّر عدم إغلاق مجلس التعاون باب المشاركة، أمام الحوثيين، في مؤتمر المصالحة اليمنية في الرياض. هل يقبل الحوثيون المشاركة كطرف يمني، أم يصرّون على أنّهم اليمن كلّه؟

هناك واقع تسعى إيران إلى تكريسه في اليمن، أقلّه في جزء من البلد، وذلك بعد فشلها في التقدم في اتجاه تعز وفي اتجاه المحافظات الجنوبية. يتمثّل هذا الواقع في تأكيد أنّ صنعاء والمنطقة المحيطة بها صارت تحت السيطرة وأنّ القرارات التي تتخذ في صنعاء مرتبطة مباشرة بما يقرّره المركز، أي طهران. طهران التي تمتلك قرار صنعاء.

    الإدارة الأميركية لا تفقه شيئا في الشرق الأوسط نظرا إلى أنها تعتبر أن الملف النووي الإيراني يختزل كل مشاكل المنطقة

تبدو إيران، مستعجلة على كلّ شيء. تبدو بكل بساطة المستفيد الأوّل من الرغبة الأميركية في التوصّل إلى اتفاق معها في شأن ملفها النووي. بالنسبة إلى إيران المهتمّة في التوصل إلى الاتفاق من أجل رفع العقوبات المفروضة عليها، أو التخفيف منها، هناك فرصة زمنية لا تعوّض. تتمثّل هذه الفرصة بوجود إدارة أميركية لا تفقه شيئا في الشرق الأوسط نظرا إلى أنّها تعتبر أن الملفّ النووي الإيراني يختزل كلّ مشاكل المنطقة. هذه الإدارة مستعدة لتجاهل الدور الإيراني في سوريا والعراق وحتّى في لبنان وفلسطين. لماذا لا تستغلّ إيران الفرصة المتاحة؟

إذا توصّلت إلى اتفاق في شأن ملفّها النووي، يكون ذلك جيدا. وإذا لم تتوصّل إلى مثل هذا الاتفاق، ليس ما يمنع استغلال الموقف الأميركي لتحقيق مكاسب في كل منطقة عربية تسعى إلى أن يكون لها موطئ قدم فيها، أي في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والبحرين.

لم يعد المسؤولون العسكريون في طهران يخجلون من القول إن ايران “حرّرت” نسبة خمسة وثمانين في المئة من الأراضي السورية وجعلتها تحت سيطرة نظام بشّار الأسد ذي الصلاحية المنتهية.

لم يعد سرّا قيادة قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني المعركة في تكريت. صار هناك قائد إيراني للقوات العراقية التي تخوض تلك المعركة وإلى جانبها ميليشيات من أحزاب مذهبية عراقية. يفتخر قادة هذه الأحزاب للأسف الشديد، بالسير خلف سليماني والظهور معه في الصور…

بات المسؤولون في طهران يتفاخرون بوجود ميليشيا مذهبية في لبنان اسمها “حزب الله” وبأن هذه الميليشيا التي تسعى إلى الهيمنة على البلد هي نتاج “الثورة الإيرانية”.

لا شكّ أن الاندفاعة الإيرانية في اليمن لم تتوقف بعد، على الرغم من الحاجز الشافعي في الوسط والجنوب والتعبئة في أوساط القبائل في مأرب. ولكن ما يظل مطروحا في نهاية المطاف ماذا ستفعل إيران بما حقّقته في العراق وسوريا ولبنان واليمن؟ هل لديها القدرة على البناء على ما تعتبره انتصارات لها؟

الجواب أنّ في استطاعة إيران التخريب وليس البناء. تستطيع استغلال كلّ ثغرة عربية من أجل تحسين مواقعها. استغلّت “داعش” في العراق، واستغلّت التقصير الدولي في دعم ثورة الشعب السوري على نظام أقلّوي يريد استعباده، واستغلّت الرغبة الإسرائيلية الدائمة في وجود لبنان غير مستقرّ تكون فيه مجموعات مسلّحة غير خاضعة لسلطة الدولة. واستغلّت الانقلاب الذي نفّذه الإخوان المسلمون على علي عبدالله صالح من أجل الحلول مكانه…

استغلّت إيران قبل كلّ شيء الغياب العربي، أو على الأصحّ الاستفاقة العربية المتأخّرة على خطورة مشروعها التوسّعي القائم أساسا على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية.

ولكن ماذا بعد ذلك؟ هل يمكن لإيران أن تطرد السنّة العرب من العراق؟ هل تستطيع القضاء على الشعب السوري الذي يقف بأكثريته الساحقة في وجه النظام الذي أراد استعباده؟ هل تستطيع وقف المقاومة اللبنانية لثقافة الموت التي تريد فرضها في بلد متمسّك بثقافة الحياة، التي هي علّة وجوده؟

حتّى بالنسبة إلى اليمن الفقير، ماذا لدى إيران تقدّمه؟ صحيح أنها مستفيدة من الظلم التاريخي الذي عانت منه المناطق التي يقيم فيها الحوثيون، على رأسها محافظة صعدة، لكن الصحيح أيضا أن التذرّع بالظلم والحرمان الذي لحق بمجموعة من السكّان ليس سببا كافيا للقضاء على ما بقي من مؤسسات الدولة اليمنية بحجة قيام نظام جديد مبني على اجتياح ميليشيا مذهبية لعاصمة هذا البلد.

لعلّ أسوأ ما في الأمر أن المشروع الإيراني مشروع من جانب واحد. هذا المشروع يدمّر الدول بدل أن يبنيها. ليس لدى إيران من نموذج تقدّمه، خصوصا أنها بلد نفطي مضطر إلى استيراد النفط المكرّر، كما أنّ نصف الشعب الإيراني يعيش تحت خطّ الفقر.

المشروع الإيراني مخيف. ولا يمكن لهذا المشروع إلّا أن يسقط ولكن بعد أن يكلّف المنطقة الكثير من الدمار والدمّ. الثابت أن اليمن ليس سوى نموذج ومثال صارخ على ما يمكن أن يحلّ، على يد إيران، ببلد مسكين آخر ما يحتاج إليه شعبه هو مزيد من السلاح ومزيد من التفتيت ومزيد من الفقر والبؤس والعصبيات المذهبية…

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن المشروع الإيراني… آخر ما يحتاج إليه اليمن



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon