ما تغطيه إيران عبر اليمن

ما تغطيه إيران عبر اليمن

ما تغطيه إيران عبر اليمن

 لبنان اليوم -

ما تغطيه إيران عبر اليمن

خيرالله خيرالله

هل إيران في وضع ضعيف، مثلها مثل 'حزب الله'، كي تتبجح بالطريقة التي يتبجح بها بـ'انتصاراته'؟

إلى أي مدى يمكن الكلام عن انتصار إيراني كبير تحقّق في اليمن؟ لا شكّ أن إيران باتت، عبر الحوثيين أي “أنصار الله”، تسيطر على جزء من اليمن. هذا ما تنبّه إليه وزراء الداخلية الخليجيون الذين اجتمعوا في السعودية، وأكّدوا أن أمن اليمن “جزء لا يتجزأ” من أمن الخليج.

لكنّ المستغرب في المشهد اليمني، خصوصا بعد دخول “أنصار الله” صنعاء بالطريقة التي دخلوا بها العاصمة، تلك المبالغات الصادرة عن بعض الأوساط الإيرانية. بدأت هذه الأصوات تتبجّح بقوّة ايران وجبروتها وانتشار نفوذها في المنطقة وفي البحار، وصولا إلى باب المندب. قد يصل الحوثيون إلى باب المندب، خصوصا أنّهم صاروا في الحديدة…

يبدو الهدف من هذه المبالغات، على الرغم من الأهمّية الإستراتيجية لليمن، التغطية على شيء ما. قد يكون هذا الشيء رفض المجتمع الدولي الاعتراف بالدور المهيمن لإيران في المنطقة، وحصر المفاوضات معها في الملفّ النووي. قد يكون ذلك عائدا أيضا إلى الصفعة التي تلقتها إيران في العراق، حيث صارت هناك معطيات جديدة ترفض طهران الاعتراف بها…

من عادة المسؤولين الإيرانيين التقليل من حجم الانتصارات التي يحقّقونها. هذا عندما يكون هناك انتصار حقيقي لا يمثل مجرد حاجة إلى التغطية على ضعف ما في مكان ما. يكتفي هؤلاء، في العادة، بالتظاهر بالعفّة والتواضع وادّعاء رفض التدخّل في شؤون الدول الأخرى… والشكوى في الوقت ذاته من الظلم الذين يتعرّضون له من جانب قوى “الاستكبار العالمي” وإسرائيل طبعا.

في المقابل، يترك الإيرانيون المبالغات للأدوات التي في تصرّفهم، مثل “حزب الله”. من عادة الحزب الذهاب إلى أبعد حدود في المبالغة، والحديث عن انتصارات لا علاقة لها بالواقع من قريب أو بعيد. فالحزب، الذي ليس سوى لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، تحدّث وما زال يتحدّث عن “النصر الإلهي” الذي حقّقه في حرب صيف العام 2006، في حين أن الحرب كانت هزيمة ساحقة ماحقة ليس بعدها هزيمة للبنان الذي تعرّضت بنيته التحتية ومنازل المواطنين للخسائر والدمار، هذا دون التطرّق إلى حجم الضحايا بين المدنيين… في وقت لا تزال في جنوب لبنان، حتّى الآن، بيوت مهدمة نتيجة إرهاب الدولة الذي مارسته إسرائيل أثناء حرب 2006.

يمكن فهم موقف “حزب الله” الذي لا يتردّد، كلّما سنحت له الفرصة هذه الأيّام، في الذهاب بعيدا في تقدير حجم الانتصار الحوثي في اليمن. الحزب في حاجة دائمة إلى رافعة نظرا إلى أنّه يعاني من تورّطه في سوريا حيث يشارك نظاما فئويا، يمثّل أقلّية، في ذبح شعبه. يفعل ذلك من منطلق مذهبي بحت بناء على طلب إيراني. إنّه في حاجة مستمرّة إلى إيجاد غطاء للأخطاء الضخمة التي يقع فيها، مثل خطأ الدخول في مواجهة مع الشعب السوري.

في كلّ وقت من الأوقات، يكون هذا الغطاء على حساب لبنان، وعلى حساب اللبنانيين الذين عليهم الآن تحمّل النتائج المترتبة على التدخل العسكري للحزب في سوريا، على سبيل المثال وليس الحصر.

مبالغات “حزب الله” دليل ضعف، وليس دليل قوّة ولا تمرّ إلا على السذّج أو على الانتهازيين من المرتبطين بمصالح معه. إنّها تنم عن استخفاف بعقول اللبنانيين الذين يعرفون تماما أنّ قوة الحزب في سلاحه، غير الشرعي، الموجه إلى صدورهم العارية، وفي قدرته على تعطيل مؤسسات الدولة اللبنانية، بما في ذلك منع انتخاب رئيس للجمهورية. ما هذه القدرة على ممارسة السلبية التي يعتبرها “حزب الله” انتصارات تصبّ، في نهاية المطاف، في إفقار اللبنانيين من كلّ الطوائف والمذاهب وإجبارهم على الهجرة؟ أين البطولة في نشر البؤس ومنع العرب من المجيء إلى لبنان والاستثمار فيه مثلا؟

هل إيران في وضع ضعيف، مثلها مثل “حزب الله”، كي تتبجّح بالطريقة التي يتبجّح بها بـ”انتصاراته”؟

صحيح أنّ الحوثيين، أي “أنصار الله” الذين سيطروا على صنعاء، باتوا يتحكّمون بالقرار السياسي في البلد. لا حكومة يمنية بعد اليوم دون موافقة “أنصار الله” الذين تربطهم علاقة عضوية بإيران. هناك منطقة يمنية باتت تحت السيطرة الكاملة للحوثيين الساعين، حاليا، إلى التمدد في اتجاه محافظة حجّة التي لديها ميناء على البحر الأحمر هو ميدي. صحيح أيضا أنّ في استطاعة الحوثيين الاكتفاء، في أسوأ الأحوال، بكيان خاص بهم يجعلون منه دولة تمتلك منفذا بحريا وحدودا طويلة مع المملكة العربية السعودية. كذلك، صحيح أن الحوثيين أقوياء في داخل صنعاء، حتّى لو خرج منها قسم من الميليشيا التابعة لهم، فضلا عن أنّ مطار صنعاء سيظلّ تحت مظلتهم وسيطرتهم الفعلية.

كلّ هذا صحيح. ولكن في ما يتعلّق باليمن، ما الذي في استطاعة “أنصار الله” عمله للناس العاديين؟ هل إيران مستعدّة لضخّ مليارات الدولارات سنويّا لدعم الاقتصاد اليمني، كي يكتشف اليمنيون، الذين يعيشون بأكثريتهم الساحقة تحت خطّ الفقر، أن شيئا ما تغيّر منذ ذهاب الرئيس علي عبدالله صالح إلى منزله؟ هل في استطاعة إيران تحمّل عبء اليمن، بمجرّد أنّها تمتلك ميليشيا مسلّحة متماسكة تطلق شعارات مؤيدة لها من نوع “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود”؟

دعم اليمن من دون خطّة مدروسة تتولى جهات قادرة تنفيذها على الأرض، أشبه بمن يحاول تعبئة الماء بواسطة سلّة مثقوبة. سبق لكثيرين أن حاولوا دعم اليمن في مرحلة كانت فيها، في عهد علي عبدالله صالح، شبه هياكل لمؤسسات الدولة. ما العمل الآن في ظلّ انهيار الدولة. لو كانت إيران تستطيع البناء، لكانت استخدمت مواردها النفطية في خدمة شعبها الذي يعيش نصفه، إن لم يكن أكثر من نصفه، تحت خطّ الفقر.

تستطيع إيران إطلاق صيحات النصر قدر ما تشاء. لا شكّ أنّها باتت موجودة في منطقة استراتيجية في الجانب الآخر من الجزيرة العربية، ولكن من الباكر الحسم في الموضع اليمني.

من الباكر جدّا الحسم، على الرغم من أنّه يجب عدم الاستخفاف بالحوثيين، وبما يمثّلونه في اليمن، خصوصا في المحافظات الشمالية حيث الرابطة الهاشمية بين العائلات الكبيرة، وهي رابطة يستخفّ بها كثيرون، نظرا إلى أنّهم لا يعرفون الكثير عنها. إطلاق صيحات النصر شيء، والواقع شيء آخر. اليمن ليس بلدا سهلا. يمكن سؤال المصريين عن ذلك، والعودة قليلا إلى المغامرة التي خاضها جمال عبدالناصر الذي أرسل أفضل قواته إلى هذا البلد في ستينات القرن الماضي. كلّفت المغامرة اليمنية عبدالناصر ومصر الكثير، بل الكثير جدّا، وكانت تنمّ عن جهل شبه تام بالبلد وتعقيداته وبطبيعة اليمنيين وتقلّباتهم.

كانت إيران تعتقد أنّ العراق صار في الجيب، وأن البحرين ستسقط بين لحظة وأخرى، وأن سوريا صارت تحت السيطرة، كذلك لبنان. لم تكن حساباتها دقيقة لا في العراق ولا في البحرين ولا في سوريا ولا في لبنان.

حيث توجد إيران، توجد مقاومة لها ولفكرها المذهبي، الذي يقوم على استغلال المذهب في خدمة مشروع سياسي ذي طابع توسّعي، علما أن الانتماء الفارسي هو ما يهمّ الإيرانيين ويحرّكهم أوّلا وأخيرا.

حتّى في اليمن، حيث يوجد كره للإخوان المسلمين وما يمثّلونه، تستطيع إيران التخريب. هذا أمر مفروغ منه. يعرف كلّ لبناني، يمتلك حدّا أدنى من العقل والمنطق، أن إيران تلحق أضرارا كبيرة بالبلد بدليل دورها في تعطيل المؤسسات وضرب الاقتصاد، من دون الحديث الآن عن دورها في إثارة الغرائز المذهبية، وفي قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والاغتيالات الأخرى…

لماذا يكون دورها مختلفا في اليمن حيث تسير، من ناحية المبالغات، على خطى “حزب الله”؟

هل إيران بهذا الضعف بعد الضربة التي تلقتها في العراق والتي ستتلقاها، عاجلا أم آجلا، في سوريا، سوريا- الأسد طبعا؟ هل هذا الضعف الذي يفسّر المبالغة في انتصارها اليمني الذي لابدّ من الاعتراف بأنّه انتصار، أقلّه إلى الآن…

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما تغطيه إيران عبر اليمن ما تغطيه إيران عبر اليمن



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon