«داعش» وفضيحة الموصل

«داعش» وفضيحة الموصل

«داعش» وفضيحة الموصل

 لبنان اليوم -

«داعش» وفضيحة الموصل

غسان شربل

سقوط محافظة نينوى في يد «داعش» ليس انتكاسة عابرة للجيش العراقي. إنه فضيحة كاملة ومدوية للجيش والحكومة. كلام رئيس الوزراء نوري المالكي عن «خديعة» و»مؤامرة» لا يقلل من خطورة ما حدث. إعلانه عن تشكيل جيش رديف من المتطوعين يحمل أيضاً خطر تجديد شباب الميليشيات. ما كانت الموصل لتُستباح على يد «داعش» لو كان العراق يعيش في ظل حكومة توفر تمثيلاً طبيعياً للمكونات. ما كانت لتُستباح لو كانت العلاقات الشيعية - السنية طبيعية أو شبه طبيعية ولو كانت العلاقات بين بغداد وأربيل كما ينبغي أن تكون. وما يصدق على الموصل يصدق على أنحاء أخرى يسكنها المكون نفسه.
ذهبت إلى الموعد فوجدت الرجل يتابع الأنباء الواردة من الموصل. وشاءت الصدفة أن يكون الرجل معنياً، بحكم موقعه، باختراق «داعش» والاستعداد لمواجهتها.
قال إن الوضع في المنطقة شديد الخطورة وإن «داعش» هي الملف الأخطر. سألته أن يوضح هذه الخطورة فأجاب:
- «داعش» جيش صغير فعال عابر للحدود لا يؤمن بالدول القائمة ولا بالتعايش بين مكوناتها. وهذا يعني أن دخوله إلى هذه الدولة أو تلك يعني الحرب الأهلية والحرب المذهبية والفتك بالأقليات.
- تضم «داعش» مقاتلين أشداء متطرفين أخضعوا لدورات تدريب فعلية وتم غسل أدمغتهم بطريقة مخيفة واعترف معتقلون من أفرادها بأنهم كانوا يتسابقون على تنفيذ العمليات الانتحارية.
- يملك التنظيم أسلحة حديثة. استخدم في هجوم الموصل مثلاً صواريخ أوكرانية مضادة للدبابات من طراز «سكيف» شديدة الفعالية وهي بالمناسبة غير مطروحة في السوق السوداء ما يرسم علامات استفهام حول تمكن التنظيم من الحصول عليها.
- تصل مداخيل التنظيم في العراق إلى ما يقارب 50 مليون دولار شهرياً بفعل إتاوات وضرائب وتبرعات ومداخيل بوسائل مختلفة. ووجود مثل هذا المبلغ في عهدة التنظيم يعطيه قدرة عالية على الاستمرار في القتال.
- أتاح عمق الانقسام المذهبي للتنظيم استقطاب عناصر كان يفترض ألا ينجح في الوصول إليها وهي فئة خريجي الجامعات والمهندسين.
- الأخطر هو جاذبية «داعش» للمقاتلين الأجانب الوافدين من الغرب وأماكن أخرى ما يوفر للتنظيم خبرات لم يكن يمتلكها. الملفت أن معظم المقاتلين الأجانب في سورية يعملون في صفوف «داعش» التي يزيد عدد عناصرها على أربعة الآف في حين تضم «جبهة النصرة» التابعة لـ»القاعدة» نحو عشرة الآف مقاتل أكثريتهم الساحقة من السوريين.
- لا مبالغة في القول إن «داعش» التي ألغت الحدود بين العراق وسورية لبناء إمارة عابرة للحدود تشكل خطراً جدياً على المنطقة والعالم. وخير دليل المشاورات التي تجريها الدول الأوروبية والغربية استعداداً لمواجهة مشكلة «العائدين من سورية».
- يعزز وجود «داعش» ظاهرة الجيوش الصغيرة الجوالة. لا بد من الالتفات إلى أن «حزب الله» يقاتل في سورية وكذلك «عصائب أهل الحق» العراقية.
- تزايد الجيوش الجوالة في العراق وسورية واليمن يضاعف احتمالات الغرق في حرب مذهبية إقليمية مدمرة.
- كشفت معركة الموصل وقبلها معركة الفلوجة هشاشة الجيش العراقي. أما في سورية فإن جيشها لا يزال يفضل حتى الآن سكب حممه على المناطق الخاضعة لكتائب «الجيش الحر» متناسياً معاقل «داعش» والمتشددين.
رسم المتحدث صورة مقلقة قاتمة. توقع أنهاراً من الدم ما لم تدرك دول المنطقة الهاوية التي تندفع إليها. سألته إذا كان ممكناً احتواء خطر «داعش» وكيف فأجاب:
«في العراق لا بد من قيام حكومة وحدة وطنية فعلية تمنح السنة صفة الشريك الفعلي وهي مهمة لم يعد الرئيس نوري المالكي قادراً على الاضطلاع بها. لا بد لإيران الحريصة على وحدة البيت الشيعي العراقي من تسهيل مهمة العثور على بديل للمالكي. هذه الحكومة ستكون قادرة على الإفادة من قدرات الجيش العراقي وقوات إقليم كردستان فضلاً عن استقطاب العشائر».
تستعد «الدولة الإسلامية» لـ»غزوات أخرى». يستعد المالكي لاستعادة نينوى بالسلاح وتحريرها من «الأوباش». ما هو المقصود بـ»الجيش الرديف»؟ من أين يأتي؟ وكيف سينظر إليه السنة والأكراد على رغم رفضهما لـ»داعش»؟ يحتاج العراق إلى تسوية تاريخية تنقذ العملية السياسية وتوقف لعبة الكمائن والاستيلاء على الدولة وانتزاع المناطق. يمكن تحويل «فضيحة الموصل» إلى فرصة للإنقاذ بدلاً من تحويلها إلى مدخل لفتح أبواب الجحيم على مصراعيها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» وفضيحة الموصل «داعش» وفضيحة الموصل



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon