رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن»

رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن»

رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن»

 لبنان اليوم -

رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن»

طلال سلمان

سمحت لي ظروف مهنتي أن أشترط الذهاب إلى الجزائر المنتصرة بالثورة على دهر الاستعمار ـ الاستيطاني الفرنسي، قبل الالتحاق بالعمل لإصدار مجلة في الكويت.

... ولقد شهدت في الجزائر العاصمة ولادة تاريخ جديد للأمة عبر انبثاق جمهورية الجزائر الديموقراطية: حضرنا افتتاح أول مجلس نيابي في الجزائر الحرة. كان المشهد مثيراً، فالعديد من «النواب» يحملون آثار حرب التحرير في أجسادهم وعليها: بينهم مقطوع اليد أو اليدين، وبينهم على عكازين، وبينهم من فَقَدَ عيناً أو عينيه، ومعظمهم لا يعرف أن «يهدر» إلا «بالعامية الجزائرية».

تعلقت أنظارنا، نحن الوافدين من المشرق، بالأبطال الخمسة العائدين من الأسر الفرنسي الطويل، والذين سيختار المجلس واحداً منهم، هو أحمد بن بله، رئيساً للجمهورية... أما حسين آية أحمد فلسوف يختار أن يكون زعيم المعارضة.

ولقد باشر هذا القائد ـ حامل الدكتوراه في الحقوق والذي «يهدر بسبعة ألسن» على حد ما عبّر بعض المعجبين به تقديراً لثقافته العريضة ـ فعل «المعارضة» منذ اللحظة الأولى. فعقد مؤتمراً صحافياً أول ثم ثانياً فثالثاً خلال أيام قليلة، يبرّر فيها موقفه. كان أبرز مطالبه: اعتبار الأمازيغية لغة رسمية ثانية في البلاد التي كان شعبها، وعبر أجياله الجديدة، يحاول أن يتعلم اللغة العربية... ولذلك استعان بآلاف المدرّسين من مصر وسوريا والعراق ولبنان لكي يتولوا هذه المهمة القومية المشرفة.

بقرار واع، اتخذ حسين آية أحمد موقع قائد المعارضة، ربما لأنه أمضى عمره مقاوماً، ضد الاستعمار بالسلاح، وفي مواجهة رفاقه الذين رأى أنهم مندفعون مع تيار العروبة بأسرع مما يمكن للشعب الخارج من أسر استعمار استيطاني استطال لأكثر من مئة وخمسين عاماً.

ولأنه كان حاداً في معارضته التي اتسمت بقدر من العنصرية من خلال إلحاحه الشديد على اعتبار «الأمازيغية» لغة رسمية ثانية في الجزائر، فقد اصطدم مع بن بله، بداية... وعمد إلى إنشاء «جبهة القوى الاشتراكية» خارج إطار جبهة التحرير الوطني الجزائرية، وتطرف في معارضته إلى حد المباشرة ببناء تنظيم مسلح ثم إلى تنظيم تمرد مسلح. لكن حركته فشلت، وألقي القبض عليه وحوكم وحكم بالإعدام، لكن الحكم لم ينفذ.

مع بداية عهد الرئيس هواري بومدين، الذي خلع بن بله قبل أن يتم العام الثالث في الرئاسة (الأولى بعد الاستقلال)، تمكن من الفرار من السجن.. وعاش فترة طويلة في منفاه السويسري ليعود إلى بلاده أواخر العام 1989.

في العام 1992 خاض الانتخابات النيابية ففاز حزبه «جبهة القوة الاشتراكية» بالمركز الثالث بعد جبهة التحرير والجبهة الإسلامية.

بعدها عاد إلى منفاه السويسري، فور اغتيال الرئيس محمد بوضياف في تموز 1992، ليعود بعد سبع سنوات إلى الجزائر فيرشح نفسه للرئاسة ثم ينسحب منها قبل إجرائها في نيسان 1999.

له مؤلفات عدة بينها: «الحرب وما بعد الحرب» 1964 ـ «حقوق الإنسان في أفريقيا» 1983 ـ «مذكرات مقاتل» 1983 ـ «قضية ميسيلي» 1992.

من أبرز مواقفه ضرورة أن يواكب الانفتاح الاقتصادي الانفتاح السياسي، والبيروقراطية، مثل السائدة في الجزائر، تقتل الديموقراطية.

والمعركة الأساسية التي على الإسلام أن يخوضها هي معركة حضارية، ونتيجة هذه المعركة مرهونة بالأجوبة التي سيقدمها لمشاكل حقوق الإنسان سواء المدنية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.

رحم الله هذا المجاهد العنيد في مواقفه، والذي جرّب السجن مرتين، الثانية في العهد الوطني، والمنفى مراراً أخطرها بعد انتصار الثورة وقيام جمهورية الجزائر الديموقراطية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن» رحيل حسين آية أحمد المجاهد الذي «يهدر بسبعة ألسن»



GMT 22:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

سنوات الهباء

GMT 21:09 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

حضرموت ومنطق الدولة

GMT 20:52 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان

GMT 20:51 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

الغرب يعالج مشاكله... على حساب الآخرين!

GMT 20:50 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح»

GMT 20:49 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان

GMT 20:48 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

بدور نسجت تاريخها

GMT 20:45 2025 الأحد ,14 كانون الأول / ديسمبر

على وزن المطار السري

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:42 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 10:45 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

التصرف بطريقة عشوائية لن يكون سهلاً

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 16:53 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

فساتين زفاف من جيني بايكهام لخريف 2021

GMT 16:44 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

تسريب صور مخلة للآداب للممثلة السورية لونا الحسن

GMT 21:23 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جبران باسيل يلتقي وكيل وزارة الخارجية الأميركية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon