حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه

حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه

حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه

 لبنان اليوم -

حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه

علي الأمين

لغة جديدة فرضها حزب الله في التداول السياسي الداخلي، عبر جملة مصطلحات اوردها الأمين العام لحزب الله في خطابيه الاخيرين، تحمل في طياتها دلالات مرحلة جديدة يدخل فيها لبنان، ابرزها: "التعبئة العامة"، "تعبئة عشائر وعائلات بعلبك – الهرمل"، " الخطر الوجودي"، "شيعة السفارة". مثل هذه المصطلحات، التي تنطوي على تهويل او هجوم مضاد من قبل حزب الله، قد تكون غايتها صرف النظر عن مآلات قتاله في سورية، وصرف النظر عن معركة القلمون، بالتركيز على بلدة عرسال وجرودها.

حسنا فعلت قيادة الجيش باستباق اي محاولة لخلق صدام بين عرسال ومحيطها، بالدخول الى بلدة عرسال عبر دوريات عسكرية تابعة للجيش، في تأكيد على مرجعية الجيش بإدارة الملف العسكري في البلدة ومحيطها. إذ تنذر بتفجير البلد دعوة السيد نصر الله لاستنفار عشائر وعائلات شيعية في مواجهة خطر يؤشر إليه في عرسال ومحيطها. هنا تكمن اهمية ان يبقى ملف امن عرسال ومحيطها بيد الجيش، وضمن المصلحة التي يقررها هو لا تلك التي تفرض عليه ولحسابات تتجاوز لبنان.

ذلك ان ايّ تورط لحزب الله او لعائلات وعشائر شيعية في مواجهة مع عرسال يعني توريط البلد في تفجير يربط الأزمة السورية ميدانيا بالديمغرافيا اللبنانية. اذ ان مثل هذا السيناريو، لو تحقق لا قدرّ الله، سيعني ان هذه الخطوة تعبر في مضمونها عن قرار صدام مع الجيش اولاً، كما تعني الاصطدام بالطائفة السنيّة، بعدما تحولت عرسال الى رمزية سنيّة يصعب توقع تداعيات اسقاطها لبنانيا أولا، وسورياً، ثانياً.

خطورة المشهد الذي يتشكل في سورية والعراق في ان الهوية الوطنية غير موجودة في لغة الصراع القائم. لكأنما نجح تنظيم داعش في تثبيت ثقافته وتعميم نمطه الايديولوجي على خصومه واعدائه. فعندما اعلن عن دولته الاسلامية في العراق والشام لم يول ايّ اعتبار للهوية الوطنية العراقية او السورية. في المقابل حزب الله يعتبر نفسه اكبر من لبنان ويتيح لنفسه ان يتخطى الحدود اللبنانية حيث يرى ان واجبه الديني يتطلب ذلك. ومن دون ان يجد نفسه ملزما بشروط الهوية الوطنية. والحشد الشعبي كذلك في العراق، لم يتحرك بل لم ينشأ الا عندما اقترب تنظيم داعش من المقامات الشيعية، ولم تصدر فتوى تشكيله من المراجع الشيعة الا بعد اقتراب داعش من مناطق شيعية. وها هو اليوم يكتسب مشروعية اميركية ليشكل القوة الشيعية في مواجهة داعش السنية. خصوصا ان المبنى العقيدي لهذا الحشد شيعي بامتياز (لبيك يا حسين). خلاصة المشهد انّ الوطن يفقد مكانته في اسس الصراع القائم وخلفياته السياسية والايديولوجية.

اذاً المزاج الداعشي هو المسيطر، وهذا التهميش للهوية الوطنية ينطبق على سورية ايضا. فها هو بشار الأسد ينكفىء نحو خريطة جديدة يدافع عنها. خريطة تقوم على بناء خطوط دفاع على اساس طائفي ومذهبي. فهل لبنان قادر على الصمود والمحافظة على التوازن السني – الشيعي الهش في مواجهة التعبئة النفسية المذهبية التي تسيطر على المجتمع وعلى الخطاب السياسي؟

هذا التهميش للهوية الوطنية يجد صداه في لبنان، من خلال انتعاش الهويات العميقة، بحيث تتحول الهوية الوطنية الى وهم لبناني ايضاً، في ظل قابلية تأثر عالية بالخارج، قد تؤدي إلى خلق ايّ معطى سياسي او ميداني جديد، من قبيل اسقاط الحكومة او انفجار القتال في عرسال. وهذا سيفتح الساحتين السورية واللبنانية على بعضهما. فالنسخ الموجودة للهويات الطبيعية او التقليدية في سورية موجودة في لبنان، والعكس صحيح.

الخطر الذي يخيم على لبنان يكتسب جدّيته من ان التصعيد السياسي الذي تنحو اليه القوى الحزبية لا يتم في مناخات استقرار امني، بل في ظلّ حرب قائمة ووسط الغاء للحدود، وتهميش للانتماء الوطني وللدولة، بما يرجح المآلات نفسها التي وصلت إليها الحروب المفتوحة في سورية والعراق وصولا الى اليمن.

المصطلحات التي اوردها السيد نصرالله في خطابيه الأخيرين لا تنتمي في التعريف والدلالة الى تأشير على خطر يتهدد الدولة والكيان والهوية الوطنية، بل على خطر في مجال آخر لا تحكمه الكيانية اللبنانية المهشمة... بل مجال الهويات التي ترتسم خرائطها بخطاب الدم والقبيلة وباسم الأمة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه حزب الله يتبنى خطاب داعش ويسير على خطاه



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon