فلسطين حاضرة في الخطابات غائبة عند التوقيع النووي

فلسطين: حاضرة في الخطابات غائبة عند "التوقيع النووي"

فلسطين: حاضرة في الخطابات غائبة عند "التوقيع النووي"

 لبنان اليوم -

فلسطين حاضرة في الخطابات غائبة عند التوقيع النووي

علي الأمين

احتفى وزيرا الخارجية الاميركية والايرانية بنجاحهما بالتوصل الى اتفاق شبه نهائي حول الملف النووي الايراني، فقد وصف جون كيري الاتفاق مع طهران بالعظيم، مؤكدا أنه "لدينا معايير لحل المسألة النووية الايرانية". فيما أعلن وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان "الامم المتحدة ستعلن في بيان جديد الغاء جميع العقوبات عن ايران وسيكون هناك اتفاق شاخص بهذا الاتجاه".

ليس خافياً على اي متابع عادي للمفاوضات الجارية ان المطالب الايرانية كانت تتركز على رفع العقوبات المالية والاقتصادية عن ايران، في مقابل التزام ايران بالشروط الدولية لبرنامجها النووي لا سيما درجة التخصيب والمراقبة وتفتيش منشآتها من دون شروط وغير ذلك.

بعدما كانت القيادة الايرانية قد اشترطت رفع العقوبات دفعة واحدة بعد توقيع الاتفاق، وافق المفاوض الايراني اخيراً على رفع تدريجي للعقوبات الدولية يمتد الى سنوات قد تصل الى عشرة، في مقابل ان ترفع العقوبات التي فرضتها الحكومات الغربية كاملة بعد توقيع الاتفاق. ايران بشّرت وتبشر منذ 35 عاما بسياسة هدفها تحرير فلسطين. وأسست في سبيل هذا الهدف فيلق القدس، الذي مدّت نفوذهها عبره من ايران الى العراق فسورية ولبنان وصولا الى حدود فلسطين المحتلة، وخاض معارك بالمباشر وبالواسطة في سبيل تحقيق هدف تحرير القدس.

كل الادبيات السياسية الممانعة تخبرنا كيف ان ايران تفرض على المجتمع الدولي شروطها، وعلى انها في مفاوضاتها مع الاميركيين تتعامل بندية، بل تلزم المجتمع الدولي ان لم يكن بالرضوخ لها، فعلى الأقل القبول بشروطها. لو لم يكن هذا الخطاب الانتصاري حاضرا على منابر الممانعة، لكان يمكن القول إن من حقّ القيادة الايرانية ان تفاوض وتتنازل وتعيد علاقتها مع "الشيطان الأكبر"، وان تطلب من الغرب الاستعماري ان يفتح اسواقه لها، وان يوفد شركاته للاستثمار في ايران، وأن تنسق مع هذا الغرب بما تقتضي مصلحة الدولة. لكن ايران، التي اخترقت الدول العربية بعنوان القدس وفلسطين، وادارت حروبا بشكل مباشر وبالواسطة في اكثر من دولة عربية، ودائما بذريعة فلسطين والمقاومة ومواجهة الكيان الصهيوني، لا يحق لها بعد كلّ هذا الدمار الذي حلّ في الدول العربية باسم المقاومة والقدس وفلسطين من سورية الى العراق ولبنان وصولا الى غزّة، ألا تكون اسرائيل في صلب المفاوضات النووية، بمعنى الاّ تضع ايران، المنتصرة في خطاب الممانعة، شروطا في مفاوضاتها مع واشنطن تتصل بالقضية الفلسطينية او بالسلاح النووي الاسرائيلي.

فإيران التي حققت "قفزات نوعية اقتصادية وتكنولوجية وقدمت النموذج التنموي الذي يبزّ الغرب في مستوى ما حققه من رفاه للمجتمع الايراني". طبعاً بحسب خطاب الممانعة، ولأننا نريد تصديق أن هدف تحرير القدس هو غاية السياسات الايرانية في المنطقة العربية، كما يقول مسؤولوها حين يخاطبون العرب، او حين يبررون دعمهم لنظم الاستبداد... فإن السؤال الطبيعي: لماذا لا تقايض القيادة الايرانية تنازلاتها النووية بفرض شيء من القيد الدولي على اسرائيل؟ سواء على مفاعل ديمونا الاسرائيلي، أم إلزام اسرائيل بالاقرار بحقوق الشعب الفلسطيني او جزء منها؟

نعلم ان ايران رفضت، كما قال مرشدها السيد علي خامنئي، ادراج اي ملف آخر في مفاوضاتها النووية. وقدمت السياسة الايرانية هذا الرفض باعتباره انتصاراً لايران، وهو كذلك. فإيران التي استثمرت نفوذها، ولا تزال، في العالم العربي، لا تريد ان يدفع الغرب اثمانا لتنازلاتها النووية خارج حدودها ولو كان في القدس. القيادة الايرانية ليست في وارد تقديم هدايا فعلية الى الفلسطينيين، من خلال المقايضة في ملفها النووي. على رغم انّ الخطاب الايديولوجي الايراني ظلّ يردد خلال العقود الماضية وخلال تمدده عربياً انه يعادي الغرب بسبب فلسطين.

هذا ما يكشف الى حدّ بعيد ان ايران عندما تتصالح مع "الشيطان الأكبر" لا يكون سبب المصالحة تغيير السياسة الاميركية من القضية الفلسطينية، بل اشياء اخرى لا علاقة لفلسطين بها مطلقاً. والتمدد الايراني في المنطقة العربية بدا انه سبيل لمحادثة الغرب من اجل تحقيق مصالح ايران، وطريق الطموح من أجل تشريع الادارة الاميركية لنفوذها في الدول العربية. وهو نفوذ لم يحقق حتى الآن ايّ مكسب سياسي او عسكري للقضية الفلسطينية. بل الواقع يشهد كيف ان السياسة الايرانية ونفوذها كان من نتائجها اضعاف الكيانات العربية، وزيادة الشروخ في مجتمعاتها. بالطبع ليست إيران وحدها من يتحمل المسؤولية لكن في حساب الارباح والخسائر فإن الدول العربية ومجتمعاتها خسرت. وها هي إيران تفاوض الغرب مستخدمة نفوذها العربي لتحقيق مكاسب للدولة الايرانية فيما العرب، حكومات ومجتمعات، والقضية الفلسطينية اولا، ليس لهم ذكر إلا حين الحديث الايراني – الاميركي الماكر عن تقاسم الجبنة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين حاضرة في الخطابات غائبة عند التوقيع النووي فلسطين حاضرة في الخطابات غائبة عند التوقيع النووي



GMT 17:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ميلاد مجيد محاصر بالتطرف

GMT 17:16 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكومة العالم

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

هل انتهى السلام وحان عصر الحرب؟!

GMT 17:15 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟

GMT 17:13 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مقتل الديموغرافيا

GMT 17:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

مبدأ أثير لدى ساكن البيت الأبيض

GMT 17:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

ماذا تبقى من ذكرى الاستقلال في ليبيا؟

GMT 17:10 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظاهرة الأصولية وحالة «التأقلم الماكر»

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon