سراج الغولة

سراج الغولة

سراج الغولة

 لبنان اليوم -

سراج الغولة

حسن البطل
بقلم - حسن البطل

ستّ بتلات لتلك الزهرة. بل عددتُ بتلات عدة زهور، حتى تأكدت أنها "مبرمجة" جينياً لتكون، أبداً، ستَّ بتلاتٍ لكلّ زهرة.
لماذا عددتُها مرّات؟
لها جمالُها الخاص؛ جمالٌ شيطاني ووقح أيضاً. فهل رأيتم زهوراً بريّة تنبت من بادرة (بالتأكيد بصلة).. تزهو أياماً محدّدة من تشرين الأوّل، ثم تذبل، دون ورقة خضراء واحدة تحيط بـتاجها؟
كما لو أنني ما زلت طفلاً (ما زلت كذلك، كما أعتقد) وضعت عدة زهور بين دفّتَي كتاب سميك، غزير الأوراق.
كل بصيلة من تلك الزهرة تنشب "رماحها" أو "أسِنَّتها" في الهواء إلى علوّ لا يزيد على 6 سم (صدّقوني قمت بقياس طول البتلات الجافّة بين دفتيّ الكتاب).
لا أستطيع القَطع، بعد مراقبة عشرات من زهيرة "سراج الغولة" هل أنّ لكلّ بُصيلة تنبت ستّة رماح أو أسِنَّة. عددت رماح عدّة بُصيلات. وجميعها لا تقلّ عن خمسة، وبعضها ستّة.
لماذا كل هذا الشغف اللامنهجي بزهرة وقحة بجمالها الشيطاني، ولونها البنفسجي ذي التدرُّج الطيفي.. البنفسجي؟
الأحرى، لماذا يُسمُّونها "سراج الغولة"؟ حقّاً هي تشبه تلك الحلقة المعدنيّة المفصّصة في السراج الذي يُضيء بالزيت (زيت الزيتون، أو زيت نفطي).
إذاً، هي تُشبه السراج، أمّا أن تسمّيها العامّة "سراج الغولة"، فلربّما لأنّها تنبت فجأة، بعد زخّتين بالضبط من رذاذ الخريف أو مطره.. وفي تشرين الأوّل، والنصف الثاني منه بالذات.
أنا ولد كبير العمر، وكثير الفضول، مثل ذلك الروائي التشيكي ميلان كونديرا. لماذا مثله، بالذات؟ لا لشيء سوى لأنني وقعت على فقرة جميلة في كتابه: "خفّة الكائن" هاكم هي: "تلك السعادة تهرب منّا، إذا غدونا غير مخلصين في قضية البحث عن الجمال".
** في تشرين الأوّل من العام قبل الماضي، عثرت على تلك الزهرة، أو وقعت عليها عيناي للمرّة الأولى.
** في تشرين الأوّل من العام الماضي، ذهبت إلى تلك البقعة، فلم أجد أي زهرة شيطانيّة الجمال.
** في تشرين الأوّل من العام هذا، ذهبت - ظاهريّاً - إلى وزارة الإعلام، لحضور مؤتمر صحافي للأخ أبو علي مصطفى. أردت فقط، أن أرى ظلال ضوء "العودة" على صفحة وجهه.
.. لكن، هل تصدّقون؟
ذهبت، وفي دخيلتي، رؤية تلك الزهرة، في ذلك الفناء المجاور لمبنى وزارة الإعلام.. قبل أن "تمعسها" السيّارات، حمراء الأرقام أو خضراؤها.
لو لم تمطر زخّتين خفيفتين في تشرين الأوّل.. لربّما ما كنت ذهبت، لا إلى المؤتمر الصحافي، ولا إلى تفقّد "سراج الغولة".
هذه المرّة، قطفت ستّ زهيرات، وحشوتها لتختنق بين دفّتَي كتاب. لماذا؟ سأسأل، عشوائياً، هل لـ "سراج الغولة" اسم آخر في قرية أخرى، وعلى ألسنة أخرى؟
تعرفون: زهرة زكريا محمد، تسمّى "الزعمطوط" أو تسمّى "قرن الغزال"، أو تسمّى اسماً ثالثاً "عصا الراعي" ليس مضحكاً كالأوّل، أو لافتاً كالثاني.. فنسيته.
في العام المنصرم، تأخّر المطر كثيراً جدّاً.. فتأخّر "الزعمطوط" عن الانبلاج.. حتى آذار ونيسان (بدلاً من كانون الثاني وشباط).
لكن، إنكم تصادفون زهرة زكريا حيث يوجد الصخر وعليه نبات "النتش" ("قنفذ الجبال" النباتي، كما أسميته في مقالة خاصة عنه).
.. وأمّا "سراج الغولة" فلا تنبت إلاّ في آخر تشرين الأوّل، وفقط بعد الأمطار المبكّرة.
ستّ بتلات لكلّ زهرة؛ وستّ زهور من كلّ بصيلة؛ وستّة سنتيمترات علوّ الزهرة.. ومطلقاً دون ورقة واحدة. هل هذا يُفسّر الاسم الشيطاني لنبتةٍ ذات جمال شيطاني؟ لها مياسم بيضاء حتى أنها بلون الماس. ولها "غبار الطلح" أصفر اللون.. ولي أن أفتِّش عنها، في تشرين الأوّل، فلا أجدها إلاّ في ذلك المكان.
ربّما هناك شرط التربة ونوعها، أو أنّها مثل "الغولة" تطلع لك دون سواك، وفي مكان لا تطلع في سواه.
لديّ ستّ زهيرات من "سراج الغولة" "تختنق بين دفتي كتاب لتصبح مومياء"، فلربّما بنوا عمارة جديدة جانب عمارة الوزارة.. فتختفي "سراج الغولة" في جميع التشارين المقدّر لي أن أعيشها، ثمّ لا أجد مصادفة وجودها في مكان آخر.
سيأتي الشتاء بكوانينه، والربيع.. حتى آخره. إذا كان هذا العام مطيراً، فلربّما للأمر صلة بازهرار "سراج الغولة" أو، ببساطة، تكون زهرة تنبت كلّ عامين مرّة؛ أو كلّ ثلاثة.. أو "على كيفها"، فتكون استحقّت اسمها "سراج الغولة".
هل تعرفون لماذا أبدو "سعيداً" دائماً كما يدّعي صاحب زهرة "الزعمطوط"؟ لأنّ في البحث عن الجمال سعادة لا توصف!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سراج الغولة سراج الغولة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon