أيها الفلسطينيون قليل من التواضع

أيها الفلسطينيون.. قليل من التواضع !

أيها الفلسطينيون.. قليل من التواضع !

 لبنان اليوم -

أيها الفلسطينيون قليل من التواضع

حسن البطل
موجز مبتسر للقضية الفلسطينية: من حالة تاريخية، إلى حالة نضالية، إلى حالة سياسية. في سائر هذه الحالات تجد الجذر الديني بارزاً على السطح، أو دفيناً في العمق. مع هذا الموجز، تطوّر أو تغيّر الفلسطينيون من جزء في الشكل العربي قومياً، إلى شعب، ومن حالات تاريخية ونضالية إلى حالة سياسية، ربما للإجابة على سؤال شارل مالك، وزير خارجية لبنان سابقاً (وآخرين) حيث أوجد اتفاق سايكس ـ بيكو لتقسيم بلاد الشام هذه الحالة: أربع دول وخمس شعوب. في الحالة التاريخية ـ النضالية، رفع الفلسطينيون ضد الانتداب شعار "فلسطين سورية الجنوبية" وفي الحالة النضالية ـ السياسية رفعوا شعار: "القرار الوطني المستقل"! تبقى فلسطين قضية، وتاريخاً، ونضالاً، لكنها الآن، أولاً، مشروع سياسي للكينونة السياسية الدولانية. في المقابل، فالمسألة اليهودية الأكثر حضوراً من القضية الفلسطينية في العالم الغربي بخاصة، تحولت إلى قضية سياسية، ولكنها تبقى أكثر أهمية للعالم الغربي من الحالة السياسية الفلسطينية. يهود إسرائيل انشقوا دينياً وسياسياً، أساساً، عن عالم غربي ذي تقاليد ديمقراطية، والفلسطينيون "انشقوا" سياسياً لا دينياً ولا قومياً عن عالم عربي ذي تقاليد غير ديمقراطية. المهم، عاد الصراع إلى جذره: صراعاً فلسطينياً ـ إسرائيلياً، دافعاً إلى الوراء صفته صراعاً عربياً ـ إسرائيلياً (أو إسلامياً ـ يهودياً كما يقول البعض)، ومعه تصاعدت نزعة شوفينية فلسطينية في "تعظيم" الشعب، وإلى جانبها "تأثيم" قيادته! الواقع أن أبرز قيادة فلسطينية، وهي الرئيس ـ المؤسس ياسر عرفات قال متملقاً شعبه: الشعب الفلسطيني أعظم من كل قياداته: السابقة، والحالية، واللاحقة، لكنني لا أرى في "تعظيم" الشعب و"تأثيم" قياداته أمراً صائباً على الدوام. لماذا؟ الشاعر القومي للشعب، قال بمرارة بعد الاقتتال الفلسطيني في غزة، لما صارت القضية من تاريخية لنضالية، ومن نضالية لسياسية: "أنت، منذ الآن، غيرك" و"كم كذبنا حين قلنا إننا الاستثناء". لقد كفّت إسرائيل عن مطالبة عرفات في حياته أن يقتدي بسفينة "التالينا" لأن غزة كانت أكبر من "أرمادا" فلسطينية من "التالينا" اليهودية. كانت هناك انقسامات فلسطينية، بفعل جذب عربي في مرحلة الفصائل، وبخاصة في طرابلس ـ لبنان، ولكنها كانت انقسامات سياسية ـ نضالية، وانحيازاً فصائلياً محدوداً لهذا النظام العربي أو ذاك (وبخاصة النظامين السوري والعراقي). أن يصير الفلسطينيون من طائفة عربية إلى شعب، وحتى من "وطنية قطرية" إلى مشروع "أمة ـ دولة" يجرّ معه حالة مأزومة من "تعظيم" الشعب وتنزيهه و"تأثيم" القيادة القاصرة عن عظمة الشعب! موجة "النبذ" العربية للفلسطينيين (يهود العالم العربي!) وبخاصة في سورية، الأكثر عروبة وفلسطينية، رفعوا في وجهها "سوري وفلسطيني واحد" في المحنة، والدم، والمصير. لا اعتراض لدي على القول إن "مخيم اليرموك" هو عاصمة الشتات الفلسطيني، ولكن مخيمات الشتات ليست "غيتوات" عن محيطها، بل مراكز جذب له، وتحوي كل التناقضات والاتجاهات السياسية والفكرية التي تخوض صراع وجود على مستوى المنطقة. إذا مرض الشعب السوري، الأكثر عروبية، بالطائفية والمذهبية والدينية، فقد مرض، أيضاً، بنوع من "تجارة الرقيق الأبيض". وبما أن نصف مخيم اليرموك من السوريين، ومحيطه سوري تمام، فما ينطبق على الحالة السورية ينطبق، ولو جزئياً على الحالة الفلسطينية.. ولو رمزياً! محمد بكري أنجز شريطاً صادماً ـ شفافاً بعنوان "يرموك". ليس وثائقياً ولا روائياً، فثارت عليه ضجّة شعواء تصرّ على أن الفلسطينيين والفلسطينيات هم "الاستثناء". طرح المعترضون سجالات سخيفة: اين "أل" التعريف في "يرموك"، مع أن حذفها مقصود. لماذا لم يبع سيارته بدل ابنته (من يشتري سيارة في مخيم محاصر)؟ كيف اشترى فاكهة وخبزاً ولم يشتر لحماً؟ وأين وجد هذا في مخيم يعاني من الموت جوعاً. إذا كان "فلسطيني وسوري واحد" فيجب أن نشخّص الحالة بغير شعار عروبي وقومي.. بل بواقع اجتماعي. لا أحد ينكر أن "الفلسطينية" هي سيدة نضال المرأة العربية بل والعالمية، لكن الجوع كافر، ومحمد بكري استعار استعارة فلسطينية غير مكنيّة من واقع عربي مرّ. في ضائقة "اليرموك ـ يرموك". نسي الفلسطينيون ضائقة مخيمات لبنان بعد خروج القوات من بيروت، حيث كانت المنظمة تصرف لعائلات الشهداء 500 ليرة شهرياً، لمّا كانت كل 3 ليرات ونصف في قيمة الدولار، ثم صار الدولار بـ 2600 ليرة، ولم يعد مخصص عائلة الشهيد يشتري "ضمّة بقدونس".. إلى أن تداركت المنظمة هذا الأمر. الفلسطينيون قاتلوا في كل بلد عربي محيط، وتقاتلوا فيه وفي البلاد، ويكفيهم فخراً أنهم يواجهون أقوى دولة إقليمية وأقوى دولة عالمية.. وهم منقسمون. .. لكنهم شعب، ولكل شعب له ما له وعليه ما عليه. لسنا "الشعب المختار" عربياً، ولا اليهود "الشعب المختار" عالمياً. الفرد يمرض والشعوب والأيديولوجيات والتقاليد والعادات... إلخ!!
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيها الفلسطينيون قليل من التواضع أيها الفلسطينيون قليل من التواضع



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon