مصر  من أخناتون الى الإخوان

مصر .. من أخناتون الى الإخوان

مصر .. من أخناتون الى الإخوان

 لبنان اليوم -

مصر  من أخناتون الى الإخوان

حسن البطل
هل تعسفت إذ أجملت في مقالتي الخميس: "مصر: الوصف، الشخصية.. والتفسير". وقعت الواقعة في مصر؟ الفأس في الرأس؟ اهتزت الركيزة (مصر خارج سيناء ركيزة جيولوجية نادرة الزلازل). هل أتعسف، مرة ثانية، فأقول إن وصف الفرنسي ليونيل جوسبان للانتفاضة الفلسطينية الأولى: ".. قادمة من بعيد، وذاهبة الى البعيد" ينطبق على مصر، في سنواتها القليلة الماضية، وشهورها .. وأيامها وخاصة يوم ١٤ آب ٢٠١٣. أظن أن هذا ثالث زلزال ديني يضرب الركيزة المصرية (للعالم العربي، والعالم الإسلامي .. وإفريقيا). ربما ذكرتني رواية يوسف زيدان "عزازيل" ومصير مريع للفيلسوفة - العالمة "هيباتيا"، وربما ذكرتني الرواية بأول انقلاب في الديانة المصرية القديمة، عندما آمن الفرعون "أخناتون" بعبادة قرص الشمس، كإشارة أولى إلى ديانات التوحيد السماوية. اولاً، تلخيص رواية يوسف زيدان، مدير مركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، عمّا جرى في القرنين الرابع والخامس الميلادي، من انشقاق كنيستي إنطاكيا والإسكندرية، وعقد مجمع "أقسس" الديني. كان "انشقاق" الفرعون أخناتون عن الديانة القديمة من عبادة الفرعون الى عبادة قرص الشمس، وأما انشقاق الكنيسة فكان انشقاقاً دينياً مسيحياً. .. والآن، ما يشبه الانشقاق الثالث العمودي منذ ٢٥ يناير ثم ٣٠ يونيو .. ثم ١٤ أغسطس، والخطورة فيه انه ليس خلافاً بين دينين او مذهبين في الدين الإسلامي، بل خلاف في الإسلام السني (أمرّ العداوة بين أشد القرابة). هل أجازف بالقول أن جذور الخلاف تعود الى فجر الإسلام ذاته، ومصرع الخليفة عثمان، ثم مصرع الخليفة علي؟ وربما الى ما قبل ذلك، اي عندما وصف الإسلام الأول ما قبله بأنه "جاهلية"، الى أن وصفت الحركات الإسلامية المعاصرة "العلمانية" بأنها نوع من "الجاهلية" والكفر! لم يكن سادة العرب الذين عارضوا الرسالة الإسلامية المحمدية في مطلعها "جهلة" .. إلاّ في مواقفهم من الرسالة والرسول، وليسوا "جهلة" في الإدراك والعقل والحكمة! "الجاهلية" كانت نوعاً من "الكفر" في فجر الإسلام، وصارت "العلمانية" نوعاً من الإلحاد والكفر لدى أتباع الحركات الإسلامية المعاصرة. لكن، كما الخلاف بين بني هاشم وبني أمية كان خلافاً على السيادة والحكم، فكذا فالخلاف الثالث المصري الحالي، خلاف دنيوي على الحكم والسلطة، لأن شعب مصر واحد من اكثر ثلاثة شعوب الأرض تديناً، وبالذات لأن قائد الجيش المصري الحالي، الفريق عبد الفتاح السيسي مسلم ملتزم، وزوجته محجبة، وأطروحته في العلوم العسكرية كانت عن الإسلام والديمقراطية. .. ولأن الأزهر، أعظم مؤسسة إسلامية سنية، وقف موقفاً وسطاً بين طرفي النزاع، ولأن محمد برادعي، مثلاً، استقال لأنه تحجج بضرورة حل الخلاف وفض الاعتصام سلماً .. وربما لأن قبط مصر هم اصل مصر واقدم الكنائس المسيحية واكثرها محافظة، وأول ضحايا التطرف الإسلامي قبل وبعد موقعة رابعة العدوية والنهضة. معظم المصريين مسلمون ومعظم المسلمين المصريين سنة، وسنة مصر اكثر الشعوب الإسلامية احتفالاً بمولد الحسين، ربما منذ كانت مصر فاطمية و"شيعية" الى ان أعادها صلاح الدين الى مذهب السنة. ما الذي يفسّر هذا العنف في الخلاف الداخلي المصري الإسلامي السني؟ ربما لأن انسجام مصر وشعبها كان مثل "ضفيرة" شعر ثلاثية تعقدها الأمهات على رؤوس بناتهن: مصر الإسلامية. مصر العربية، ومصر المصرية. هذه "سيبة" ثلاثية ترسم هوية مصر.. وقد اهتزت الآن، بعد خلاف على ترتيب أولويات هوية مصر: مصرية، عربية .. او إسلامية.. وحتى إسلامية - سنية. قبل وصول الإخوان الى حكم مصر بالانتخاب، وصلوا حكم السلطة الفلسطينية بالانتخاب، ربما لأن الجذر الوطني الفلسطيني مثل طلق حديث في اسفل شجرة "عروبة فلسطين" و"إسلامية فلسطين" بينما الجذر الوطني المصري قوي مثل قوة الجذرين العربي والإسلامي. لو نظرنا الى إسلام إيران سنجد أن الجذر الفارسي الى جانب الجذر الإسلامي .. فقط، وان نظرنا الى إسلام تركيا سنجد الجذر الطوراني الى جانب الجذر الإسلامي (والشاه والأتاتوركية كانتا هشتين وعابرتين". أما في فرنسا العلمانية ومعظم الدول الأوروبية فإن الوطنية هي الجذر الأساسي، وخاصة بعد فصل الدين عن الدولة .. وهو أمر تعارضه الحركات الإسلامية، او تتقبل على مضض تبعاته الحديثة مثل الانتخابات وتداول السلطة والديمقراطية (مخلوطة بالشرعية والشرع). الهزة المصرية، اذاً، قادمة من البعيد .. وذاهبة إلى البعيد. ماذا قال "عزازيل"؟ "الذي يأتيك منك وفيك"؟! 
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر  من أخناتون الى الإخوان مصر  من أخناتون الى الإخوان



GMT 21:26 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

شفافية في المعلومات والأرقام يا حكومة

GMT 21:25 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

معلقات اليمن

GMT 21:24 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

العصا الرقمية... والهشّ على الغنم

GMT 21:23 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في عشق السلاح...

GMT 21:22 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا المتحدة... وليبيا المُنقسِمة

GMT 21:21 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

في ذكرى استقلال ليبيا... ماذا أبقيتم للأجيال المقبلة؟

GMT 21:20 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

قوات الاستقرار في غزة

GMT 21:19 2025 الأربعاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بيت لحم... أفراح القلوب المكسورة

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon