اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن

اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن

اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن

 لبنان اليوم -

اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن

وليد شقير

لا تملك إسرائيل سوى ممارسة المزيد من البربرية والوحشية في الرد على رمزية خطوات بعض الدول الأوروبية الاعتراف بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة. حتى «الرمزية» تخشاها الدولة المهجوسة بالعنصرية وأحادية السيطرة على أرض اغتصبتها ولا حرج لديها في أن تمارس جموحها الذي يتحكم بسلوكها الهادف لإلغاء الشريك الفلسطيني في أي تسوية مفترضة، وصولاً إلى قتل وزير في الحكومة الفلسطينية كما فعلت أول من أمس بقتل جنودها الوزير زياد أبو عين أمام كاميرات التلفزة العالمية.

لا تملك إسرائيل سوى هذا الأسلوب في مواجهة اعتماد السلطة الفلسطينية منذ عام 2012 الوسائل الديبلوماسية والقانونية على الصعيد الدولي. المزيد من العنف والتصعيد، حتى لو كانت الإنجازات التي حصل عليها الفلسطينيون حتى الآن رمزية. فهي تخشى من تحوّل «الرمزية» إلى واقع مع الوقت وتعمل على جعل الوقت في مصلحتها من أجل خلق الأمر الواقع المعاكس لإمكان تحوّل ما اعتبرته السلطة الفلسطينية مكاسب لها على المستوى الدولي، إلى وقائع سياسية على رغم معرفتها بأنها تحتاج إلى نضال طويل للانتقال إلى دولة معترف بها بكل معنى الكلمة.

فمنذ حصول فلسطين على وضعية الدولة المراقبة في الأمم المتحدة آخر عام 2012، والإجراءات الإسرائيلية لإلغاء مشروعية الدولة تتوالى، بحجب الأموال العائدة للجانب الفلسطيني، وبزيادة الاستيطان بآلاف الوحدات السكنية، وتهويد القدس وتنظيم اقتحامات المستوطنين ونواب في الكنيست للمسجد الأقصى، وقتل المتظاهرين بلا هوادة، وإفشال المفاوضات التي عمل لأجلها في زيارات مكوكية طوال العام الماضي وقبله وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي كما في كل مرة يتراجع عن تعهدات واشنطن للفلسطينيين بالحد الأدنى من الاعتراف بحقهم، ولو كان بالاعتراض على الاستيطان ورفض التسليم بيهودية دولة إسرائيل...

شكل قتل أبو عين ذروة جديدة في مواجهة ما يسميه الإعلام الغربي «هبوط» شعبية إسرائيل في المجتمع الدولي، فهي لا تكترث للرأي العام الدولي، الذي يعتبر نتانياهو أنه «ينمّي أوهاماً عبثية لدى الفلسطينيين». وقد تليه ذروة جديدة في العنف في الأيام التي تفصلنا عن آخر السنة، والتي ستطرح السلطة الفلسطينية خلالها مشروع قرار على مجلس الأمن بإنهاء الاحتلال وفق جدول زمني لإقامة الدولة على حدود 1967 وعاصمتها القدس.

ومع أن قرار برلمانات كل من السويد وبريطانيا وإسبانيا وإرلندا وفرنسا الاعتراف بالدولة جرى ربطه بالتفاوض (خلال سنتين في حال فرنسا) بين السلطة وإسرائيل، فإن وراء استسهال إسرائيل ارتكاب جريمة قتل أبو عين أمام الملأ، مجموعة من العوامل التي يتيحها الزمن العربي الرديء والضعف العربي. فنتانياهو يعتبر أن الدول العربية، على رغم قرارها الأحد الماضي التوجه إلى مجلس الأمن لدعم مشروع القرار الفلسطيني، منشغلة بمشكلة «داعش» وليس بالقضية الفلسطينية، وأن المعضلة في المنطقة هي في التطرف الداعشي وليس في إسرائيل وسياستها. يرافق ذلك أنه بموازاة قرار الجامعة العربية، يدرك نتانياهو أن معظم الدول العربية يخضع لضغط أميركي، في مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتراجع عن طرح مشروع قرار إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة على مجلس الأمن في الأيام المقبلة، مخافة إغضاب أميركا وتعميق الإحراج الذي يسببه هذا الأمر لإدارة الرئيس باراك أوباما، بحجة أن الاعترافات الأوروبية «الرمزية» هي خطوات مهمة قد لا تكون واشنطن بعيدة منها، من باب الضغط على إسرائيل، كي تليّن موقفها من السلطة الفلسطينية ومن إمكان استئناف المفاوضات معها، وكي تقبل بتجميد الاستيطان، وتفرج عن المزيد من السجناء الفلسطينيين...

يستبق التطرف الإسرائيلي في ذروته الجديدة احتمال مجرد التفكير من قبل كيري، الذي سيلتقي نتانياهو بعد 3 أيام في روما، بعدم رفع الفيتو في وجه مشروع القرار الفلسطيني في مجلس الأمن، بعدما سعت واشنطن لدى الرئاسة الفلسطينية إلى تعديله بطرح شروط تخفف من قيمته القانونية، تجنباً لاستخدام الفيتو لئلا يستفيد منه الفلسطينيون بمزيد من التعاطف الأوروبي معهم. وهي شروط لم تقبل بها القيادة الفلسطينية في الاتصالات البعيدة من الأضواء التي جرت معها في الأيام الماضية. ويستفيد نتانياهو في ارتكاب جرائمه من ضعف أوباما أمام الأكثرية الجمهورية التي لن تغفر له عدم الوقوف إلى جانب إسرائيل في مواجهة مشروع القرار الدولي، طالما أن الدول العربية تتخبط بمشكلاتها الداخلية ومع «داعش».

أمر آخر يجعل نتانياهو يستسهل الانتقال من ذروة عنف إلى أخرى، هو عودة المصالحة الفلسطينية إلى الوراء، بعودة الخلافات بين السلطة و «حماس».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن اغتيال أبو عين وقرار مجلس الأمن



GMT 18:25 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نهاية حزينة لشارع الحمرا…

GMT 18:24 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

القلعة الجوفاء: بعدما هدأ غبار الهجوم على إيران

GMT 18:23 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أيضاً

GMT 18:22 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الحدود ومواعيد نتنياهو

GMT 18:21 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

هل «الموديل» الغربي مُقدّس؟

GMT 18:19 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:16 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:15 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

لبنان وغزة... إدارة النزاع بدل إنهائه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

سندس القطان بإطلالات مقلمة ناعمة ورائعة على انستقرام

GMT 17:43 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

لاعب كونغولي يخطف الأنظار في مونديال اليد

GMT 01:35 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

وفاة 4 لاعبين ورئيس ناد بطريقة مأساوية في البرازيل

GMT 17:45 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تنشر مشاهد لجمال لبنان وتعلق"خلينا ما بقى نسكت"

GMT 02:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

7 حيل تجعل عطركِ يدوم طويلًا مهما كان نوعه

GMT 01:56 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النساء يحقّقن اختراقات في انتخابات الكونغرس الأميركي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon