فيينا وإدارة الحرب بدل الحل

فيينا وإدارة الحرب بدل الحل

فيينا وإدارة الحرب بدل الحل

 لبنان اليوم -

فيينا وإدارة الحرب بدل الحل

وليد شقير

يعقد الاجتماع الثاني للدول الـ17 التي تبحث الحل السياسي في سورية غداً، في ظل غلبة التوجه نحو استمرار هذه الدول في إدارة الحرب الدائرة في الملعب السوري، بدلاً من اتفاقها على قيام مظلة دولية لإدارة المرحلة الانتقالية التي ما زال الوصول إليها بعيداً، وفق المقدمات التي يشهدها الميدان، والمواقف السياسية والديبلوماسية حيال دور بشار الأسد في التسوية.
ويُعقد الاجتماع في ظل تراجع روسي عن إمكان البحث في مصير الأسد الذي كانت موسكو قدمت إغراءات عن إمكان عدم ترشحه للرئاسة في انتخابات مفترضة تجرى أثناء المرحلة الانتقالية، وفي ظل مراجعة إيران حساباتها بعد مشاركتها في الاجتماع الأول الذي حضرته من دون أن تتمكن من الحؤول دون تبني سائر الدول المشاركة في فيينا - 1 لبيان جنيف عام 2012 الذي ينص على المرحلة الانتقالية والقرار الدولي 2118 (في شأن تجريد سورية من الأسلحة الكيماوية) والذي نص على اعتماد بيان جنيف أساساً للحل.
فطهران قد تتجه إلى الانسحاب من عملية فيينا، بعد اجتماع غد، طالما يتعذر عليها سحب صيغة جنيف للحل التي تكرّست في بيان المجموعة الدولية من التداول، وطالما تمعن في تعزيز وجودها العسكري على الأراضي السورية. فهي زادت في الأسابيع الماضية من حضور «الحرس الثوري» في دمشق ومحيطها، وصولاً إلى مطار العاصمة السورية بأعداد كبيرة، إضافة إلى وجود «الحرس» في محيط حلب حيث يتكبد خسائر متنامية في صفوفه. والهدف من تكثيف الانتشار في محيط العاصمة هو الإبقاء على المطار والطريق منه إلى دمشق، وصولاً إلى لبنان في عهدتها للحفاظ على خط الإمداد بين طهران ولبنان ومناطق «حزب الله»، في حال تغيّرت الظروف الدولية ودفعت موسكو إلى قبول تسوية ما، ترسم ملامح المرحلة الانتقالية في سورية، لن تنجح إلا بانتشار قوات دولية لحفظ السلام في بلاد الشام، بحيث يتعذر إمكان الحفاظ على خط التواصل الإيراني مع «حزب الله» في لبنان.
فتحت سقف التحالف والتعاون بين موسكو وطهران الذي أوجب قرار الأولى الإعلان عن قرب تسليم صواريخ «إس - 300» للثانية، تبقى القيادة الإيرانية على حذرها إزاء الموقف الروسي في سورية، بدليل تصريحات قادة «الحرس الثوري» الإيراني عن أن «روسيا تقدم المساعدات على أساس المصالح المشتركة، لكن ليس واضحاً أن مواقفها تتطابق مع إيران في شأن الرئيس بشار الأسد...».
ليس الميدان السوري وحده ضحية التشدد الإيراني، عبر استمرار المواجهات العسكرية وتصاعدها، بل إن فرملة التطبيع بين طهران وواشنطن التي كانت منتظرة بعد الاتفاق النووي، وعودة اللغة العدائية، تدفعان الجانب الإيراني إلى العودة إلى التصعيد في كل الميادين. وهذا يشمل إفشال محاولات التسوية في اليمن واستمرار عمليات التدخل الأمني والاستخباراتي في دول الخليج، مثل الكويت والبحرين اللتين أعلنت سلطاتهما اكتشاف خلايا إيرانية تحضّر لأعمال أمنية. ولا تقل الاعتقالات في إيران للصحافيين ورجال الأعمال الذين يهيئون للتطبيع الاقتصادي والناشطين في مجال حقوق الإنسان، دلالة على أن القيادة الإيرانية المتشددة غير حاضرة لقبول أي صيغة تحت عنوان عودة ايران إلى المجتمع الدولي، التي كان أمل بها الذين تحمسوا للاتفاق النووي.
دليل آخر على غلبة الاتجاه نحو إدارة الحرب في سورية بدل المرحلة الانتقالية، هو أن لقاء الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ «غريمه» الإسرائيلي بنيامين نتانياهو انتهى إلى وضع الخلافات جانباً حول النووي بعد هزيمة الثاني في معركته للحؤول دون إقراره في الكونغرس، من أجل التعاون وتنسيق الموقف في مواجهة «حزب الله» كذراع إيرانية في سورية وغيرها، إضافة إلى مواجهة «داعش». وهذا يعني إطلاق يد إسرائيل في التدخل المحسوب الذي دأبت عليه في بلاد الشام لقصف شحنات أسلحة أو مواقع للحزب قريبة من حدود الجولان. وهو ما فعلته قبل يومين في مطار دمشق وفي محيطه. وهو تعاون لا يقل تواطؤاً عن ذلك الذي سلّمت به موسكو للإسرائيليين عبر تنسيقها معهم حول الطلعات الجوية منعاً لاصطدام طائرات الدولتين أثناء استباحة الأجواء السورية. ومثلما يؤشر التعاون الروسي - الإيراني والروسي - الإسرائيلي، إلى أن مأساة الشعب السوري مستمرة، فإن التعاون الأميركي - الإسرائيلي في سورية يكرّس الشعب الفلسطيني ضحية رياء واشنطن مقابل الخدمات التي تؤديها لها الدولة العبرية، فيُترك وحده في مواجهة سياسة التهويد والاقتلاع والقتل...

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فيينا وإدارة الحرب بدل الحل فيينا وإدارة الحرب بدل الحل



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon