استنفاد مرات الرسوب

استنفاد مرات الرسوب

استنفاد مرات الرسوب

 لبنان اليوم -

استنفاد مرات الرسوب

حسن نافعة
انتظر الناس طويلا أمام شاشات التليفزيون، مساء الأحد الماضى، لعل رئيس الدولة يقول شيئا جديدا أو مهما فى حوار أعلن أن الإعلامى عمرو الليثى أجراه معه، وأنه سيبث على قناة المحور فى تمام الساعة الثامنة من مساء اليوم نفسه. وعندما طال الانتظار حتى الساعة الواحدة من صباح اليوم التالى، دون أن يتم بث الحوار الموعود ودون أن يكلف أحد نفسه عناء تقديم تفسير لما يحدث احتراما لمشاعر الشعب، انصرف كثيرون إلى فراشهم لعلهم يحصلون على قسط من الراحة يعينهم على مواصلة أعمالهم صباح اليوم التالى. ولأننى كنت واحدا من هؤلاء الذين انتظروا حتى الواحدة صباحا دون جدوى، فقد راح شعور بالقلق يتسرب إلى نفسى وزاد إحساسى بأننا نعيش داخل نظام يشبه الصندوق الأسود، وأن هذا النظام لا يعرف معنى الشفافية ولم يسمع عنها. حين استيقظت من النوم صباح اليوم، الاثنين، اكتشفت أن الحوار بث فعلا ولكن قبيل الثانية صباحا بدقائق قليلة، وكان هذا أمرا شديد الغرابة!!. وعندما بدأت أستمع إلى ملخص لأهم ما تضمنه هذا الحوار المرتقب، تبين لى أنه لم يضف جديدا، وأنه اتخذ منحى تبريريا واضحا وكأن الرئيس يريد أن يبلغ شعبه رسالة مفادها: «ليس فى الإمكان أبدع مما كان». غير أننى لم أكتف بالملخصات وحرصت على الاستماع إلى الخطاب كاملا. وكان أهم ما لفت نظرى فى هذا الحوار الطويل تأكيد الرئيس على أنه بشر، وأنه يعترف بارتكابه أخطاء كثيرة، لكنه لا يستنكف الرجوع عن الخطأ بمجرد اكتشافه ويقوم بتصحيحه على الفور. وفور سماعى هذه العبارة، رحت أتساءل بينى وبين نفسى عن عدد الأخطاء المسموح لرئيس الدولة بارتكابها، وعن المهلة الزمنية التى يصبح من حق الشعب بعدها أن يقول لرئيسه كفى، خصوصا عندما تتكرر نفس الأخطاء ويتضح عدم قدرة الرئيس على التعلم أو الاستفادة من أخطائه السابقة. لا أعرف لماذا خطر فى ذهنى نظام الامتحانات فى الجامعات المصرية، حيث يمنح الطالب عددا محددا من الفرص لإثبات جدارته واستحقاقه للإجازة العلمية التى يتطلع للحصول عليها، لكن حين يستنفد الطالب مرات الرسوب المحددة فى اللوائح الجامعية يفصل على الفور. لذا كان من الطبيعى أن أسائل نفسى عما إذا كان نظام الحكم الذى يقوده الدكتور مرسى منذ ما يقرب من ثمانية أشهر قد استنفد بالفعل عدد مرات الرسوب المقبول شعبيا. ولأن هذا التساؤل لم يكن يخلو من وجاهة، بالنظر إلى حجم الأخطاء التى ارتكبها الدكتور مرسى منذ توليه السلطة حتى الآن، فقد راحت قناعتى تزداد لحظة بعد لحظة بأن الرئيس المنتخب على وشك استنفاد مرات الرسوب المقبولة شعبيا، إن لم يكن قد استنفدها بالفعل. لا أظن أننى بحاجة إلى إعداد قائمة كاملة بأخطاء الرئيس لأنها يقينا أطول مما يمكن احتماله. يكفى أن نتذكر قيامه باختيار الدكتور هشام قنديل رئيسا لأول حكومة تعين، فى ظل أول رئيس منتخب للبلاد يأتى فى أعقاب أعظم ثورة فى تاريخها، أو قيامه بإصدار «إعلان دستورى» لا يمت للدساتير أو للقانون بصلة. فهذا النوع من الأخطاء يستحيل فهمه أو تبريره. غير أن المشكلة لا تكمن فى قيام الدكتور مرسى بارتكاب تلك الأخطاء بقدر ما تكمن فى إصراره على أنه يقوم بتصحيح الأخطاء بعد ارتكابها، لأنه دائما ما يصحح الخطأ بخطأ أكبر. انظر مثلا موقفه اليوم من حكومة هشام قنديل التى يرى ضرورة منحها مهلة إضافية لتنفيذ «خطتها فى التنمية». فهل هذا مما يمكن قبوله عقلا؟. وألا يعد قيام معظم مستشارى الرئيس بتقديم استقالاتهم، وانصراف معظم القوى السياسية التى كانت قد تعاملت معه وأيدته بالفعل لبعض الوقت-أو القوى التى أبدت استعدادها لتأييده والتعامل معه لو تبين لها أنه رئيس بالفعل لكل المصريين- عن تأييده ورفضها لسياساته الحالية.. ألايعد دليلا قاطعا على أن الرئيس قد استنفد بالفعل مرات الرسوب فى اختبار الكفاءة؟ لماذا لا يتحدى الرئيس هذا الكلام ويقبل أن يطرح نفسه من جديد لاختبار ثقة الشعب فيه من خلال انتخابات مبكرة يخوضها بنفسه مرة أخرى؟
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استنفاد مرات الرسوب استنفاد مرات الرسوب



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon