جماعة فى مواجهة شعب

جماعة فى مواجهة شعب

جماعة فى مواجهة شعب

 لبنان اليوم -

جماعة فى مواجهة شعب

حسن نافعة
لم تكن جماعة الإخوان المسلمين معزولة عن الشعب المصرى فى أى وقت من الأوقات مثلما هى عليه الآن. لذا بات على قيادتها أن تبحث عن الأسباب وأن تحاول علاجها، وإلا حكمت على نفسها بالفناء التام، ومن المعروف أن هذه الجماعة، والتى ظهرت كجماعة دعوية فى البداية قبل أن تتأكد طموحاتها السياسية، استطاعت أن تبنى لنفسها قاعدة شعبية عريضة مكنتها من بناء تنظيم قوى، صمد فى وجه الأعاصير السياسية، ومن التمتع بغطاء شعبى وجماهيرى واسع، ساعد عليه خطاب دينى جاذب وأنشطة خيرية وخدمية براقة. ورغم دخول الجماعة فى مصادمات دموية مع جميع أنظمة الحكم التى تعاقبت على مصر، وإقدامها على ارتكاب جرائم إرهابية راح ضحيتها العديد من المواطنين الأبرياء، كان من بينهم اثنان من رؤساء الوزارات، إلا أن الجماعة صمدت فى وجه كل المحن التى واجهتها. ومع ذلك لم تستطع أن تتأقلم مع الأوضاع السياسية والاجتماعية التى تغيرت جذرياً عقب اندلاع ثورة يناير 2011. فلولا ثورة يناير لما سمح للجماعة بتشكيل حزبها السياسى أو بالتقدم بمرشح فى أول انتخابات رئاسية تجرى بعدها. ولأن الجماعة كانت هى القوة الأكثر تنظيماً وقبولاً لدى الجماهير، فى أعقاب مرحلة طويلة من «التجريف السياسى»، فقد سهل على حزبها الفوز بأكثرية المقاعد فى الانتخابات البرلمانية، وعلى مرشحها أن يصبح أول رئيس للدولة المصرية بعد الثورة. وتمكنت بالتالى من الهيمنة المنفردة على السلطتين التشريعية والتنفيذية. غير أن هذه المكاسب المفاجئة وضعت الجماعة فى الوقت نفسه أمام اختبار صعب لإثبات أهليتها لإدارة شؤون الدولة والمجتمع. كان المجتمع المصرى على استعداد لأن يعطى الجماعة الفرصة كاملة. ولأن تركة النظام القديم كانت ثقيلة جداً، فقد توقع الناس أن تتحلى قيادة الجماعة بما يكفى من الحكمة وتهيئة الظروف الملائمة للاستفادة من كل الخبرات المتاحة لإيجاد حلول للمشكلات المتراكمة. وتفاءل الناس كثيراً فى البداية، خصوصا بعد أن راحت الجماعة ترفع شعار «مشاركة لا مغالبة» وتلتزم بعدم التقدم بمرشح فى الانتخابات الرئاسية، وهى مبادرات أوحت بأن الجماعة حريصة على أن تشرك معها أكبر عدد ممكن من القوى السياسية ومن الخبرات المهنية فى المشاركة فى إدارة شؤون الدولة والمجتمع. غير أن الممارسة أثبتت بما لا يدع مجالاً لأى شك أن الجماعة عنيت بإحكام هيمنتها المنفردة ووضع يدها على كل مفاتيح السلطة بأكثر من عنايتها بإيجاد حلول لمشكلات الجماهير أو بإعادة بناء مؤسسات النظام السياسى على أسس سليمة تحقق مشاركة متكافئة للجميع. وهذا هو الدرس الذى استخلصه الشعب تدريجيا على مدى عامين ونصف العام. فرغم حرص الجماعة على إدراج أسماء شخصيات عامة من خارجها على قوائمها فى الانتخابات التشريعية، إلا أنها كانت أشد حرصاً على أن تحتفظ لنفسها بنسبة كاسحة من المقاعد النيابية، وعندما جاء الدور على تشكيل الجمعية التأسيسية، تبنت الجماعة موقفا متعنتا وتمسكت بأن يكون لتيار الإسلام السياسى أغلبية كاسحة، فتحولت عملية كتابة الدستور من فرصة للتوصل إلى توافق وطنى إلى أزمة أدت إلى تعميق الانشقاق. وقبيل الانتخابات الرئاسية، أحلت الجماعة نفسها من تعهدها القديم بعدم التقدم بمرشح، ثم أحل الفائز بالمقعد الرئاسى نفسه من تعهدات كتابية كان قد قطعها على نفسه بأن يكون رئيسا لكل المصريين، حين التزم بتشكيل حكومة وحدة وطنية وبتعيين ثلاثة نواب للرئيس (قبطى وامرأة وشاب) وبالسعى لتصحيح الخلل فى تشكيل الجمعية... إلخ، ولأن الدكتور مرسى مارس صلاحياته فى القصر الرئاسى باعتباره ممثلا لجماعة الإخوان، وظيفته السياسية والوحيدة أن يساعد على التمكين لها فى السلطة، وليس ممثلا لكل المصريين، فقد كان من الطبيعى أن ييأس منه الشعب تدريجياً إلى أن انفجر فى وجهه غاضباً. أظن أن الدكتور مرسى بنى حساباته على فرضيتين، الأولى: أن جماعته هى الأقوى من الناحية التنظيمية، والأكثر تماسكاً من الناحية العقائدية، والثانية: أن هذه الجماعة هى الأقدر على الحشد الجماهيرى. غير أنه أسقط الشعب من حسابه وتصور أنه يتعامل فقط مع أحزاب وقوى سياسية منظمة. لذا كان من الطبيعى أن يخسر المعركة بمجرد أن قرر الشعب سحب الثقة منه ومن جماعته. وهذا هو ما كشفت عنه حملة «تمرد» والتى أظهرت بما لا يدع أى مجال للشك أن جماعة الإخوان أصبحت معزولة تماماً وباتت تقف الآن وحيدة فى مواجهة الشعب. والشعوب لا تخاف من الجماعات، حتى لو تحول جميع أعضائها إلى أحزمة ناسفة. نقلا عن جريدة المصر اليوم 
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعة فى مواجهة شعب جماعة فى مواجهة شعب



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon