أردوغان يخسر وتركيا تكسب

أردوغان يخسر وتركيا تكسب

أردوغان يخسر وتركيا تكسب

 لبنان اليوم -

أردوغان يخسر وتركيا تكسب

معتز بالله عبد الفتاح

أعجبتنى تعليقات الصحف العالمية على نتائج الانتخابات التركية، وكأنها كلها تسير فى نفس الخط وهو أن نتائج الانتخابات التركية انتقصت من النزعة الديكتاتورية لرئيس تركيا طيب أردوغان الذى طالما أشادوا وأشدنا به حين كان عاقلاً متوازناً يعمل لمصلحة بلاده العليا وليس لمصلحة حزبه أو مصلحته الشخصية.

جاء على موقع «سى بى سى العربية» أن «كونستانز ليتش» كتب فى صحيفة الجارديان من إسطنبول أن «الانتخابات أذلّت أردوغان» وأضاف الكاتب أن أردوغان مُنى بأسوأ هزيمة انتخابية فى أكثر من عقد من الزمان عندما خسر حزبه (العدالة والتنمية) أغلبيته المطلقة فى البرلمان وصار الآن يبحث عن تحالف مع حزب آخر لتكوين الحكومة».

يحدث هذا بينما كان أردوغان يأمل فى أن يحقق حزبه انتصاراً كاسحاً يمكّنه من تغيير الدستور حتى يتمكن من الحصول على المزيد من الحقوق السياسية كرئيس للجمهورية.

لكن النتائج الانتخابية أنهت حكم الحزب المنفرد الذى تواصل لمدة 12 عاماً منذ فوزه فى انتخابات عام 2000، كما أنها تعكس رفض الناخبين لفكرة تغيير الدستور ومنح أردوغان سلطات أوسع فى الحكم، وتحويل تركيا من نظام برلمانى إلى نظام رئاسى.

كما جاء فى صحيفة التايمز أن «الأكراد ينطلقون والناخبون يطيحون بأردوغان» مع صور لاحتفالات الأكراد بفوزهم للمرة الأولى بدخول البرلمان وبنسبة 12 فى المائة.

وكان حزب أردوغان يحتاج إلى أغلبية الثلثين، أى 367 مقعداً، للقيام بهذا التعديل، إلا أن الحزب لم يحقق سوى نحو 259 مقعداً وهو أقل بكثير مما كان يتوقعه بل ما لا يكفى لمجرد تشكيل حكومة بمفرده.

وعلى الرغم من أن أردوغان لم يكن مرشحاً، فإن الانتخابات دارت حول منحه سلطات هائلة فى الحكم.

وقد أدت استراتيجية «فرّق تسد» التى اتبعها أردوغان لدفع حزبه المحافظ دينياً إلى الواجهة إلى مزيد من الانقسام فى تركيا بل وفى بعض الحالات إلى العنف الذى يعنى أن المجتمع أصبح يعانى من سوء الإدارة السياسية لأردوغان.

وفى نفس الصحيفة كتب سايمون تسدول تحليلاً سياسياً حول نتائج الانتخابات بعنوان «الناخبون يعاقبون سياسات جنون العظمة».

وقال الكاتب إن أردوغان قطع تركيا طولاً وعرضاً فى حملة انتخابية ليضمن فوز حزبه بأغلبية 330 مقعداً على الأقل ليتمكن من تغيير الدستور والحصول على سلطات أوسع لكنه فشل فى الحصول حتى على الحد الأدنى لتشكيل الحكومة بمفرده وهو 267 مقعداً.

ويقول الكاتب إن تباطؤ الاقتصاد، والبطالة، والحقوق المدنية، وتعثر عملية السلام الكردية والمخاوف من إعطاء أردوغان المزيد من الصلاحيات فى السلطة تحوله إلى ديكتاتور كانت السبب فى تراجعه الشديد.

وعلى الرغم من أنه، كرئيس للجمهورية، لا بد أن يكون محايداً بين الأحزاب المختلفة، فإنه خالف ذلك وشن حملة لدعم حزبه الحاكم العدالة والتنمية. ولهذا تبدو تلك النتائج كهزيمة شخصية لأردوغان.

ويقول الكاتب إن أردوغان وجّه الإهانات والتهديدات والاتهامات إلى المعارضين، والناشطات السياسيات، والإعلام، وغير المسلمين، والأقليات العرقية والثقافية فى تركيا.

وقبل الانتخابات وصف أردوغان حزب الشعب الجمهورى، أكبر أحزاب المعارضة، الذى حصل على 25 فى المائة من المقاعد، بأنه حزب للكفرة والشواذ، وهى جريمة سياسية أن يقوم السياسى بشيطنة المعارضين دون سند من الحقيقة.

ولم يُدن أردوغان أكثر من 70 هجوماً على مرشحى ومسئولى حزب الشعب الجمهورى. وأدت إحدى تلك الهجمات التى وقعت بالقنابل على حشد جماهيرى للحزب فى منطقة ديار بكر إلى مقتل شخصين وجرح أكثر من مائتى شخص. كما شن أردوغان فى السابق حملات على الإعلام متهماً منتقديه بأنهم جزء من مؤامرة على تركيا.

إذن هذه الانتخابات كانت عقاباً لأردوغان الذى رفض الناخبون سلوكه السياسى وتوجهاته الشخصية التى جعلته يتحول من خادم للشعب إلى وصى عليه.

لا تفرعنوا الحكام، ولا تكونوا عوناً للشيطان عليهم. انصحوهم باعتدال وانتقدوهم بحكمة؛ فهى نفوس إن فلتت من عقالها ولّت، وإن ولّت جمحت، وإن جمحت ظلمت. والظلمة ظلمات فى الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أردوغان يخسر وتركيا تكسب أردوغان يخسر وتركيا تكسب



GMT 06:53 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 06:48 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 06:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 06:43 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 06:36 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

GMT 06:32 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قصر موسى

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ لبنان اليوم

GMT 17:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال
 لبنان اليوم - الحوثي يتوعد أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال

GMT 21:09 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:42 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة تحضير حلى "الشوكولاتة الداكنة" بالقهوة

GMT 20:53 2022 الثلاثاء ,07 حزيران / يونيو

المسرح الوطني اللبناني يحتفي باليوم العربي للمسرح

GMT 08:43 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

المغربي حكيم زياش يُطالب غلطة سراي بمستحقاته المالية

GMT 23:07 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

البياوي يبدأ مهمته في القادسية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon