سؤال من ملحد هل القرآن كتاب الله

سؤال من ملحد: هل القرآن كتاب الله؟

سؤال من ملحد: هل القرآن كتاب الله؟

 لبنان اليوم -

سؤال من ملحد هل القرآن كتاب الله

معتز بالله عبد الفتاح

يصادف الإنسان أحياناً شباباً حائراً يسألون، ولهم الحق فى السؤال قطعاً.

صادفت «سامى» فى اجتماع حضره عدد من الشباب وتمنى عليا أن نتحدث قليلاً بعد الاجتماع فى أمر مهم يحيره. «أنا على شفا الإلحاد» قال لى. قلت له: الحد ولكن ارجع.

فتبسم وكأننى أقول له طرفة. ثم سألنى: «وما الذى يضمن أن أرجع؟» قلت له: «تشكك، وارفض، واعترض، ولكن لا تجعل ماكينة الشك والرفض والاعتراض تتوقف عند الإلحاد، لو ظلت تعمل، فسترجع أرسخ يقيناً. نقطة توازنك ستكون عند الإيمان، وليس عند الإلحاد، عند الاطمئنان وليس عند الشك». أعلم أننى أغامر بعقله، لكنه غامر بعقله قبلى. وطالما أنه اختار أن يسير فى هذا الاتجاه، فلن أقف منه موقف المدرس أو المعلم أو الناصح. من يفكر فى الإلحاد يرى النصيحة وصاية. لذا وقفت منه المغامر مثله: مغامرة لا أتمناها لأحد، ولكننى مستعد لأن أخوضها، طالما قرر هو أن يخوضها.

الحوار كان عقلياً بحتاً. لم ألجأ فيه إلى أى «إيمان بالغيب» كما تنص الآية العظيمة فى وصف المؤمنين فى مطلع سورة البقرة.

سألنى: وما الذى يجعلك مطمئناً لوجود الله؟ قلت له: ومن الذى قال لك إننى مطمئن لوجود الله؟ أنا فقط أخشى أن أرتكب خطأ إنكاره مع وجوده. أنا أعبد الله «احتياطياً». أنا أخاف من «النار» احتياطياً. أنا آمل فى «الجنة» احتياطياً؟

لكن الخيبة كل الخيبة أن يكون هناك «الله» ولا أتشرف بعبوديته، وأن يكون هناك بالفعل «نار» وأدخلها وأكتوى بها مع قدرتى السابقة على تجنّبها، ويكون هناك بالفعل «جنة» وأمنع منها مع قدرتى السابقة على استحقاقها.

لو اخترت الإلحاد فأنا «غبى» أغامر بما لا أعرف وقد أنتهى إلى نتيجة أندم عليها.

الحد الأدنى أننى أعبد خالقى الذى أتمنى أن ألقاه وأن يحتفى بلقائى. والحد الأقصى أننى أحب هذا الخالق الذى أعلم يقيناً بوجوده وأتمنى أن أحتفى بلقائه.

قال لى: وكيف عرفت الله؟

قلت له: من كتابه، القرآن الكريم.

قال لى: وكيف تعرف أن القرآن كتاب الله؟

قلت له: فى شئون العلم، عقلى «إمبريقى» أى evidence-based، لا يؤمن إلا بالأدلة المشاهدة والملاحظة والملموسة، ولو أمكن القابلة للقياس الرقمى. كتاب نزل من 1400 سنة خلا مدة 23 سنة هى عمر الرسالة، وحين يتم جمعه نكتشف فيه أنه كتاب يستخدم كلمة «الدنيا» 115 مرة، ويستخدم «الآخرة» نفس عدد المرات بالضبط. ويستخدم كلمة «الملائكة» وكلمة «الشياطين» 88 مرة بالضبط، ويستخدم لفظة «الحياة» ولفظة «الموت» 145 مرة بالتمام والكمال، ويستخدم «الصالحات» و«السيئات» 167 مرة، ويستخدم كلمة الإيمان وكلمة الكفر 17 مرة، ويستخدم لفظة «إبليس» 11 مرة، ويستخدم لفظة «الاستعاذة بالله» من الشيطان ومشتقاتها 11 مرة، ويستخدم لفظة «يقولون» 332 مرة، ولفظة «قل» 332 مرة. وخلال 23 سنة من نزول الكتاب الكريم يستخدم لفظة «الشهر» 12 مرة، ولفظة «اليوم 365».

هؤلاء الناس آنذاك، لم يكن لديهم قواعد بيانات أو سيرش انجنز. أكيد من كتب هذا الكتاب ليس آحاد الناس. فضلاً عن العديد من مظاهر الإعجاز فى القرآن الكريم، لكن هذا يكفى كنقطة بداية.

لو المسألة عقلية بحتة، أنا مش مستعد أغامر بإنكار وجود الخالق. قال لى إنه سيتحقق من دقة الأرقام، ثم اختفى. انشغلت عنه حتى وصلتنى أمس رسالة طويلة، جاء منها:

«يا فلان.. أنا عارف إنك هتفرح ليا لما تعرف إن أنا بدأت أصوم رمضان السنة دى لأول مرة من كذا سنة.. وفضلت أبكى لما المغرب أذن وحسيت إنى اتولدت من جديد..».

هذا جزء صغير من رسالة طويلة وصلت لى من «سامى». ومن بقية الرسالة، أستنتج أننى أمام شخص دخل الإيمان من بوابة الشك المنهجى، هو شخص لم يعد فقط يعبد الله «احتياطياً»، لكنه «أحب الله» فأنار قلبه.

صلى فاتصل، صام فوصل، اتقى فارتقى.

صبراً على كل «سامى»، فقد يكون فيهم خير دفين غطته الحيرة. شبابنا حائر فى واقع محير.

ربنا أنت تعلم ضعفنا وقلة حيلتنا، فلا تتركنا لأنفسنا، فنحن لا نقدر عليها، وأنت كفيل بها. آمين.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال من ملحد هل القرآن كتاب الله سؤال من ملحد هل القرآن كتاب الله



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon