من أنور الهواري إلى السيد الرئيس

من أنور الهواري إلى السيد الرئيس

من أنور الهواري إلى السيد الرئيس

 لبنان اليوم -

من أنور الهواري إلى السيد الرئيس

معتز بالله عبد الفتاح

كتب الأستاذ أنور الهوارى مقالاً فى «المصرى اليوم» بعنوان «محنة الكتابة». أعتبره مقالاً يعبر عن حال كثيرين. أرجو أن يتفضل الزملاء فى مكتب الرئاسة بإطلاع السيد الرئيس عليه.

■■ مررتُ بثلاث مراحل متعاقبة فى كتابة هذه المساحة على مدى أكثر من عشرة أشهر تزامنت مع ولاية الرئيس المُنتخب:

فى المرحلة الأولى، كنت أتخيل أننا بصدد تأسيس جمهورية جديدة، كنتُ مدفوعاً بطاقة روحية كبيرة، مُزوداً بأحلام عظيمة، أكتبُ بهدوء يليق بمعنى التأسيس، وبعمق يليق بجلال المهمة.

فى المرحلة الثانية، أحسستُ أننا ننحرف عن الهدف، ونستعيد أفكاراً قديمة، ونحيى من التاريخ ما مات، كتبتُ أنبه، وأحذر، بصوت عال يصلُ إلى الصراخ، وبرفض يصلُ إلى الغضب.

فى المرحلة الثالثة، نغرق فى التفاصيل التافهة، وأصبح مطلوباً أن أكتب فى: العفاريت، الاغتصاب، زنى المحارم، تقنين الحشيش، المعارك حول التراث، الحمار الذى يتفسح فى المطار، ياسمين التى تخانقت فى المطار، الطيارين الذين يستقيلون من المطار، أبوتريكة وفلوس أبوتريكة.

نكصنا عن تأسيس جمهورية جديدة، فذهبنا نغرق فى بحر عبثى من تفاصيل قديمة، هذا هو جوهر المشكلة.

الزميل العزيز الأستاذ محمد عبدالهادى، رئيس تحرير الأهرام، كتب فى افتتاحية الجمعة يحذر من استعادة أجواء ما قبل 25 يناير.

التاريخ -يا صديقى الحبيب- يتطور ولا يتكرر، أجواء ما قبل 25 يناير لم يكن لها أى مخرج إلا ما جرى فى زلزال 25 يناير: انسداد شامل فى النظام السياسى: انسداد على مستوى الرئاسة بين رئيس طاعن فى السن غير قادر على الوفاء بمهمات موقعه، ووريث غير مقبول من الشعب ومن الدولة معاً. ثم انسداد على المستوى الوزارى حيث سيطرت قوى المال على توجيه دفة الحكومة، ثم خُتمت بانسداد على المستوى البرلمانى حيث أقصى برلمان 2010م المعارضة بأكملها، وإزاء هذه الانسدادات الثلاثة، لم يكُن أمام الشعب إلا النزول إلى الشارع، ولم يغادروه حتى فتحوا القنوات الثلاث المسدودة: رحل الرئيس ومعه الوريث، رحلت حكومة رجال الأعمال، رحل برلمان التزوير والإقصاء.

الوضع -الآن- مختلف أشد الاختلاف: لا يوجد انسداد سياسى، يوجد فراغ سياسى، نحن الذين صنعناه، نحنُ تخلينا عن خريطة الطريق، التى اتفقت عليها الأمة المصرية فى 3 يوليو 2013م، فى لحظة لم تكن الدولة المصرية مع الشعب، كانت أسيرة لدى التنظيمات الدينية، فى لحظة بادرت فيها الأمة لإنقاذ الدولة التى سلمت نفسها وسلمت شعبها لخصومها وخصومه فى انتخابات الرئاسة 2012م.

وبعد أن تخلينا عن خريطة الطريق، لم نعلن خريطة طريق بديلة، بل ذهبنا نخلق حالة ضبابية غامضة: نتجاهل الدستور ونحكم بغير مرجعية معروفة، اكتفينا بانتخاب الرئيس، وماطلنا ونماطل فى انتخاب البرلمان، وتركنا البلد يموج -كموج البحر- فى فراغ يدمر أعصاب البشر ويفلق أكباد الحجر.

صحيحٌ، أننا -حتى هذه اللحظة- لم نلبس فى الحائط، لكن المؤكد: نحن ننتظر تحت الحائط. انتظار إجبارى، انتظار إلى أجل غير معلوم، لا نعرف كيف نتفادى أو نتجاوز هذا الحائط، وفى مثل هذا النوع من الانتظار يُصابُ الناسُ بالملل الثقيل، ويتأففون، ويضجرون، وينفخون، وتتوتر أعصابهم، وتتعكر أمزجتهم، وتفسد أحاسيسهم، ومع طول الانتظار يفقدون الأمل، ومع فقدان الأمل يبدأ السخط، وإذا سخط الناس فما عليك إلا أن تنتظر منهم ما هو أشد بأساً وأشد تنكيلاً.

آخرُ الكلام: فى 25 يناير كنا أمام مسارات مسدودة بالضبة والمفتاح. لكن الآن نحن أمام مسارات جاهزة للانطلاق، ولكن نحن الذين نعطّلها، هذا التعطيل جمع كل السلطات فى يد الرئيس، ووضع الشعب على مقاعد المتفرجين، والفُرجة فقدت بهجتها ولذتها.

وللأسف الشديد: انتقلت السلطات المركزة فى يد الرئيس إلى وزراء ومحافظين وموظفين تنفيذيين، من العيار المتوسط، ومن الوزن الخفيف، فأساءوا استخدامها، وأهدروها، إنجازاتهم تشهد عليهم فى اضطراب كافة المرافق، وفى معاناة كافة المصريين.

ماذا بقى من كلام يُمكن أن يُكتب أو يُقال؟!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أنور الهواري إلى السيد الرئيس من أنور الهواري إلى السيد الرئيس



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon