من وحيد حامد إلى السيسي

من وحيد حامد إلى السيسي

من وحيد حامد إلى السيسي

 لبنان اليوم -

من وحيد حامد إلى السيسي

معتز بالله عبد الفتاح

لا أعتقد أن الأستاذ وحيد حامد أراد بالفعل أن يترك الرئيس السيسى السلطة. هو أراد أن ينقل له وللقائمين على السلطة شعوراً موجوداً بأن الناس الذين أرادوا السيسى رئيساً لمصر كانوا يتوقعون ما هو أكثر. كانوا يتوقعون إزاحة تامة لكل أسباب التخلف والتباطؤ والإهمال والفساد.

كانوا يتوقعون أن يأتى الرجل الذى سيجعل لتضحيات المصريين فى السنوات الأربع السابقة معنى. رسالة الأستاذ وحيد واضحة عندى لأنها واضحة عند أغلب الذين يتمنون للسيسى النجاح لأن فى نجاحه نجاحاً لمصر كلها.

ولكن المعضلة ليست فى «السيسى» كشخص فى تقديرى. ولكنها فى مدى استعداده لأن يقدم رؤية مركبة ومبتكرة وسريعة لعلاج مشاكل متراكمة ومتداخلة ومعقدة.

ودعونى أرجع إلى بعض الدروس التى تعلمتها خلال الفترة الماضية، وألخصها فى عبارة مجملة ثم يأتى تفصيلها.

«أزعم أن مصر لم تكن مصر بسبب مبارك. لكن مبارك كان مبارك بسبب مصر».

ضع اسم أى رئيس آخر غير مبارك وغالباً ستنتهى لعبارة لها معنى مقبول.

التاريخ لدراسى السياسة هو المعمل لدارسى الكيمياء.

التاريخ يقول إن مصر شهدت تقريباً كل أنظمة الحكم فى العالم بدرجات متفاوتة، وكان الفشل حليفنا فى معظم الأحيان ما عدا بعض الاستثناءات.

التاريخ لدارسى مصر تغيرت فى آخر مائة عام من ولاية عثمانية إلى ملكية إلى جمهورية، من احتلال إلى استقلال، من نظام شبه ليبرالى إلى حكم عسكرتارى إلى ديمقراطية شكلية إلى ديمقراطية مجتزأة، من نظام الاقتصاد الحر قبل 1952 إلى نظام التخطيط المركزى بعد 1952، من حرية الصحافة النسبية إلى غياب حرية الصحافة التام إلى الإعلام الموجّه إلى فوضى الصحافة والإعلام.

التاريخ يقول إن مصر عرفت فؤاد وفاروق وناصر والسادات ومبارك ومرسى والسيسى، وظل المصريون كما هم يعانون الفقر والجهل والمرض على تنويعات مختلفة.

التاريخ يقول إن المصريين زادوا عدداً من 25 مليوناً فى العشرينات إلى 30 مليوناً فى الستينيات إلى 90 مليوناً الآن، ويزيدون كل سنة 2.6 مليون نسمة. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

طيب.. ما هو دور القيادة؟

القيادة غرقانة وغرقت وهتغرق فى كم رهيب من المشكلات اليومية، والشعب المصرى الشقيق غرقان وغرق وهيغرق فى كم رهيب من المشكلات هو الآخر.

شعب هذه حكومته، وحكومة هذا شعبها.. أين الخلاص؟

مصر تواجه مأزقاً حاداً لا بد فيه من ناس غير الناس، وطريقة تفكير غير طريقة التفكير التقليدية. القضية أكبر من السيسى ومن معه. القضية كما قالت لى بنتى مرة عن زميلاتها فى المدرسة اللائى يُخطئن ولا يعرفن حتى أنهن أخطأن: «يا بابا.. مفيش حد علم الأطفال دول أى حاجة. همّ حتى مبيعرفوش إنهم غلطوا لأن محدّش قال لهم الصح من الخطأ».

وهذا حال الكثيرين منا.

الحقيقة أننى كنت كذلك آمل خيراً فى الكثير مما هو آتٍ بعد 30 يونيو.

لكن حتى لو كان السائق ماهراً، الأوتوبيس متهالك.

حتى لو كان الترزى شاطر، القماش دايب.

حتى لو كان الفرّان رائعاً، الدقيق عفن.

حتى لو كان المدرب خبيراً، اللعيبة محششة.

حتى لو كان «السيسى» نبياً، فقد جاء فى وصف من هو أعظم منه، سيدنا نوح عليه السلام، «وما آمن معه إلا قليل». ليس لعيب فى نوح، ولكن لعيب فى قومه.

السيسى قطعاً ليس نبياً، ولكنه لن ينجح إلا إذا وضع المراية فى وشنا وواجهنا بعيوبنا قبل أن يواجهنا بمشاكلنا لأن عيوبنا هى التى أدت إلى مشاكلنا. ومع كل ده يكون عنده تصور نعالج العيوب إزاى علشان نعرف نحل المشاكل إزاى.

المسألة بحاجة لجرأة المستغنى وقوة العالم بصعوبة الأوضاع ورؤية العارف بالمرض والتشخيص والعلاج.

كشخص مهتم بالاقتصاد السياسى للتنمية أقول: لست قلقاً من عِظَم التحديات، لكننى قلق جداً من ضعف القدرات.

كلام أستاذ وحيد حامد كما فهتمه ينتهى بسؤال: هل هتقدر يا سيادة الرئيس على ما لم يستطعه السابقون عليك؟

نتمنى جميعاً هذا. 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من وحيد حامد إلى السيسي من وحيد حامد إلى السيسي



GMT 18:40 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

أسقط الركن الثالث

GMT 18:39 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

بين القوانين والإعلانات والأخلاق

GMT 18:38 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

عام «سَوْقَنَة» القضايا

GMT 18:37 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتية الإيرانية في انتظار الاختبار الصعب

GMT 18:18 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

2026... عام التوضيحات؟

GMT 18:14 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

العراق ما بين تاريخين

GMT 18:13 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

يحمل اسم زويل

GMT 18:12 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

هند رستم.. الأنوثة قبل الإغراء دائمًا!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:08 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 لبنان اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 17:24 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح
 لبنان اليوم - الجيش اللبناني يستعد للمرحلة الثانية من حصر السلاح

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon