أجمل التاريخ كان غدًا

أجمل التاريخ كان غدًا

أجمل التاريخ كان غدًا

 لبنان اليوم -

أجمل التاريخ كان غدًا

بقلم:أسامة غريب

عاش الشاعر اللبنانى سعيد عقل مائة عام واثنين. وقد أتاح طول العمر للشاعر الكبير أن يترك خلفه دواوين شعرية وأغانى جميلة ومشاركات بالشأن العام ومواقف سياسية وانحيازات بعضها مُشرف ورائع، وبعضها للأسف ليس كذلك!.

كان غزيرا فى إنتاجه الشعرى فترك دواوين عدة حملت بصمته التى لا تخطئها عين كشاعر لم يدّع أنه رائد لمدرسة بعينها، ذلك أنه فضّل أن يكون ذا إسهام فى كل أنواع الشعر بجميع مدارسه. من دواوينه المعروفة: «قصائد من دفترها» و«دلزى» و«أجمل منك لا». كذلك أسهم بنصيب وافر فيما غنته فيروز مثل قصيدة «مكة»، وهى أنشودة جميلة كتبها عقل ولحنها الأخوان رحبانى، وللغرابة جميعهم مسيحيون كاثوليك موارنة، وهذا أمر لافت لا يتكرر كثيرا.

وغنت له فيروز كذلك أغنيات «بحبك ما بعرف» و«يارا» و«أحب دمشق» و«من روابينا القمر» و«شام يا ذا السيف» و«مشوار» و«قرأت مجدك» و«سيف فليشهر».. علاوة على قصيدة «مُر بى» التى لحنها محمد عبدالوهاب وتقول كلماتها: مُر بى يا واعدا وعدا، مثلما النسمة من بردى. تحمل العمر تبدده، آه ما أطيبه بددا. رُب أرضٍ من شذى وندى وجراحاتٍ بقلبى عِدى. سكتت يوما فهل سكتت؟ أجملُ التاريخِ كان غدا!.

ويعرف محبو سعيد عقل كذلك قصيدته الشهيرة سمراء التى يقول فيها: سمراء يا حلم الطفولة، وتمنّع الشفة البخيلة. لا تقربى منى وظلى، فكرة لغدى جميلة.

كل هذا وأكثر منه كتبه الشاعر الكبير..غير أن الرجل قد وضع محبو أشعاره فى حرج بالغ عندما اتخذ مواقف سياسية غريبة وغير متوقعة، فكان انحيازه للقومية اللبنانية لافتا، وتشجيعه الكتابة بالعامية اللبنانية مستغربا من شاعر ملك ناصية الفصحى وعبّر بها أحسن تعبير، فضلا عن أنه ارتكب خطيئة كبرى عندما كتب فى افتتاحية جريدته التى أسسها «لبنان» مُرحبا بالغزو الإسرائيلى عام ١٩٨٢ لأنه رأى فيه خلاصا من الوجود الفلسطينى!.

ماذا يفعل المتلقى العربى المصدوم فى المواقف السياسية لشاعر بقيمة سعيد عقل أمام جمال أشعاره؟ لا يسهل تصور أنّ صاحب هذا العالم الشعرى الرحب هو نفسه صاحب هذا الموقف السياسى الضيق. وكيف يكون مَن كتب قصائد أحب دمشق، وعمان فى القلب، وغنيت مكة هو نفسه المغرق فى لبنانيته لدرجة الشوفينية، مغرق إلى الحد الذى دعاه للترحيب بقدوم شارون!.

لابد هنا أن يكون القارئ قادرا على الفصل بين جمالية النص ومواقف المبدع.. وهل هذا سهل؟. هناك من يرى أن الإنسان يلجأ للفن لالتماس الراحة من هجير الحياة وواقعيتها، وهؤلاء لا يريدون للفنان أن يقترب ويتعامل مع قضاياهم السياسية حتى لا يحترق! وهم هنا ينسون أن الشاعر هو إنسان يسعى للاغتراف من وادى عبقر ومطاردة حوريات الشعر، لكنه بالمثل يسعى وراء لقمة عيشه ويدافع عن مدينته وذكريات صباه، كما يخلص لارتباطاته القبلية والعشائرية.. أى شاعر هو شاعر نصف الوقت مهما أراد العكس، والغريب أن نصف الوقت الذى يُبدع فيه أشعاره هو الذى يَكتب له الخلود كل الوقت بعد رحيله.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أجمل التاريخ كان غدًا أجمل التاريخ كان غدًا



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon