عبء الرجل الأسود

عبء الرجل الأسود

عبء الرجل الأسود

 لبنان اليوم -

عبء الرجل الأسود

بقلم:أسامة غريب

السفر يجعل المرء يرى أشياء لا تفلح القراءة فى نقلها وإطلاعنا عليها، فمثلًا أقضى هذه الأيام إجازة فى نيوجيرسى، وقد اخترتها لأن الإقامة فى نيويورك تحتاج إلى تاجر بودرة ليقدر على أسعارها. المهم أننى لأجل الحجز دخلت على موقع إير بى إن بى وحجزت غرفة بحمام خاص ملحقة بأحد البيوت فى منطقة نيويورك القريبة من مطار المدينة. طبعًا البحث من خلال جوجل عن المنطقة يجعلك ترى شوارع واسعة نظيفة وأبنية تقليدية، لكن هذا البحث لا يريك كل شىء. عندما شددت الرحال وسكنت هناك أدركت أن الحى بأكمله لا يقيم فيه شخص أبيض!.

المنطقة خاصة بالسود فقط، حتى إنه لا يوجد بها أحد من اللاتينيين المتحدثين بالإسبانية الذين يملأون كل مكان فى أمريكا. مالك البيت وزوجته اللذان أسكن عندهما من الأفريكان الأمريكيين والبقال أسود والخباز كذلك، لدرجة أننى عندما صعدت إلى الأتوبيس وظللت به حتى نهاية الخط لم يصعد راكب واحد أبيض البشرة.. الجوار بأكمله يتكون من عنصر واحد من السكان. لم أفهم كيف يمكن أن يحدث هذا فى القرن الواحد والعشرين. لقد عرفت أن أسعار البيوت هنا أقل بكثير من مثيلتها فى أماكن أخرى، ومع ذلك فإن هذا الرخص لا يغرى رب أسرة أمريكى أبيض بأن يحمل عائلته ويأتى بها إلى هنا.

المنطقة آمنة وليست تجمعًا إجراميًا كما قد يتبادر إلى الذهن، وحتى المشردين الجالسين على الرصيف ليسوا عدوانيين، والسكان لا يغلب عليهم الفقر، فكثير منهم مهنيون (أطباء ومحامون ومحاسبون وعمال مهرة)، لكن الجميع تواضعوا على أن هذه منطقة خاصة بالسود. عجبت لأن الدعاية فى بلاد كهذه تحث المهاجرين دائمًا على الاندماج فى المجتمع وأن يصبحوا جزءًا من الحلم الأمريكى، فأى اندماج يريدونه بالتحديد من مهاجر أجنبى؟، وأين يريدونه بالضبط أن يسكن ويعيش ويندمج؟، هل يدعونه ليندمج بأحياء البيض أصحاب الدخول المرتفعة مثل لونج أيلاند على أطراف نيويورك؟، أم يدعونه ليكون من طلائع المستكشفين ويكون أول من يرتاد أحياء السود ويجاورهم ليثبت لنفسه وللمجتمع تسامحه وعدم عنصريته؟.

المجتمع الأمريكى مجتمع حر والحرية به مقدسة رغم كل جهود ترامب لتدمير قواعد البنيان الأمريكى، ومع ذلك فإن الناس يخشعون لحكم القانون الذى يحقق مصالح الجميع، لكن دون أن يؤمنوا من الداخل وفى قرارة أنفسهم بالمساواة. المساواة يؤمن بها ويتطلع إليها من يتعرضون للعزلة والنبذ، أما سواهم فإنهم يعلّقونها حلية تنفع كشعارات انتخابية لكسب أصوات المهمشين، أما النائب عن المنطقة الذى حصل على مقعده فى الكونجرس بأصوات السود فإنه يستنكف بعد الفوز أن يسكن وسط أهله وينتقل فى أول فرصة إلى مانهاتن ليجاور من يتطلع لأن يحظى باعترافهم!. ولا يفوتنى هنا التنويه إلى أن أحياء السود التى أتحدث عنها تختلف عن أحياء الصينيين الذين يرفضون الاندماج ويعيشون كأنهم لم يغادروا الصين. السود على العكس، يتحدثون الإنجليزية ولا سواها، وينتمون لأمريكا التى لا يعرفون غيرها، ورغم ذلك يعيشون فى عزلة جبرية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبء الرجل الأسود عبء الرجل الأسود



GMT 19:39 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«حزب الله» خسر الحرب ويريد الربح في السياسة!

GMT 19:38 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الست»

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

«الانتقالي» فتح عشَّ الانفصاليين

GMT 19:37 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عذابات الملياردير الرقمي!

GMT 19:36 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

صهيونيّتان وإسرائيلان؟!

GMT 19:35 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

عن توقيت المعارك

GMT 19:34 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

السردية الإسرائيلية التي دحضها أحمد الأحمد

GMT 19:33 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

التجاهل والتعامي بوصفهما حرفةً

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:40 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا
 لبنان اليوم - الفلفل الحار وتأثيره على صحة البروستاتا

GMT 20:31 2025 الأحد ,21 كانون الأول / ديسمبر

تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين
 لبنان اليوم - تسلا تكشف عن روبوتها الشبيه بالبشر اوبتيموس في برلين

GMT 09:53 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 08:52 2024 الإثنين ,30 كانون الأول / ديسمبر

ديكورات تمنح منزلك الدفء وتجعله أكثر راحة

GMT 21:19 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إدارة الطليعة" تعاقب اللاعبين بعد تدهور النتائج"

GMT 02:55 2016 الأربعاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أندية الأردن في أزمة كبيرة بسبب ملاعب التدريب

GMT 07:25 2024 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

توقعات برج العقرب لعام 2024 من ماغي فرح

GMT 17:55 2023 الأحد ,03 كانون الأول / ديسمبر

الباركيه في غرف النوم يمنحها الدفء والجاذبية

GMT 17:06 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

جنيفر ميتكالف ترتدي جاكت دون ملابس داخليه

GMT 15:16 2021 الإثنين ,04 تشرين الأول / أكتوبر

قرداحي استقبل السفير التونسي وجرى البحث في الاوضاع العامة

GMT 17:29 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تصميمات Lanvin من وحي الخيال

GMT 11:27 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يستقبل عام 2021 بتحوله لـ"ملاكم" في كليب "Anyone"

GMT 05:03 2016 الخميس ,01 كانون الأول / ديسمبر

"Roberto Cavalli" تطرح مجموعة من المجوهرات لعام 2017

GMT 06:30 2013 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

العمل مع "الزعيم" شرف كبير وأنا لست إعلاميًا

GMT 14:20 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

اجتماع لوزراء الصحة الأفارقة حول لقاح كوفيد ـ 19

GMT 14:47 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

النفط يبلغ أعلى مستوى منذ شهور وخام برنت 53.17 دولار للبرميل

GMT 03:53 2015 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

جزيرة فوليجاندروس أجمل مكان لمشاهدة غروب الشمس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon