ثمن فادح للأسف

ثمن فادح للأسف

ثمن فادح للأسف

 لبنان اليوم -

ثمن فادح للأسف

بقلم:أسامة غريب

جلست مع أحد الأصدقاء على قهوة مجاورة لبيته فى إمبابة للتحدث فى شأن أدبى. على مقربة منا جلس مجموعة من الرجال كبار السن يلعبون طاولة وكان من بينهم شخص على كرسى متحرك. همس لى صديقى بأن هذا الرجل هو بطل القصة التى نشرتها الصحف منذ سنوات عن المدرس الذى حاول منع التلامذة من الغش فضربوه حتى أوشك على الموت ثم خرج من المستشفى مقعدًا. نظرت إلى الرجل فأبصرت وجهًا مصريًا حزينًا.

ليت صديقى لم يخبرنى بشأنه. لم أعد قادرًا على الاستمرار فى الجلسة فاستأذنت منصرفًا بعد أن تعكر مزاجى، ومشيت فى الشارع والتساؤلات الحائرة تعصف بى. لماذا فعل هذا بنفسه وبأسرته ولم يترك التلاميذ يغشون كما يفعل غيره؟ لماذا وضع نفسه تحت رحمة البلطجية الصغار وغامر بالاصطدام بهذه النوعية الشرسة وحاول أن يقوم بواجبه فى مهمة يغلب عليها العبث؟ لماذا وهو بالتأكيد يدرك مثلنا أن العملية التعليمية كلها عبارة عن فيلم هندى؟ صرت أكلم نفسى فى الشارع بصوت مرتفع.. قلت: بما أنه معلم قديم فهو يعى أن التلامذة لم يتعلموا شيئًا ولن يتعلموا لآخر سنوات دراستهم، وهو بالضرورة يفهم أن الغش من الزملاء أو حتى فتح التلامذة للكتب لن يضيف جديدًا لأن معظمهم لا يعرف القراءة والكتابة!.

ولماذا نذهب بعيدًا.. إن هذا الأستاذ كغيره على علم تام بأن منع الغش لا جدوى منه لأن التعليمات تقضى بإنجاح معظم الطلبة لكى يفسحوا الطريق لغيرهم حتى لو تركوا أوراق الإجابة بيضاء!. هو يعلم كذلك أن هذه المدارس لن يخرج منها شاعر أو أديب أو عالم أو فيلسوف.. لقد فات الزمن الذى كانت فيه مدارس الحكومة تقوم بهذا الدور، لكن مدارس كهذه صارت تُخرج فيضًا من سائقى التوك توك والسٌيّاس ومناديى السيارات!. هو يعرف هذا كله، وربما يكون قد قرأ عن ترتيب مصر فيما يخص نوعية التعليم وجودته ونظم التدريب والمستوى الذى يحصل عليه التلاميذ من الخدمة والرعاية والاهتمام.. لقد حصلت مصر بجهدها الذاتى على المركز قبل الأخير.

لماذا إذن ما دام يعرف هذا كله حاول منع الأولاد من الغش؟ فى ظنى أنه فعل ذلك لأنه ببساطة رجل شريف. هو واحد من البسطاء الذين يحمون هذا الوطن ويمنعونه من الانهيار التام، ولعله من هؤلاء الذين يحولون بين الوطن وبين الوصول إلى مرحلة التعفن الرمى، حتى لو لم يكن يعى هذا أو يدركه!.. لقد فعل هذا لأنهم ندبوه إلى هذه المدرسة وكلفوه بأن يمنع الغش فلم يشأ أن يحصل على أجر لأداء عمل ثم يقوم بعكسه!.. صحيح أن الأجر هو ملاليم لكن ماله ولهذا.. إن شرف المرء لا علاقة له بكم يقبض. هو يعلم أن هناك من يقبضون الملايين ثم يقومون بعكس واجبهم فيلحقون بأهلهم أفدح الأضرار، لكنه ليس من هذا النوع. فى ظنى أنه لم يحاول أن يكون بطلًا، لكنه فيما يبدو حسم أمره وقرر أن يكون إنسانًا.. ولهذا ثمنه للأسف!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثمن فادح للأسف ثمن فادح للأسف



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 20:43 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع
 لبنان اليوم - مأساة أم مصرية تشعل مواقع التواصل بعد عرض أطفالها للبيع

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة

GMT 12:39 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الأخطبوط يلجأ إلى حيل مثيرة للدهشة للإيقاع بالفريسة

GMT 07:35 2020 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

توماس باخ يؤكد أنهم مستعدون لإقامة أولمبياد طوكيو

GMT 22:11 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

دليل تنظيف اللابتوب

GMT 22:18 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

فالنتينو تخطف الأنظار بمجموعتها لموسم 2018

GMT 09:01 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

ماجد المصري ينتهي من تصوير فيلم خمس جولات
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon