الإنصاف الذى تأخر

الإنصاف الذى تأخر

الإنصاف الذى تأخر

 لبنان اليوم -

الإنصاف الذى تأخر

أسامة غريب
بقلم : أسامة غريب

فى الصغر كان ذوقى فى الغناء والموسيقى لا يستحسن ألحان فريد الأطرش، ولم يكن يعجبنى الشكل وطريقة الأداء التى ميّزت غناءه. فى ذلك الوقت كانت أغانى عبدالحليم حافظ هى المسيطرة على خيالى وكنت أراها وحدها الجديرة بالإعجاب. ولِمَ لا؟. أليس هو الابن البار لثورة ٢٣ يوليو والمعبر الحقيقى بالفن عن فكرها وأحلام قادتها!. لم أحتفظ برأيى فى فريد لنفسى، لكن رحت بكل صفاقة أستظرف وأروّج بين زملائى فى المدرسة حكايات عن أن فريد ليس مطربًا حقيقيًّا، لكنه مجرد مونولوجست ظهر فى الثلاثينيات وكان يقلد بشكل كاريكاتورى مطربًا شهيرًا فى ذلك الوقت، وكان لهذا المطرب طريقة أداء غريبة أبرزها فشخة الحنك والنواح والعويل. وكنت أزيد فى القول إن المونولوجست فريد الأطرش لم يفعل سوى أنه بالغ فى تقليد المطرب بشكل كوميدى ساخر. كانت هذه هى الصورة التى كنت أروجها عن فريد.. مجرد مونولوجست يتعيّش على تقليد مطرب آخر بصورة مُبالَغ فيها. وقد زدتُ على ذلك بأن هذا الأسلوب الكاريكاتورى قد أعجب جانبًا من الجمهور مما حدا بفريد أن يستمر فى هذه الطريقة ويتخذها سبيلًا دائمًا فى الغناء. بعد ذلك نسى الناس المطرب الآخر وتوجهوا بإعجابهم نحو فريد الذى استمر على هذا النهج الكوميدى طوال عمره.

مع التقدم فى العمر أخذت أعيد النظر فى تجربة فريد فى التلحين والغناء، وأدهشنى أننى أصبحت أراه بصورة أخرى. عندما بدأت أعيره أذنًا صاغية غير ساخطة رأيت فنانًا شرقيًّا رقيقًا مليئًا بالإحساس يقدم فنًّا متميزًا لا يشبه ما يقدمه غيره، وهذا لعمرى سبب كافٍ لمحبة فريد، وكان من أكثر ما أثار تعاطفى معه حديث تليفزيونى أبدى فيه الدهشة والمرارة من أنه لا يجد مطربين يقبلون غناء ألحانه.. كان طبعًا يقصد الكبار أمثال عبدالحليم وأم كلثوم وفايزة التى اقتصرت على ألحان محمد سلطان، ووردة التى تزوجها بليغ واحتكرها. شيئًا فشيئًا وجدت محبة فريد تتسلل إلى نفسى، ثم أخذتُ أبحث عن لقاءاته التليفزيونية، وهذه أرتنى حجم التلقائية والطيبة اللتين ميزتا هذا الفنان فى مواجهة منافسين اتسموا بالخبث والدهاء. لم تقبل أم كلثوم أن تغنى أغنية أعدها لها فريد بعد أن أوعز إليها بعض المقربين بالبعد عن ألحانه، وكان ذلك بعد أن وافقت عليها وأبدت إعجابًا بها. كما توترت العلاقة مع عبدالحليم الذى كان يجيد الضرب تحت الحزام فى الخفاء ثم لا يجد تناقضًا فى الجلوس مع فريد فى لقاء تليفزيونى يحتضنه فيه ويردد على مسامعه كلامًا رائعًا عن عظمته ونبوغه!.

التقدم فى السن والتجربة والابتعاد عن الاعتزاز بالإثم جعلتنى أهجر رأيى القديم، وأرى فريد الأطرش بعين أخرى بعيدًا عن تأثير التليفزيون الرسمى، الذى جعل عبدالحليم حافظ صنوًا لـ٢٣ يوليو، فأكسبه جماهيرية وسط جماهير يوليو لم يحصل عليها فريد!. وربما أن موقفى الذى تغير مع الزمن من نظام ٢٣ يوليو كان سببًا فى النظر إلى كل من فريد وعبدالحليم بشكل جديد.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنصاف الذى تأخر الإنصاف الذى تأخر



GMT 18:25 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نهاية حزينة لشارع الحمرا…

GMT 18:24 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

القلعة الجوفاء: بعدما هدأ غبار الهجوم على إيران

GMT 18:23 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

«الست» أيضاً

GMT 18:22 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الحدود ومواعيد نتنياهو

GMT 18:21 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

هل «الموديل» الغربي مُقدّس؟

GMT 18:19 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:16 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات الهُويَّة وأنثروبولوجيا إسلام الخارج

GMT 18:15 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

لبنان وغزة... إدارة النزاع بدل إنهائه

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 16:44 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يعلن تحييد "عنصرين" في "حزب الله" اللبناني

GMT 17:29 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - إهمال صحة اللثة قد يُزيد خطر أمراض القلب والسكتات الدماغية
 لبنان اليوم - تسلا تواجه انتقادات بعد وفيات ناجمة عن أعطال أبواب السيارات

GMT 17:50 2025 الإثنين ,22 كانون الأول / ديسمبر

نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية
 لبنان اليوم - نانسي بيلوسي تعتبر خطاب ترمب دليلا على عدم أهليته العقلية

GMT 15:01 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 14:56 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

سندس القطان بإطلالات مقلمة ناعمة ورائعة على انستقرام

GMT 17:43 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

لاعب كونغولي يخطف الأنظار في مونديال اليد

GMT 01:35 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

وفاة 4 لاعبين ورئيس ناد بطريقة مأساوية في البرازيل

GMT 17:45 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

إليسا تنشر مشاهد لجمال لبنان وتعلق"خلينا ما بقى نسكت"

GMT 02:55 2018 الأربعاء ,06 حزيران / يونيو

7 حيل تجعل عطركِ يدوم طويلًا مهما كان نوعه

GMT 01:56 2020 الخميس ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النساء يحقّقن اختراقات في انتخابات الكونغرس الأميركي

GMT 15:26 2020 الثلاثاء ,01 أيلول / سبتمبر

مقتل 3 أطفال وإصابة 4 بانفجار قارورة غاز في الهرمل

GMT 14:02 2019 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

قصة جديدة لفئة اليافعين بعنوان "لغز في المدينة"

GMT 18:16 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

أناقة زين مالك بعد أنفصاله عن جيجي حديد

GMT 14:09 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

رائدة ناسا "كيت روبينز" تحصد الفجل المزروع في الفضاء
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon