الريفى الدكر

الريفى الدكر

الريفى الدكر

 لبنان اليوم -

الريفى الدكر

بقلم:أسامة غريب

قصص التنمر الذى يمارسه التلاميذ فى المدارس بحق بعضهم البعض لا تنتهى. فى السابق لم يكن مصطلح التنمر قد شاع استخدامه، لكن فعل الرزالة نفسه وتعمد بعض التلاميذ استضعاف أحدهم واستهدافه بالإهانة والإغاظة كان موجودا على الدوام. زمان كان معى بالمدرسة تلميذ عبارة عن عجينة شر متحركة.. كان يوزع سوء سلوكه على الجميع، لكن كان يختص الطيبين والضعفاء بأكثر ممارساته سخافة. قام فى أحد الأيام بانتزاع شنطة المدرسة من يد أحد الزملاء وكان هذا الزميل قادم حديثًا من الريف مع والده الذى وجد وظيفة بواب بالقاهرة. انقض الوغد على الطعام الذى وجده بالشنطة وكان عبارة عن نبتة غريبة فشلنا فى سبر أغوارها ولم نعرف لها اسمًا. استسلم التلميذ لقدره وأخبرنا أن هذه النبتة التى نجهلها اسمها الجعضيض!. بعد الضحك الصبيانى والذى منه انصرفنا ونسينا الموضوع، لكن الوغد نشر الأمر فى المدرسة كلها، وشن حملة سخرية مريرة على الفتى صاحب الجعضيض. كنا كلنا تقريبًا من أبناء الفقراء ولم يكن أحد يحمل فى حقيبته ساندويتشات تتجاوز الفول والطعمية والجبنة والحلاوة، لكن يبدو أن الفقر الريفى يختلف عن فقر أبناء المدينة، وهو ما يمكن أن ينطبق على تسمية الفقر الدكر الذى ينال من صحة صاحبه كما يمس كرامته!، حاول زميلنا المسكين أن يرد العدوان اليومى الذى يتلقاه من الزميل الطاغية بلا جدوى، خاصة أن جمهور التلاميذ كان يأخذ صف المعتدى أثناء حفلة الكوميديا اليومية. ومن الواضح أن الشرير المتنمر يجد أنصارا بسهولة ممن يفضلون العيش فى كنفه والانضواء تحت لوائه بدلا من أن يكونوا فى مرمى نيرانه. وعلى الرغم من تعاطفهم الخفى مع زميلنا الريفى الضعيف إلا أنهم جبنوا عن مساعدته ولم يلتزموا حتى جانب الحياد ومقاعد المتفرجين، وإنما شاركوا فى التنمر والقسوة. ولقد أدركتُ من زمان أن وضاعة الكائن البشرى وخفته التى لا تحتمل تجد متنفسًا كبيرا فى البيئات القمعية التى يُهرس فيها المواطن عوضا عن حمايته!.

أحد الأصدقاء قال لى تعليقًا على هذه الحكاية: هل تعلم أن الولد الضحية كان يستطيع الحصول على اللجوء السياسى فى كندا أو أستراليا بناء على عجزه عن التعايش وسط التنمر، خاصة أنه افتقد فى مجتمعه وجود من يسانده. قلت له: إن هذه المفاهيم لم تكن شائعة عندما كنا صغارا، وأظن أن العالم كان أقل رحمة. قال: إن القسوة موجودة طول الوقت، لكن الرحماء أيضا كسبوا أراضى جديدة ونشروا مصطلح التنمر نفسه كفعل يستوجب الإدانة. قلت لصديقى: يبدو أن الخيال شطح بك فخلطت بين من يتعرضون للإبادة بفعل الاضطهاد العرقى أو الدينى، وبالتالى يستحقون اللجوء السياسى حماية لأرواحهم، وبين الضعفاء الذين لا توجد خطورة على حياتهم من الهزؤ والسخرية التى يواجهونها فى المجتمع. قال: ربما كنتَ على حق، ومع ذلك مازلت أعتقد أن رئيس وزراء كندا لم يكن ليتردد فى منح صاحب وجبة الجعضيض الجنسية.. بما أن فصلكم خلا من الرحمة والشرف!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الريفى الدكر الريفى الدكر



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon