دردشة مع جلال أمين

دردشة مع جلال أمين

دردشة مع جلال أمين

 لبنان اليوم -

دردشة مع جلال أمين

بقلم:أسامة غريب

ربطتنى بالدكتور جلال أمين صداقة مازلت أشعر بدفئها كلما تذكرت حواراتنا الطويلة الممتدة التى عرجنا فيها على كل شىء بلا تحفظ، وكان- رحمه الله- يقول لى إنه معى لا يضطر للتفكير قبل أن يدلى برأيه الحقيقى مثلما يفعل مع آخرين يخشى ألا يفهموه كما يخشى من وشاياتهم!. تطرق الحديث معه ذات ليلة إلى أخيه المرحوم حسين أمين. عبّرتُ عن دهشتى من أنّ حسين الذى امتلك ثقافة رفيعة وقدرات أدبية واضحة لم يحقق فى دنيا الأدب الشىء الكثير، وقلت إن كتبه القليلة ومقالاته التى بدأ يكتبها مطلع الثمانينيات قد جاءت متأخرة، ومع أنها كانت مبهرة فى المنطق المحكم والفكر الثاقب فإنها لم تنتقل به إلى خطوة أعلى فى سلم الحياة الثقافية فى مصر.

أردت أن أعرف من جلال أمين هل أثّر هذا على نفسية أخيه الذى كان يعرف قدر نفسه بالتأكيد؟، وهل سبّب له الإحباط الذى جعله يعتزل الناس فى سنواته الأخيرة؟. ربما كنت وأنا أطرح هذه الأسئلة متوقعاً لبعض الإجابات،

وربما كنت مدركًا أن العمل بوزارة الخارجية الذى استمر فيه حسين حتى الخروج للمعاش قد أجهض مشروعه الأدبى، ولأننى أعرف جيداً تأثير الوظيفة على الأديب فقد توقعت أن حسين أمين قد عانى تمزقاً نفسياً بين وظيفة جيدة أتاحت له استقراراً ماديًا وسفراً للخارج وتعليمًا جيداً لأبنائه، وبين أن يحترف الأدب والفكر فى بلد يَعِد المفكر بالفقر والتشرد أكثر مما يعده بالطمأنينة والاستقرار. كنت أطرح هذا الموضوع وكأننى أتحدث عن نفسى لأننى عانيت نفس الحيرة وكابدت نفس التمزق. كنت أفهم أيضًا حالة حسين فى مشواره الوظيفى وهو يتعامل بشكل يومى مع رؤساء ليس فيهم من يدانيه ثقافة وثراء عقليًا، وهذه الحالة أفهمها لأننى واجهت فى مشوارى الوظيفى رؤساء أكثرهم أغبياء وأقلهم ممن يفهمون ويشعرون!.

وحياة وظيفية كهذه عادة ما تكون جحيمية، وقد يتعين مع مديرين كفتجية أن تدارى قدر المستطاع أنك تقرأ وأنّ لك إسهامات فى الكتابة، وقد تتعمد حجب رأيك فى بعض المسائل خشية أن يكتشفوا أنك «بتفهم» فيزيد ظلمهم لك ورغبتهم فى تحطيمك. فى دنيا الموظفين يتقرب الناس إلى الرئيس فى العمل ويسبغون عليه أوصاف الحكمة والمعرفة حتى لو كان غاشمًا جهولاً، ولا يخاف الرئيس فى هذه الحالة إلا من المرؤوس المثقف، ذلك أن سيادته كثيراً ما يجمع الموظفين ليعطيهم دروسًا لا تتعلق بالشغل الذى يؤدونه والذى قد يكون ملمًا ببعض جوانبه!.

وإنما فى الفن والأدب والاقتصاد والسياسة، ثم يتلقى منهم تعليقات الثناء على العظمة والعبقرية رغم كلامه الفارغ!. كل هذا توقعت أنّ حسين أحمد أمين كان يقاسيه فى مشواره الوظيفى الذى فضّله على دنيا الفن والأدب التى ولجها متأخراً، ولعله بسبب الدخول المتأخر لم يجد الوقت الكافى ليكتب ويمنحنا كل ما عنده.

وافقنى جلال أمين فيما تصورته، ثم لم يزد على أن قال متأثرًا: الحياة خيارات وعليك أن تتحمل تبعات ما اخترت.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دردشة مع جلال أمين دردشة مع جلال أمين



GMT 19:59 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عودوا إلى دياركم

GMT 19:58 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

عفونة العقل حسب إيلون ماسك

GMT 19:57 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

المفتاح الأساسي لإنهاء حرب السودان

GMT 19:56 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا تناشد ‏الهند وباكستان تجنب «الانفجار المفاجئ»

GMT 19:55 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

تجيير الهزيمة

GMT 19:53 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والخطر على الهوية الوطنية والسياسية

GMT 19:52 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

أميركا... «أطلس» يُحجّم ومونرو يُقدّم

GMT 19:51 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

الهجرة إلى التاريخ في زمن الهزائم

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة

GMT 15:28 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج الحصان..ذكي وشعبي ويملك شخصية بعيدة تماما عن الصبر

GMT 18:44 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

إتيكيت وضع المكياج في الأماكن العامة

GMT 19:26 2019 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

المصائب تتوالى على سان جيرمان أمام ليل
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon