تقاليد سينمائية مندثرة

تقاليد سينمائية مندثرة

تقاليد سينمائية مندثرة

 لبنان اليوم -

تقاليد سينمائية مندثرة

بقلم:أسامة غريب

الأفلام السينمائية تعرض عادة فى كل مكان كاملة ومتصلة دون انقطاع، مع استثناءات بسيطة عندما يتعدى طول الفيلم الساعات الثلاث، هنا يتوقف العرض فى منتصف الفيلم حتى يستطيع الجمهور دخول الحمام.. لهذا فإن المخرج البريطانى الكبير ألفريد هيتشكوك عندما سئل عن الطول المناسب الذى ينبغى أن يكون عليه الفيلم قال: طول الفيلم يعتمد على قدرة المثانة البشرية على الاحتمال!.

لا يعلم رائد أفلام الإثارة والرعب أن هناك دولة واحدة من بين دول العالم جرؤ أصحاب دور العرض فيها، باتفاق جماعى، على قطع الفيلم وإخراج المتفرجين من الحالة السينمائية التى كانوا عليها، ليس لاستخدام الحمام، وإنما لإدخالهم فى حالة أخرى مفرداتها هى اللب والفيشار والقزقزة.. مما يؤسف له أن هذه الدولة هى مصر التى كانوا يسمونها فى السابق هوليوود الشرق، ليس فقط لغزارة إنتاجها الفنى، وإنما لحفاظها على التقاليد السينمائية التى تكفل للفيلم العرض فى جو سينمائى طبيعى!.

ما حدث للأسف هو أن أصحاب دار العرض أرادوا تأجير الكافتيريا بثمن مرتفع لا يتسم بالإنصاف، وهنا وجد الراغبون فى الاستئجار أن الوقت الذى يسبق العرض غير كافٍ لتحقيق الربح المأمول بعد دفع الإيجار، لهذا فإنهم قرروا أن يستثمروا حالة «السويقة» التى نعيشها، فاشترطوا على السينما أن تقوم بقطع الفيلم فى منتصفه لمدة عشر دقائق حتى تكون هناك فرصة كبيرة فى خروج الجمهور لشراء المسليات والمشروبات.

ولم يجد أصحاب دار العرض غضاضة فى أن يقبلوا بهذا الشرط طالما أنهم يقبضون، وطالما أن الجميع فى حالة تعسيلة. لا يبالى من يفعلون هذا بأنهم يسيئون للفيلم وصنّاعه ويقطعون التسلسل الدرامى ويُخرجون المشاهدين من تركيزهم، كما يُحدثون فوضى فى الصالة عندما يحاول الناس العودة لأماكنهم من جديد، بينما العرض قد استؤنف فى غياب معظم المتفرجين. ولا يدرى من يفعلون هذا أنه فى السالف كان من الممكن للموظف القابع بالغرفة العلوية الذى يقوم بعرض الشريط السينمائى أن يتوقف عند نهاية بَكَرَة من بكرات الفيلم فيكون القطع به شىء من المنطق، أما الآن بعد أن أصبحت الأفلام ديجيتال، فإن الموظف يدوس ستوب فى أى لحظة ولا شأن له إذا كان التوقف يحدث بصورة عشوائية مؤلمة.. وهذا فى حقيقته ينطوى على إفساد لذوق المشاهد وإفقاده الرؤية الصائبة فى النظر إلى العمل والاستمتاع به أو تقييمه. ولما كانت الأفعال الرديئة لا تأتى فرادى، فإن أصحاب دار العرض، بالاشتراك مع مستأجر الكافتيريا يضعون على الباب لافتة سمجة غير قانونية تقول: «ممنوع اصطحاب مأكولات من الخارج».. أى أن الأكل والشرب ممكن بشرط أن تشترى منا وليس من أحد خارج السينما حتى لو كان الفرق فى السعر رهيبًا. وللعلم، فى بلاد ربنا الطبيعية يقومون عند تقديم العروض الفنية إما بمنع الأكل والشرب بتاتًا أو إباحته بصرف النظر عن مصدر المأكولات والمشروبات، أما هنا فإما أن تشترى منهم أو يمنعونك من الدخول!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تقاليد سينمائية مندثرة تقاليد سينمائية مندثرة



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية

GMT 08:19 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

تغريم امرأة تركية خرقت "واجب الإخلاص" لطليقها وهربت مع صهره

GMT 23:04 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

إصابة تريزيجيه بفيروس كورونا وابتعاده عن مباريات أستون فيلا

GMT 06:35 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon