ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة

ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة

ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة

 لبنان اليوم -

ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة

أسامة غريب
بقلم : أسامة غريب

يختلف ترامب عن كل الساسة الذين عرفهم العالم فى أنه يعبر عن أحلامه ببساطة ودون مواربة. إذا أراد أن يستولى على جزيرة جرينلاند فإنه يعلن عن رغبته دون خجل، بل يناقش رئيسة وزراء الدنمارك التابعة لها الجزيرة كما لو كان هذا أمرًا طبيعيًّا. كذلك إذا مرت بباله فكرة أن كندا هى الامتداد الطبيعى لبلاده، فإنه يقرر أنها يجب أن تكون جزءًا من الولايات المتحدة. يعبر ترامب عن هذا دون أن يبالى بموقف المواطن الكندى الذى يعيش فى رفاهية تتجلى فى العلاج المجانى الذى يحصل عليه الجميع، وفى رعاية الدولة للمتعطلين وكبار السن والمدمنين وكل الفئات الضعيفة فى المجتمع، على العكس من الولايات المتحدة المليئة بأناس بلا مأوى ولا مورد يفترشون الأرصفة داخل الأزقة ويشعلون النار داخل البراميل من أجل التدفئة فى الشتاء. لا يحفل ترامب برأى الكنديين من ساسة وأحزاب ومواطنين، بل إنه على استعداد أن يدخل فى مساجلات مع أى أحد لإثبات أهمية أن يصبح الكنديون أمريكان!. وعلى نفس المنوال يغضب ترامب لكون خليج المكسيك يحظى بهذا الاسم ويقرر أن ينزع عن الخليح مكسيكيته وأن يسبغ عليه اسم خليج أمريكا.

لا تتوقف شطحات الرجل عند حد، إذ إنه يتنمر منذ فترة على دولة بنما، ويريد أن ينتزع منها القناة بزعم أن الصين هى مَن تتحكم فى قناة بنما. لا يفرق معه إذا هاج وماج حكام جرينلاند وكندا والمكسيك وبنما، فالمهم أن يعبّر عما يعتمل فى نفسه ثم يترك بعد ذلك للأيام وموازين القوى والتفاوض والضغط أن تصل به إلى ما يريد، وحتى إذا لم يصل فإنه لا يتنازل عن أفكاره، التى يؤيده فيها عشرات الملايين من المؤيدين، الذين يملأون أشرعته بالرياح ويجعلونه يقف فى وجه أوروبا وأمريكا الجنوبية وبقية بقاع الأرض. وفى الحقيقة أن أسلافه سواء من الجمهوريين أو الديمقراطيين لم يقلوا عنه طمعًا وشرهًا ورغبة فى الهيمنة والاستيلاء على ثروات الآخرين، لكنهم كانوا يعملون بهدوء ومن خلال الدبلوماسية والاتصالات والمفاوضات فى الغرف المغلقة، أما هذا الرجل فإنه يعلن عن حجم الأموال التى يريد اقتناصها من هذا البلد أو ذاك فى مؤتمرات عامة، ويجعل الذين يريد أن يأخذ منهم المال يستمعون إليه، وهو يفصح عن نواياه، ولا شك أنه يكون فى أحسن حالاته النفسية والمزاجية عندما يسبب الحرج لحلفائه، وهو يتوعدهم، ويقلل من شأنهم، ويتضاحك مع جمهوره عن مدى شطارته فى إجبارهم على الدفع وخيبة مَن جلسوا قبله فى المكتب البيضاوى.

هذا الرجل ببساطة يملك مزاج حكام العالم الثالث، لكن يتفوق عليهم فى أن دولته هى الأقوى والأغنى والأرفع شأنًا بين الدول. صحيح أن طموحاته وأحلامه تحد منها الديمقراطية والدستور والمؤسسات، لكن يظل لديه رغم ذلك حيز كبير يستمتع من خلاله بقهر الحلفاء وإهانتهم، بينما لا يملكون إزاءه إلا الدبلوماسية الذليلة!.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة ترامب فى مواجهة الدبلوماسية الذليلة



GMT 21:13 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

درب السلام

GMT 21:12 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

لَا أَحسَبُ الشَّرَّ جَاراً!

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

من الوحدة الشاملة إلى براكين الدَّم والتَّشظّي

GMT 21:10 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«داعش» وأعياد نهاية العام

GMT 21:07 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المسيحية الصهيونية... من الهرطقة إلى تبرير الإبادة

GMT 21:06 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

المعنى الغائب في أكثر صراعات العالم حضوراً

GMT 21:05 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

حين قرأ كسينجر لحسن البنا

GMT 21:04 2025 السبت ,27 كانون الأول / ديسمبر

«ماغا»... رأب الصدع أم نهاية الائتلاف؟

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 04:11 2025 الخميس ,08 أيار / مايو

البرج الطالع وتأثيره على الشخصية والحياة

GMT 16:08 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الأمير فيصل بن فرحان يترأس وفد السعودية في قمة "بريكس بلس"

GMT 07:38 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل 10 عطور رقيقة للعروس

GMT 19:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الأردني محمد الدميري يتفوق على السوري عمر السومة

GMT 19:02 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

ساؤول يتطلع إلى استعادة أفضل مستوياته مع تشيلسي

GMT 20:30 2021 الإثنين ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أثيوبيا تنفي شنّ هجوم على السودان وتحمل متمرّدين المسؤولية

GMT 08:19 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

تغريم امرأة تركية خرقت "واجب الإخلاص" لطليقها وهربت مع صهره

GMT 23:04 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

إصابة تريزيجيه بفيروس كورونا وابتعاده عن مباريات أستون فيلا

GMT 06:35 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

التلميذ.. ونجاح الأستاذ
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon