لليمين المتوحش دُر

لليمين المتوحش.. دُر!

لليمين المتوحش.. دُر!

 لبنان اليوم -

لليمين المتوحش دُر

بقلم:أسامة غريب

لقد تقبّل العالم الموجة اليمينية العاتية التى أوصلت أكثر الأحزاب تطرفاً وأكثر الشخصيات توحشاً إلى سدة الحكم فى بلاد كثيرة مثل العصابة الحاكمة فى إسرائيل، وفرقة الزلنطحية المحيطين بالسيد دونالد ترامب الأب الروحى للشعبويين جميعاً. لكن كان الظن أن يحكم هؤلاء من خلال السياسة، ففوجئنا أنهم يتجاهلون السياسة ويركلون قرنين من الزمان ترسخت فيهم أصول الحكم الرشيد ومدارسه المختلفة. لكن يبدو أن الرهان على اليمين المتطرف يقود حتماً إلى مثل هذه النتائج حتى لو تأخرت قليلاً.

والحقيقة أنه عند تأمل العالم والجماعات البشرية التى تسكن الأرض نجد أن غياب اليمين المتطرف عن الحكم هو الذى يستدعى الدهشة، ذلك أن معظم الناس بصرف النظر عن الجنس والدين والعرق تنتمى لهذا اليمين بشكل أو بآخر. تنتمى إليه حتى لو لم تنتظم فى جماعة أو عصابة أو حزب لأن الأمر لا يحتاج سوى للإيمان بأن البشر غير متساوين ولا يصح أن يكونوا كذلك. الأفكار الليبرالية المتعلقة بالحرية والأفكار اليسارية المنادية بالعدل لن تصمد أمام موعظة أو خطبة تقنع جماعة بأنهم شعب الله المختار أو خير أمة أخرجت للناس. مثل هذه الأفكار تلقى صدى عند العوام، فإذا كان المناضل اليسارى يحدث الناس عن المساواة والعدل، فإن هذا بالضبط ما لا يريده عموم الناخبين.. هم يريدون الاستئثار بالخيرات دون غيرهم، فإن حدثتهم عن المهاجرين الذين يأخذون فرصهم فى العمل فإنهم سيسيرون خلفك وليذهب المهاجرون للجحيم! مثل هذه الأفكار التمييزية ستجدها عند الأمريكى الأبيض، تجدها كذلك عند الأوروبى الذى زعم أنه يتحمل عبء تحديث وتمدين البشر الأقل قيمة فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ولعل الرفاق الذين قاموا بالثورة البلشفية قد أخذوا موقفاً عنيفاً من الديمقراطية لإدراكهم بأن الناس إذا خيروا فلن يختاروا أصحاب الأفكار النبيلة، لكن سيختارون الشعبويين الذين لا يغلفون عدوانيتهم بغطاء إنسانى وإنما يُسمعون المتعصب ما يحب سماعه. والمفارقة أن اليمين الغربى الذى دحر الشيوعية يشيع أنه انتصر لأن أفكار المساواة فاسدة بطبعها ولا يقول إن الشيوعية انهزمت لأنها تنكرت للشيوعية!. هذا ولا يقتصر الانتماء اليمينى المتطرف على المستعمرين وجمهورهم، إنما للغرابة فإن الأفكار التمييزية تجدها أشد وضوحاً فى بلاد العرب والمسلمين حيث يؤمن الناس بأن التمييز بين البشر هو أمر ربانى! لذا تجدهم لا يتورعون عن ظلم المختلف عنهم أو مباركة هذا الظلم، كما تجدهم قد يبررون النهب والاحتكار بأن الله لو أراد أن يكون الناس متساوين لما خلقهم متفاوتين فى الرزق، لهذا يتقبلون فكرة العيش فى حياة غير عادلة لأن هذا هو حُكم السماء! أما عن مسألة معاقبة المختلف واضطهاده فحدث ولا حرج، وفى بعض البلدان قد تضطر الأقلية الدينية إلى لعب كرة القدم فى ساحات دور العبادة لعدم استطاعتهم اللعب فى الأندية القائمة! لهذا كله فإن الأمر لا يحتاج إلى أحزاب لتحتوى اليمين المتطرف لأن هناك أوعية أخرى تحتويهم مثل النادى والمسجد والكنيسة والإذاعة والتليفزيون والمقهى والبيت!.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لليمين المتوحش دُر لليمين المتوحش دُر



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon