حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات

حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات؟!

حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات؟!

 لبنان اليوم -

حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات

بقلم - عريب الرنتاوي

السلطة الفلسطينية ترفض المساعدات الأمنية الأمريكية ... وسلطة الأمر الواقع في غزة، تعتذر عن تسلم المساعدة القطرية الشهرية ... السلطة تتحسب لتداعيات هذه المساعدات، وتستكثر اقتصارها على الجانب الأمني فقط، من دون المدني والاقتصادي والاجتماعي ... وحماس، تكتشف أن إسرائيل ترفع سقف شروطها وتوقعاتها، مع كل دفعة إضافية تصلها عبر الوسيط القطري، مما يتسبب لها بأشد الحرج أمام جمهورها و»مستمعي» خطابات قادتها.
السلطة الفلسطينية، أطلقت سيلاً من الشعارات الفائضة عن الحاجة، عن «الاعتماد على الذات والجماهير والجاليات» ودعم الأشقاء والأصدقاء ... وحماس تستحضر المثل العربي «تموت الحرة ولا تأكل بثدييها» ... لكأن أمور المال والاعمال والاقتصاد، يمكن أن تدار بمنطق سوق عكاظ والمعلقات الأشهر في تاريخنا ... المشهد برمته مثير للألم والسخرية، ويقترب من أن يكون مشهداً كوميدياً من النوع الأسود الداكن.
لن تبق السلطة في رام الله سلطة، من دون أجهزتها الأمنية، ومن دون «التنسيق الأمني»، تلكم حقيقة يدركها القاصي والداني، وأكثر من يدركها هي السلطة ذاتها ... لكن السلطة تراهن على «نظرية الأمن الإسرائيلي» وحاجة إسرائيل للتنسيق الأمني لحماية احتلالها ومستوطناتها، وهي لذلك تدرك تماماً بأن إسرائيل لن تدع أجهزة السلطة الأمنية تنهار، حتى وإن تطلب الأمر تمويلها من حسابات «السي أي إيه» السرية، أو من أي مصدر آخر، بعيداً عن عيون الكونغرس وقيوده ... يبدو الموقف الرسمي للسلطة أقرب «للحرد» منه إلى إعلان التحول عن الاستراتيجية البائدة، والتأسيس لمرحلة استراتيجية جديدة في النضال الوطني الفلسطيني.
الشيء ذاته، وبالقدر ذاته، ينطبق على حماس ... فإما التهدئة، ومعها خمسة عشر مليون دولار شهرياً، وإما تصعيد الموقف على خطوط التماس، وتحويل مسيرات العودة السلمية المنضبطة لقواعد التهدئة إلى حالة اشتباك وشلال دم ... حماس تراهن على حاجة إسرائيل للتهدئة، وتعوّل على حاجة مصر لها كذلك ... ولذلك يبدو استنكافها عن قبول الدفعة القطرية الثالثة، نوعاً من «الحرد»... والحرد في حالتي غزة ورام الله، يذكر بسلوك الطفل الذي يمتنع عن الطعام لمعاقبة أبويه لعدم تلبيتهما طلباً أو رغبة، لا أكثر ولا أكثر.
كنّا سنكون أشد حماسة لهذه الإجراءات الصادرة عن غزة ورام الله، والتي صدف أنها جاءت متزامنة، لو أنها تعكس حالة من «عودة الروح» أو «عودة الوعي» بانسداد آفاق الخيارات المتبعة منذ سنوات، بل وعقود طوال ... ولو أنها جاءت كحلقة في سلسلة من المراجعات، تفضي إلى استعادة الوحدة وانتهاج طرق بديلة عن الخيارات التي أوصلت المشروع الفلسطيني إلى المأزق ... لكن شيئاً كهذا لم يحدث، فجاءت قرارات الاستنكاف والتمنع عن تسلم أموال المساعدات، باعثة لكل مشاعر الرثاء والأسف لحالنا.
وفي ظني أن كلا الطرفين، ما كان له أن يذهب حتى نهاية الشوط في «التمرد» على المنح المالية، لولا قناعته التامة، بأن الأمر لن يستمر طويلاً، وأن ترتيبات جديدة ستحل محل الترتيبات القديمة ... وأن شروط تسلم هذه المنح من جديد، ربما تكون أفضل قليلاً وأقل تسبباً للحرج وإثارة للمخاوف، والأيام بيننا.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات حين يزهد الفلسطينيون بالمساعدات



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 11:59 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

يتحدث هذا اليوم عن مغازلة في محيط عملك

GMT 20:21 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 14:39 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:04 2023 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

خبير طبي يؤكد أن التدفئة مهمة جدًا للأطفال الخدج

GMT 11:33 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تنعم بحس الإدراك وسرعة البديهة

GMT 04:58 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

أفكار متنوعة لترتيب وسائد السرير

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 19:17 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

التيشيرت الأبيض يساعدك على تجديد إطلالاتك

GMT 19:02 2021 الثلاثاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

النجمة يخرج العهد من كأس لبنان

GMT 18:52 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

الجامعة اللبنانية وزعت نبذة عن رئيسها الجديد بسام بدران

GMT 15:33 2021 الإثنين ,05 تموز / يوليو

46 حالة جديدة من متحوّر “دلتا” في لبنان

GMT 18:30 2021 الثلاثاء ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مالك مكتبي يعود بموسم جديد من "أحمر بالخط العريض"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon