حبيبي عمار الشريعي

حبيبي.. عمار الشريعي

حبيبي.. عمار الشريعي

 لبنان اليوم -

حبيبي عمار الشريعي

عماد الدين أديب
رحل موسيقار النغم، أخي، وصديقي الحبيب، عمار الشريعي. أكثر من 30 عاما تربطني بهذا الإنسان النادر محبة وصداقة وتواصل. عرف الألم طريقه إلى جسد عمار الشريعي منذ خروجه طفلا رضيعا إلى الحياة، وكأنه اختبار وابتلاء من السماء لهذا الكائن المرهف الحس، خفيف الظل، طيب القلب، واسع المعرفة. كف بصر عمار منذ الطفولة، واكتشفت أسرته عند بلوغه سن المراهقة أن لديه عيبا خلقيا في سعة شرايينه الدموية الضيقة بشكل لا يؤدي إلى الانسياب الطبيعي والمعتاد إلى مضخة القلب وبالعكس. درس عمار اللغة الإنجليزية في كلية الآداب وتفوق فيها، وعلم نفسه بنفسه الكثير من المعارف بطريقة «بريل» للقراءة الخاصة بالمكفوفين. كان عمار الشريعي موسوعة ثقافية متنقلة، دائم المتابعة للجديد من الكتب والألحان والبرامج الإذاعية وأيضا برامج التلفزيون والأفلام. لم يمنعه كف البصر عن «الرؤية». كانت لديه بصيرة مائة مبصر، إلى حد أن موهبته الفطرية في «الإحساس العبقري الاستثنائي» الذي ولد به جعلته يقوم بتأليف موسيقى تصويرية لعشرات الأفلام، بل ويقوم بتحليلها على الشاشة واصفا ارتباط الحركة بالموسيقى! عشق عمار الإلكترونيات، وقام بتأسيس استوديو تسجيل موسيقي من أفضل وأهم الاستوديوهات في مصر والعالم العربي. والمذهل أنه كان يتقن إصلاح أعطاب الأجهزة الدقيقة فيه بنفسه، وكان يعرف مكان كل شريحة إلكترونية وكل «مسمار وصامولة»! رافق «العود» حضن عمار الشريعي، أو أستطيع أن أؤكد كمستمع ومتابع أن الراحل العظيم كان من قلة تعد على أصابع اليد الواحدة من الذين يرتقون إلى وصفهم بالعازف المبدع على هذه الآلة العظيمة. تعب قلب عمار من الجراحات المتعددة، ومن هموم الحياة، ومن الحزن على فراق الأصدقاء، ومن الألم على ما تمر به محبوبته الأولى مصر. خرج عمار إلى شوارع القاهرة وميدان التحرير سائرا غاضبا شاهرا صرخات غضبه في 25 يناير (كانون الثاني) 2011، ورغم نصائح الأطباء له بعدم الانفعال والحركة فإنه فعل. عاش عمار أسابيعه الأخيرة ينتظر أمر الله بعدما أحس بأن علاجه ليس في مصر أو خارجها، وأنه لم يبق سنتيمتر في جسده لم يتناوله مشرط الجراحة. رحل عمار الشريعي عنا وهو لم يتجاوز الـ65 عاما، تاركا زوجته ميرفت ووحيده مراد أمانة في يد الله والوطن والأصدقاء. رحل عمار وهو يحلم بمصر التي ثارت على الظلم فجاءت بظلم أكبر. نقلاً عن جريدة "الشرق الأوسط"
lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حبيبي عمار الشريعي حبيبي عمار الشريعي



GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

“حكومة التعريفة” ولغز النفط وتسعير مشتقاته

GMT 21:11 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

فستان الرَّئيس «السَّابق»

GMT 21:10 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:09 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

ذاكرة شفوية منقوشة في جدار الزمن

GMT 21:08 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قانون «الفجوة» ومرتكبو الجرائم المالية!

GMT 21:07 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

أهداف إسرائيل وحسابات سوريا الجديدة

GMT 21:06 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تعقيدات المفاوضات الأوكرانية

GMT 21:05 2025 الثلاثاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

تغيير الخطاب وتعديل المسار

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 21:44 2017 الأحد ,10 أيلول / سبتمبر

كيف تتحكمين في صرخات طفلك المحرجة؟

GMT 22:16 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الدلو الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ألوان الموضة لخريف وشتاء 2026 توازن بين الأصالة والابتكار

GMT 14:56 2023 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

الطبابة في حوض الفولغا

GMT 09:27 2015 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

موقع صحيفة "الحياة" يتعرض إلى القرصنة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon