تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة

تسوية «غزة أولاً»... ثم المنطقة

تسوية «غزة أولاً»... ثم المنطقة

 لبنان اليوم -

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

استبق ياسر عرفات، إشهار «اتفاق غزة-أريحا»، ثم التوقيع عليه في القاهرة (4-5-1994)، فراح يمهد الطريق له بإطلاق عبارة «أريحا أولاً». سبب ذلك أن أحاديث وراء الكواليس، التي سبقت التوصل لاتفاق أوسلو (13-9-1993)، كانت تدور حول اقتصار تطبيق الحكم الذاتي على منطقة أريحا، بقصد ملاحظة هل سيتمكن أبو عمار من إحكام قبضة سلطته في تلك المنطقة أولاً، قبل الإقدام على توسيع دائرة نفوذها لتشمل قطاع غزة، ثم باقي مناطق الضفة الغربية. مبتسماً، كان أبو عمار، سيد التكتيك الفلسطيني بلا منازع، يردد أمام كاميرات الإعلام ما مضمونه أن الرجل أقام دولة في منطقة الفاكهاني ببيروت، فما المانع أن يُجرَّب أسلوبه في أريحا أولاً.

قياساً على مقولة «أريحا أولاً»، ربما يمكن القول إن تسوية قطاع غزة، بذريعة الرد على «طوفان الأقصى»، صارت المبرر القابل لأن يُسوَّق للعواصم المتحالفة مع تل أبيب أولاً، وللرأي العام العالمي ثانياً. المقصود بالتسوية هنا هو تسوية مدن القطاع بالتراب تماماً، بمعنى «FLATTENING IT»، حتى تصبح صعيداً جُرُزاً، ثم تُقطع أوصالها فتمسي جُزراً متناثرة. التعبير ليس من عندي، بل ردده غير مراقب ومتابع عن كثب لما وقع في القطاع من قصف ممنهج، وتدمير متواصل للمباني والأبراج. من هؤلاء، مثلاً، الصحافي والكاتب الأميركي كريس هيدجز، الذي نشر في الثالث من الشهر الحالي تقريراً تضمن ما خلاصته التالي: «عندما يقول غلاة المتطرفين الصهاينة إنهم يريدون مسح غزة عن سطح الأرض صدقوهم». وهناك أيضاً جوديث بتلر، اليهودية الأميركية، التي تُعد بين أبرز الفلاسفة المعاصرين، والتي حذرت في مقابلة مع «ديموكراسي ناو» من وجود «مخططات تهجير إسرائيلية للسكان ومسح غزة بأكملها»، وفقاً لما أورد موقع «بي بي سي» العربي.

حسناً، إذا تحقق ما سبق، عندئذ يمكن تصوّر أن يتوقف إطلاق النار، ويصمت دوي المدافع، ثم تُشرع النوافذ، وتُمهد الطريق، فتفتح الأبواب على مصاريعها لكي تولد تسوية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، ومعه العربي طبعاً. تسوية من نوع التسويات السياسية الحاسم بشكل نهائي -كما في المصطلح الغربي «Once And For All»، على غرار اتفاق وقف الحرب العالمية الأولى (11-11-1918)، المحتفى به يوم الأحد الماضي. الأرجح أن تسوية كهذه لن يقف أمامها عائق يمكنه إحباطها، وسوف تسمح بإعادة رسم خرائط منطقة شرق أوسط جديدة، كما تراها أطراف دولية تقبض على مفاتيح اتخاذ القرار الدولي. بالطبع، كي يكتمل المشهد لحظة العرض أمام الجماهير، سوف تؤخذ في الاعتبار بضع نقاط قيل إنها «شروط» بعض الأطراف لإتمام الصفقة، فيما يدرك كثيرون أنها فقط تريد إنقاذ ماء الوجه. ساعتها، سوف تُطلق إشارات الانطلاق في إعادة إعمار قطاع غزة، ويبدأ إنفاق مليارات، كي تنهض العمارات، من جديد، وتخضر الحدائق، كما لو أنها لم تُحرق أساساً.

واضح أن مخططاً ما سبق الذي وقع مساء السابع من الشهر الماضي. والأرجح أن خللاً ما أوقع ارتباكاً في التفاصيل والعواقب. سوف يمضي وقت طويل جداً قبل أن تتضح حقائق كاشفة لأسرار مخيفة لم تزل وراء الستار. يبقى القول إن مفاجأة التعديل الوزاري في حكومة ريشي سوناك الاثنين الماضي، ليست بعيدة كثيراً عن هذا السياق. المفاجأة الكبرى هي تعيين ديفيد كاميرون في موقع وزير الخارجية. صحيح أن قبول رئيس وزراء سابق منصب وزير في حكومة لاحقة ليس غريباً على الديمقراطيات الغربية عموماً، لكن تسلم كاميرون حقيبة الخارجية تحديداً، وهو الخبير في المنطقة العربية عموماً، وفي هذه المرحلة غير العادية إطلاقاً، ينبئ بأكثر من تطور مهم مقبل. عما قريب يتضح الجواب عن أكثر من سؤال، أو الأصح أن هذا هو الذي نأمل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة تسوية «غزة أولاً» ثم المنطقة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 17:52 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

دواء جديد يوقف تطور مرض ألزهايمر في مراحله المبكرة
 لبنان اليوم - دواء جديد يوقف تطور مرض ألزهايمر في مراحله المبكرة

GMT 12:50 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:49 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

من المستحسن أن تحرص على تنفيذ مخطّطاتك

GMT 22:30 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 22:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:17 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 21:05 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 05:03 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفكار بسيطة في الديكور لجلسات خارجية جذّابة

GMT 19:23 2021 الجمعة ,16 تموز / يوليو

حريق كبير في بينو العكارية اللبنانية

GMT 13:08 2019 الإثنين ,04 شباط / فبراير

أمير منطقة الرياض يرأس جلسة مجلس المنطقة

GMT 02:47 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على طريقة إعداد وتحضير حلى التوفي البارد

GMT 11:29 2012 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

ضرائب متراكمة على النجمة باميلا أندرسون

GMT 13:54 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

المحرق ينظم مهرجانه الخامس عشر بمناسبة الأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon