ترهات أم مخاوف مشروعة

ترهات أم مخاوف مشروعة

ترهات أم مخاوف مشروعة

 لبنان اليوم -

ترهات أم مخاوف مشروعة

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

يبدو أن إصدار الرئيس مراسم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، لم يضع حداً للمخاوف بشأن إمكانية إجرائها كلها في المواعيد المحددة. ليس ذلك وحسب بل إن صدور المراسم أنعش جملة من الأسئلة العميقة، بشأن الآليات والقضايا الإجرائية والقانونية والتحالفات، ومدى الالتزام بالنتائج، وعلاقة كل ذلك بالمصالحة، واستعادة الوحدة، وطبيعة الإجراءات العملية، ذات العلاقة بالاندماج في النظام السياسي، والتغييرات المرتقبة في ضوء ذلك خصوصاً على الخارطة الحزبية.

الحذر طبيعي، نظراً لطول فترة الانقسام، والدوافع التي تقف خلف هذا التطور الذي ينتظره الفلسطينيون منذ زمن، من الواضح أن لا أحد يملك أجوبة قاطعة عن عديد الأسئلة، ولذلك نتعمد استخدام كلمة إذا التي ترمز إلى غياب اليقين.

المخاوف كبيرة ومتعددة لكنني في هذه المقالة سأتناول واحدة من أبرز تلك المخاوف والتي تتصل بمستقبل ودور حركة فتح، الحركة الأكبر تاريخياً والتي أطلقت الرصاصة الأولى وتحمّلت المسؤولية الأساسية عن قيادة منظمة التحرير والنضال الوطني الفلسطيني لعقود طويلة، من حيث المبدأ من غير الممكن أن تحصل حماس أو فتح على ما حصلت عليه خلال الانتخابات السابقة.

خلال الانتخابات الأولى هيمنت حركة فتح على عضوية المجلس التشريعي، وما كان في ذلك الحين، لأي فصيل أن يتجاوزها حتى لو أن الفصائل شاركت في تلك الانتخابات، وهي عملياً قاطعتها ما جعل المجال مفتوحاً بكامله أمام حركة فتح.

خلال الانتخابات الثانية التي جرت مطلع العام 2006، شاركت الفصائل الفاعلة في الداخل الفلسطيني ما عدا حركة الجهاد الإسلامي التي تلتزم موقفاً مبدئياً إزاء المشاركة في النظام الذي نتج عن اتفاقية أوسلو.

في تلك الانتخابات فازت حركة حماس بأغلبية كبيرة تمكنها من اتخاذ قرارات دون الحاجة لتحالفات مع كتل أخرى وكان ذلك لأسباب نراها كما يأتي:
أولاً: انقسام حركة فتح في الانتخابات، وخروج العديد من كوادرها عن القرار المركزي ما مكن حركة حماس من حصد معظم مرشحي الدوائر وفق النظام الانتخابي المختلط بين القوائم والدوائر الذي كان معمولاً به آنذاك.

المحصلة كانت تشير إلى مأساة، فلقد حصلت حركة فتح على مجموع أصوات شعبية يفوق ما حصلت عليه حركة حماس، فلقد أثرت سلبياً مشاركة أكثر من مرشح لحركة فتح في دائرة واحدة، يكونون قد حصلوا على مجموع أصوات أكثر من مرشح حماس، لكن الأخير هو الذي فاز بميدالية الذهب.

ثانياً: لقد أعلت حماس ثمن الدم الذي دفعته خلال انتفاضة الأقصى ومساهمتها الفاعلة جداً في العمليات ضد الاحتلال. معلوم أن كتائب الأقصى، أظهرت هي الأخرى قوتها، ودفعت الكثير من الدم الغالي، غير أن الفرق، يتصل بالأفق السياسي المختلف لكل منهما، خصوصاً في ضوء الفشل المبكر لمشروع أوسلو، وبعد الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة والخطاب الذي يعيد السبب إلى المقاومة، ما أنشأ الظروف لوقوع الانقسام لاحقاً، وفي سياق رؤية إسرائيلية للفصل بين غزة والضفة.

لقد تحمّلت حركة فتح وحدها، وكل من هو محسوب عليها حتى من أذرع المقاومة المسلحة آنذاك، المسؤولية عن فشل أوسلو، وما نجم عن ذلك من تداعيات.

تختلف الظروف اليوم فإذا كانت حركة فتح تتحمل المسؤولية عن فشل أوسلو، وعن تبعات مسؤوليتها عن السلطة، فإن حركة حماس هي الأخرى تتحمل المسؤولية عن إدارة السلطة في قطاع غزة، وعدم نجاح مشروع المقاومة. فضلاً عن مسؤوليتها إزاء الانقسام الذي وقع بعد عام واحد من الانتخابات.

وتختلف الظروف اليوم، بعد إقرار نظام انتخابي مختلف، وهو النظام النسبي الكامل، الذي يعطي لكل قائمة ما تستحقه فعلاً من خلال صناديق الاقتراع، وبما يمنع أي كتلة أو قائمة من الحصول على أغلبية مقاعد المجلس التشريعي.

المشكلة الآن تتعلق بحركة فتح، التي تعاني كما الآخرين جميعاً من تراجع شعبيتها، بعد فقدان ثقة الجماهير بالفصائل عموماً وبكل السلطات، لكن الأهم هو ما تعانيه الحركة من خلافات وانقسامات خطيرة.

ربما لذلك علينا أن نصدق الشكوك التي تتعلق بإمكانية اتفاق حركتي حماس وفتح على الترشح ضمن قائمة مشتركة، خاصة بعد أن يبادر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الدكتور ناصر القدوة، إلى إصدار بيان علني يعبر من خلاله عن رفضه لمثل هذه القائمة ولأسباب ذكرها في البيان.

ما يشير إلى إمكانية وجود اتفاق من هذا النوع بين الحركتين، بالإضافة إلى ما ذكره القدوة في بيانه، هو ما نلاحظه من تجاهل لواقع حركة فتح، وما تعاني منه.
حركة فتح معروفة بتركيبتها، وقدرتها على احتواء خلافات في صفوفها غير أن تجربة الانتخابات البلدية في الضفة تشير إلى مدى خطورة تلك الخلافات، على أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الحركة تعاني من انقسام خطير في صفوفها بين التيار المركزي، والتيار الذي يقوده القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان.

والمسألة تجاوزت البعد الشخصي، ولا يمكن تجاهل أن هذا التيار يستند إلى قاعدة، وينافس على أصوات حركة فتح.
وأخيراً، ثمة ما يدعو للقلق، إزاء موقف أعضاء الحركة في حال شاركت مع «حماس» ضمن قائمة واحدة، والمخاوف ذاتها تمتد إلى قواعد ومناصري حماس، خصوصاً بعد كل ما تعرضت له قواعد وكوادر الحركتين خلال مرحلة الانقسام من استخدام للعنف ضد بعضهما البعض. هكذا يجب على قيادة «فتح» أن تفكر ملياً في النتائج المرتقبة إذا استمر الوضع على حاله.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترهات أم مخاوف مشروعة ترهات أم مخاوف مشروعة



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 15:48 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 09:49 2022 الجمعة ,11 آذار/ مارس

عطور تُناسب عروس موسم ربيع وصيف 2022

GMT 16:41 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لتناول غذاء صحي ومتوازن في أماكن العمل

GMT 03:47 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

تأجيل الاتفاق على الرقابة المصرفية لمنطقة اليورو

GMT 05:56 2012 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وزير الداخلية الأردني: سنعالج ملف العمالة الوافدة كلها

GMT 08:55 2019 الأحد ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد الفحم للشعر وطريقة عمل قناع منه

GMT 00:39 2019 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

نتائج مثيرة لما بحث عنه مستخدمو الإنترنت على "غوغل" في 2019

GMT 10:01 2022 الأربعاء ,13 إبريل / نيسان

أفكار في الديكور للجلسات الخارجّية الشتويّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon