تسامح الإمارات وتسامح «فولتير»

تسامح الإمارات وتسامح «فولتير»

تسامح الإمارات وتسامح «فولتير»

 لبنان اليوم -

تسامح الإمارات وتسامح «فولتير»

بقلم: عبدالله بن بجاد العتيبي

التغيرات الجارية في منطقة الشرق الأوسط بالغة الأهمية والتأثير على المنطقة والعالم، فزيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة وعقده لاجتماع قمة مجموعة «I2U2» الرباعية التي تجمع أميركا وإسرائيل والإمارات والهند، ثم زيارته التاريخية للسعودية وقمة «جدة للأمن والتنمية» مع دول الخليج ومصر والعراق والأردن، كل هذه التغييرات هي نتيجة لرؤى شاملةٍ وخياراتٍ واقعية اتخذتها قيادات المنطقة وشركائها حول العالم عبر سنواتٍ وصولاً إلى هذه اللحظة.

فرنسا هي إحدى الدول العظمى في العالم، والشراكة مع الكبار نجاحٌ، وفي الخليج العربي هناك علاقات مميزة مع فرنسا، سياسياً واقتصادياً وثقافياً وعسكرياً، وموقفها من «أزمة الخليج الثانية» واحتلال العراق للكويت كان واضحاً وموقفها ضد الإرهاب متوافق مع دول الخليج، وهي تسعى لتعزيز هذه العلاقات والشراكات، ودولة دولة الإمارات العربية المتحدة تحتفظ لنفسها بعلاقاتٍ أكثر تميزاً وشراكاتٍ أوسع وأكبر في مجالات متعددة وعلى مستويات أعمق مع فرنسا منذ عهد الشيخ زايد وإلى اليوم.
فرنسا الواقع تختلف عن فرنسا التاريخ، وعلاقات الدول ومصالحها، لا تنسى التاريخ ولكنّها لا ترتهن له، والدول كالأشخاص محكومة بالتغير والتطور، وليس لفرنسا الاستعمارية عداوات مع دول الخليج العربي حكوماتٍ وشعوب، وإن كان لها ذلك مع بعض دول الشام والمغرب العربي، فقد تجاوزت كل هذه الدول تلك المراحل القديمة وبنت علاقاتٍ مميزة مع فرنسا.
تسامح «فولتير» و«تنوير» فرنسا وفلاسفتها إرثٌ إنسانيٌ مشترك، وأقوى شركاء فرنسا في الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط اليوم هي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ترفع «التسامح» شعاراً وتجعل له وزارة وهيئاتٍ حكومية ترعاه وتنشره، ومع عدم خلط السياقات الحضارية للدول والشعوب إلا أن «التسامح» مبدأ، ومن هنا جاءت الشراكة بين فرنسا والإمارات واضحةً، تعليمياً في «جامعة السوربون أبوظبي» وثقافياً في «متحف اللوفر أبوظبي». الدول العاقلة والحية تختار واقعها وتبني مستقبلها، وتنحاز لما يخدم مصالحها ومصالح شعوبها.
هذا الاستعراض الموجز لجوانب ذلك الإرث له دافع واقعيٌ، وهو أن «جماعات الإسلام السياسي» تتهجم دائماً على فرنسا وقد ورثت عن بعض التيارات القومية بغضاً لفرنسا يستفاد منه في «رص صفوف» التنظيمات و«حشد الجماهير» و«التوظيف السياسي» وما استمرار دعوات «مقاطعة فرنسا» إلا سباحة عكس تيار الواقع الحالي ورفض للتطور الطبيعي للدول ومصالحها ومصالح شعوبها، وقد شبت شعوب دول الخليج العربي عن الطوق ولم تعد تكترث لمثل هذا الطرح.
دول الخليج العربي اليوم هي مركز الثقل العربي الحقيقي وتحديداً في السعودية والإمارات ويمكن رصد ذلك على كافة المستويات وبناء علاقاتٍ متوازنة مع كل دول العالم والدول العظمى فيه هو خيار سياسي واعٍ يدعم الاستقرار والأمن والتنمية والسلام وهو ما يستطيع القارئ رصده في العلاقات مع أميركا ومع الصين وروسيا في نفس الوقت.
أخيراً، فزيارة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لفرنسا تأتي امتداداً لتاريخ دولة الإمارات ونهجها السياسي وتطلعاتها المستقبلية، وهي تعزيز وتطوير لشراكة مميزةٍ وعميقة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تسامح الإمارات وتسامح «فولتير» تسامح الإمارات وتسامح «فولتير»



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة

GMT 00:19 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

فوائد حب الرشاد للشعر وطرق تحضير خلطات منه

GMT 18:56 2022 الإثنين ,03 كانون الثاني / يناير

متزلجو لبنان يستعدون لأولمبياد الصين الشتوي

GMT 06:49 2017 الجمعة ,13 كانون الثاني / يناير

تعرف علي توقعات درجات الحرارة المتوقعة في مصر الخميس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon