في الطريق نحو المثالثة

في الطريق نحو المثالثة

في الطريق نحو المثالثة

 لبنان اليوم -

في الطريق نحو المثالثة

جوني منير
بقلم : جوني منير

يردّد ديبلوماسي فرنسي بشيء من الغضب، انّ لبنان هو البلد الوحيد في العالم الذي مرّ بزلزال 17 تشرين وبركان 4 آب، ورغم ذلك تتصرّف الطبقة السياسية الحاكمة وكأنّ شيئاً لم يحصل، وتكمل في ادائها السياسي السيئ نفسه، ومن دون النظر الى من حولها.

يرجح الديبلوماسي الفرنسي نفسه، أن يوجّه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون رسائل اكثر وضوحاً وحدّة من تلك التي وجّهها خلال زيارته السابقة. واقترح عليه البعض ان يختصر برنامج زيارته الى لبنان، كإشارة غاضبة الى طريقة تعاطي الطبقة السياسية الحاكمة. وجاء قرار الرئيس سعد الحريري بسحب اسمه من بورصة المرشحين لتولّي رئاسة الحكومة المقبلة، لتزيد من ضبابية المشهد ولتفاقم من حدّته.

قبل خطوة الحريري كان المشهد مقفلاً، ورغم التسريبات الاعلامية بقرب تحديد القصر الجمهوري لموعد الاستشارات النيابية الملزمة، الّا أنّ القوى السياسية كانت على اقتناع بأنّ هذه التسريبات تدخل في اطار تهدئة الخواطر اكثر منه في اطار القرار الجدّي.

ذلك أنّ رؤساء الحكومة السابقين كانوا قد عقدوا العزم على الاجتماع تحت عباءة دار الفتوى، بالاضافة الى شخصيات في الطائفة السنّية، والبدء بحركة اعتراض تصاعدية عنوانها «تجاوز الصلاحيات» وتهميش الطائفة السنّية.

وكانت «حرب المناورات» تأخذ مداها في هذه الاثناء. الحريري يرفض الدخول في اي تسوية مسبقة هدفها عودة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى الحكومة، خصوصاً انّ الرئيس نبيه بري سمع من باسيل خلال آخر لقاء، أنّه يريد وزارة الخارجية لإعادة تحسين علاقات لبنان الدولية، اضافة الى وزارة الطاقة لاستكمال خطة الكهرباء التي بدأها.وعلّق بري قائلاً: «انتم تعيشون في عالم آخر». وحاول بري توجيه نصيحة للحريري بأن يزور القصر الجمهوري ويبلغ الى الرئيس ميشال عون موقفه، لكن الحريري رفض الفكرة.

وكان الحريري متفقاً في تقييمه مع بري و»حزب الله»، بأنّ رفض رئيس الجمهورية له هو في اطار الضغط عليه لكي يقبل بعودة باسيل الى الحكومة وبالشروط التي يطلبها، أي وزارتي الخارجية والطاقة. وبمعنى آخر، اعادة تجديد التسوية بين «المستقبل» و»التيار الوطني الحر»، والتي انتجت وصول عون الى قصر بعبدا وعودة الحريري الى السرايا الحكومية.

لكنّ الحريري لم يقطع الطريق نهائياً على عودته الى رئاسة الحكومة، شرط القبول بشروطه بإطلاق يده في تشكيل الحكومة، وعدا ذلك لا عودة. ذلك انّ الحريري تلقّى خلال الأيام الماضية رسالة من السعودية مفادها: «اذا كنت ستشكّل حكومة خالية من الأحزاب ومن تأثيرات «التيار الوطني والحر» و»حزب الله» فنحن عندها سندعمك. اما الذهاب الى حكومة محاصصة تشبه حكومة حسان دياب، فسنعاملك كما عاملنا حسان دياب، يعني سنقاطعك». وتلا ذلك «نصائح» خارجية للحريري، عززتها قراءة وليد جنبلاط للوضع، والتي تقضي باعتذار الحريري وابتعاده عن المشهد، لإفساح المجال امام تسمية نواف سلام. وهذا ما حصل.

ووفق هذه الحسابات تصبح تسمية سلام شبه مكتملة، مع دخول تيار «المستقبل» على الخط، اضافة الى «الاشتراكي» و»القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحر». ذلك أنّ باسيل كان ابلغ الى العاصمة الفرنسية انّه مستعد للسير بتسمية نواف سلام. لكن المشكلة في هذه الحال تصبح اكثر تعقيداً.

فالثنائي الشيعي، وخصوصاً «حزب الله»، بات يضع احتمال سير رئيس الجمهورية بخيار نواف سلام في اطار الخيار الجدّي لا المناورة. ذلك أنّ سلام، الذي كان يحظى بعلاقة لا بأس بها مع باسيل خلال توليه وزارة الخارجية، قد يشكّل وصوله الى السرايا الحكومية عاملاً مساعداً لإعادة فتح باسيل لخطوطه مع واشنطن، وبالتالي اعادة احياء دوره كمرشح لرئاسة الجمهورية.

لكن رؤية «حزب الله» لوصول سلام تختلف جذرياً عن رؤية باسيل. فالحزب يرى فيه تطويقاً لدوره على اساس خصومة سياسية وتعارض في الرؤية السياسية. أما باسيل، فيرى فيه فرصة لاستعادة علاقته مع واشنطن. وهو ما يعني مأزقاً حقيقياً امام قصر بعبدا.

والأرجح، ان يبلّغ الثنائي الشيعي رفضه المشاركة او حتى تغطية اي حكومة يترأسها نواف سلام. وبمعنى آخر، ذهاب هذا الثنائي الى خيار اثارة الشغب لاحقاً، و»شغب» «حزب الله» يختلف عن «شغب» تيار «المستقبل». صحيح انّ هذا المسار مقفل او يُنذر بالاسوأ، إلّا أنّ الخيارات الاخرى لا تبدو افضل او على الاقل ممكنة.

في الواقع، فإنّ آلية عمل الدولة اللبنانية تشهد ازمات عاصفة منذ العام 2005 تاريخ الخروج السوري من لبنان وترك القيادة للبنانيين. فمع كل استحقاق، كبيراً ام صغيراً، «يتشاطر» الأفرقاء على الدستور ونصوصه، ويتمّ وضع اجتهاد جديد. فيما جرت عملية تجميل سريعة في الدوحة في العام 2008، لكنها زادت من تعقيدات النزاعات، التي تفاقمت في السنوات الاخيرة، ومعها باتت العواصم الغربية على يقين بضرورة ذهاب لبنان الى صيغة سياسية جديدة، تؤمّن استقرار الوضع السياسي. ومن الطبيعي ان يكون «حزب الله» اكثر المتحمسين للذهاب الى طاولة حوار تنتج صيغة حكم جديدة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في الطريق نحو المثالثة في الطريق نحو المثالثة



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 18:23 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيا سبورتاج 2026 تحصد لقب "أفضل اختيار للسلامة بلاس" لعام 2025

GMT 00:03 2021 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:04 2023 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

اتيكيت مقابلة أهل العريس

GMT 19:07 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

عبير صبري تؤكد إلى أحمد مالك الأخلاق مش بتنفصل عن الفن

GMT 05:24 2013 الإثنين ,20 أيار / مايو

الجماعات الإسلامية" تشن حملة لتشوية الإعلام"

GMT 12:06 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

فيلم «شماريخ» يتصدر شباك التذاكر بـ14 مليوناً و521 ألف جنيه

GMT 12:12 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة وواشنطن تدعمان عائلات متضرري انفجار مرفأ بيروت

GMT 15:19 2020 الخميس ,29 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل فريدة ومميزة في مجموعة «كروز 2021»

GMT 15:37 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج القرد..ذكي واجتماعي ويملك حس النكتة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon